يقول الشاعر: ماذا يعني لك «حب الوطن»؟ أن تُكنَّ له كل احترام وأبلغ تقدير! تلك أسهل الحلول الزائفة لا أن تعشق رائحة هوائه ولا أن تستظل بشجرة زيتون... خائفة لا أن تدهن يديك بترابه ثم تلطخ بما علق بهما خديك لا أن تضم بحرارة نخلة... لا علاقة لك بها... إلا أن من زرعاها تدعوهما «جديك» الحب له يكون: بأن تقوم بقصارى ما تقوم... دون رجاء أي مقابل أو ثمن... هذا يا عزيزي ما يدعى «حب الوطن» المواطنة... والوطنية، هذان المصطلحان الشائعان ينبثقان من أصل واحد، هو «الوطن». إذا حاولت العبث بقاموس، وكتبت كلمة «وطن» فإنك ستجد الترجمة الإنكليزية لها «home»، وهو ما يعني أن مفهوم الوطن عميق إلى درجة أن الوطن والمنزل والأرض الخاصة ومسقط الرأس كلها تتحد في المعنى ذاته «home». تغنى الشعراء بالوطن كثيراً، وكافح السياسيون والعسكريون على مر التاريخ من أجل الوطن. وتكاثر البشر، وأزهقت الأرواح لإعمار الوطن، أو للدفاع عنه. الوطن هو الهوية بحسب التعريف الأكثر شيوعاً. هو أيضاً ذلك الملجأ الذي لا يمكن أن تجد بديلاً له في أعماقك، لذلك استخدم الشعراء ما وراء هذه الكلمة للتعبير المتطرف عما يحبون بتشبيهه بالوطن. لكن ماذا يعني حب الوطن فعلياً؟ هذا السؤال وغيره من الأسئلة المتعلقة بالوطنية وامتداداتها طرح في هذا التحقيق الذي تفتحه «الحياة» على ثلاث حلقات. ليبقى التعريف الأهم، الوطن هو «الهوية»... لكن الهوية تمنح لمستحقها، والمنتمي إليها. إذاً فالوطنية بحاجة إلى إثبات.