قال الله تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ *فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)، (سورة الرحمن الآية 18 23). وفي هذه الآيات القرآنية نجد ما يلي: المرجان: هذا نوع من الحلي لا يوجد إلا في البحار المالحة فقوله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) أي أن البحرين المذكورين مالحان فالآية تتكلم عن بحر يخرج منه لؤلؤ، وبحر آخر يخرج منه مرجان الأول مالح ومتى عرف الإنسان أن البحار المالحة مختلفة وليست بحراً متجانساً واحداً؟ لم يعرف هذا إلا عام 1942. وفي عام 1873 عرف الإنسان أن مناطق معينة في البحار المختلفة تختلف في تركيب المياه فيها.. عندما خرجت رحلة تشالنجر وطافت حول البحار ثلاثة أعوام. وتعد هذه الرحلة هي الحد الفاصل بين علوم البحار التقليدية القديمة المليئة بالخرافة والأساطير، وبين الأبحاث الرصينة القائمة على التحقيق والبحث. هذه السفينة هي أول هيئة علمية بينت أن البحار المالحة تختلف في تركيب مياهها من مكان لآخر. لقد أقامت محطات ثم بقياس نتائج هذه المحطات وجدوا أن البحار المالحة تختلف في درجة الحرارة والكثافة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين. وفي عام 1942 فقط ظهرت لأول مرة نتيجة أبحاث طويلة من خلال إقامة مئات المحطات البحرية في البحار، فوجدوا أن المحيط الأطلسي مثلاً لا يتكون من بحر واحد بل من بحار مختلفة، وهو محيط واحد، ولكن المحطات المختلفة بينت أن هذا بحر مالح وهذا كذلك أيضاً بحر مالح آخر.. هذا له خصائصه، وهذا له خصائصه. في إطار هذا البحر تختلف: الحرارة والكثافة والملوحة والأحياء المائية، قابلية ذوبان الأكسجين خاصة بهذه المنطقة بجميع مناطقها هذان بحران مختلفان مالحان يلتقيان في محيط واحد فضلاً عن بحرين مختلفين يلتقيان كذلك كالبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الأطلسي وخليج عدن يلتقيان أيضاً في مضايق معينة. ففي 1942 عرف لأول مرة أن هناك بحاراً كاملة يختلف بعضها عن بعض في الخصائص والصفات. ويقول علماء البحار إن أعظم وصف للبحار ومياه البحار: أنها ليست ثابتة، ليست ساكنة.. أهم شيء في البحار أنها متحركة.. فالمد والجزر والتيارات المائية والأمواج والأعاصير عوامل كثيرة جداً كلها عوامل خلط بين هذه البحار، وهنا يرد على الخاطر سؤال: فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تمتزج هذه البحار ولا تتجانس؟! درسوا ذلك فوجدوا الإجابة: أن هناك برزخاً مائياً وفاصلاً مائياً يفصل بين كل بحرين يلتقيان في مكان واحد، سواء في محيط أو في مضيق هناك برزخ وفاصل يفصل بين هذا البحر وهذا البحر.. تمكنوا من معرفة هذا الفاصل وتحديد ماهيته بماذا؟ هل بالعين؟لا .. وإنما بالقياسات الدقيقة لدرجة الملوحة ولدرجة الحرارة وتحديد الفاصل بين الماء المالح والعذب، وتحديد درجة الملوحة والكثافة، ودرجة الحرارة... والله تعالى أعلم.