بعد أن ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي وظهر على إثرها المفيد والأنيق والغث والسمين على حدٍ سواء وظهر لنا من خلالها من يدعي المعرفة ومن يدعي الثقافة وظهر لنا أبطال وهميون ومشاهير خشبيون وهم اغلبهم بائعون لكلام يرسلونه فيهذون بمواضيع مثيرة تجذب عددًا كبيرا من المتابعين. لا انتقد هنا مواقع التواصل ولا حتى مستخدميها وانا منهم ولكن مايدعو للسخرية عندما يصبح الهدف منها تدمير لكل المبادئ ويصبح الهدف منها مجرد رغاء على شاشة صغيرة فبدلاً من ان يؤدي ظهور هذه المواقع إلى الحد من الاحتقان بين ابناء المجتمع اصبحت هي من يثير الاحتقان بل ويؤصله ويجعل فيه سهولة للكذب ونقل المعلومات الزائفة والمغالطات السخيفة بل ووصلت بنا إلى السهولة في السباب والشتم، كل المواضيع المثارة في مواقع التواصل بجميع أنواعها وكل من يظنون انهم مشاهير وأبطال وحكماء لايعنون لنا شيئاً بمجرد أن نتجاهلهم ولن يقدموا او يؤخروا في اي سِجالات تافهة يخوضونها ليس لها من المنطق نصيب او دور على ارض الواقع والحياة.. وأصبح موضوع الوطنية من اكثر المواضيع الخصبه لكسب جمهور وهمي فصارت المعادلة انتقد اكثر تشتهر اكثر فتجد كل قرار حكومي حتى ولو كان واضحاً للعيان بأنه في مصلحة الوطن وجدت من يشرحه ويأوله ويحلله ويدخل في دهاليز النوايا حتى يقال انه شجاع وانتقد وانه يحب الوطن لذلك هو لا يخشى أحدا وانه يتمتع بشجاعة عنترة وانه لا يخشى في الله لومه لائم وانه بطل الوطن الأوحد الذي في نظره أن الجميع فاسدون وأن كل المسؤولين خائنون، موضوع الوطنية وحب الوطن التي اصبح الاعتقاد انها تزداد طردياً مع انتقاد كل ما يحتويه الوطن وكل مايكون فيه وكل مايقع فيه. حب الوطن ليس بالكلام الوضيع، حب الوطن ليس بالخُطب الرنانة، حب الوطن ليس بالدخول في نقاشات تولد البغضاء في ظل عدم قبول وجهة نظر الطرف الآخر وحب الوطن ليس في أن تُقزم كل مايحاول فيه وطنك النهوض للأفضل حب الوطن يبدأ بذلك المنديل الذي تنتهي منه حاجتك فلا تتوارى بأن تكلف نفسك بوضعه في القمامة وحب الوطن يبدأ من احترامك لتلك الإشارة الحمراء التي لا تكترث لها عادة ً الا عندما يكون هناك كاميرا لساهر وحب الوطن يبدأ من احترامك لذاتك قبل غيرك.. يبدأ عندما تكون شخصاً مسؤولاً فيها عن تصرفاتك تجاه وطنك.. يبدأ بقناعة أن تُعطي هذه الارض قبل أن تأخذ منها بأن تفهم معادلة الحياة بأن الزرع والتعب يأتيان قبل الحصاد والخبز. عندما تريد أن تفهم الوطنية جيداً تعال وافهم كيف تتجلى الوطنية في أشخاص مابرحنا ان نكتشف أنهم وطنيون الا بعد أن رحلوا. غازي القصيبي ذلك الأسطورة الوطنية التي لو لم نعاصرها لقلنا انها ضرب من الخيال تجلت وطنيته في محاربة البيروقراطية الإدارية حين اقتحم حصون البروقراطية الإدارية وقتلها فتعرض لتجريح واتهام بالليبرالية والتكفير والتغريب فقط لأنه عرى كل من كان يسعى للشهرة عبر المحاضرات والكلام لأنه عرى كل من كان يدعي الوطنية دونما عمل يقدمه لوطنه وبينما هو كان منهمكاً في العطاء لكي يقدم كل مايستطيع لوطنه كان غيره منهمكا في شهرة زائفة على حساب الوطن والوطنية فكانت النتيجة أنه أصبح أسطورة وهم تساقطوا امام أعيننا كأعجاز نخلٍ خاوية.. طلال مداح الذي اصبح اسم السعودية في كل مكان عبر أُغنياته التي كانت تنشر السلام والمحبة في كل مكان الذي غنى (وطني الحبيب وهل أُحب سواه) الذي جعلنا كسعوديين نفتخر بأن تلك الألحان الجميلة منبع فنان يعيش على ارضنا وينتمي لنا الأسطورة الذي تتجلى وطنيته في أن ينقل ما وهبه الله عبر فن جميل وليس عبر كلام يتشدق به فبقي لنا أسطورة وهم تساقطوا كأعجاز نخلٍ خاوية.. ناصر القصبي الذي تمسك بفنه في مرحلة صعبة مر فيها الوطن كاد الفن فيها أن يُقتل عبر ذات الأشخاص الذين حرّموا اعماله من اجل الشهرة والكلام الفارغ ذاته الذي يصلنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي اليوم فما برح الا انه استمر بالعطاء فجسد كل الشخصيات من نجد للحجاز ومن الشمال للجنوب من أجل ان يكمل المسيرة ليبقى فن التمثيل السعودي الاحترافي الصحيح باقياً للأجيال القادمة ليعبروا به إلى بر الأمان. الوطنية هي أن تبادر بالسعي في جعل وطنك الأفضل عبر تخصصك عبر وظيفتك عبر احترامك للقوانين عبر ان تكون مسؤولاً مسؤوليه كاملة عما يدور في وطنك عبر ماتشعر به تجاه وطنك بأن تكون مستعداً لبيع الغالي والنفيس من اجله.