أجمل الأشياء تأتي بلا سبب ولاموعد، ويزداد غموضها ومفاجآتها كلما شغلنا بانتظارها والبحث عنها، فعادة ماتكون الطرق المختصرة أقل جهدا واقصر عمرا. والإبداع بكل أشكاله حالة مفاجئة لاتنتظرها ولاتتحيّنها ولا تعيها إلا بعد اكتمالها ومرورها بكل مراحل الحضور فينا. ولعل تكرار الأحداث وسطوة الروتين تجعلنا مع مرور الوقت لا نشعر بوجودها فينا كحالة لانها تختبئ في الذاكرة الخلفية التي تشعر ولا تستشعر ما يدور حولها لأنها اعتادت على رؤيته وتعاملت معه بآلية! ومفهوم الابداع، محاولة نفسية وحياتية يحاول من خلالها أحدنا أن لايُفقد الأشياء بريقها حتى مع تكرارها، وهو المفهوم الذي لا ينتظر وقتا لكي يأتي ولا تربة خصبة لكي ينمو، محضنه الوحيد هو أن نؤمن به أولا ثم نناديه وسنجده دائما قريبًا لا يعرف التأخير ولا يسرق من أوقاتنا ونحن ننتظره كما يفعل الكسالى! بل يهدينا أجمل أوقاتنا ينقلنا من عالمنا إلى آخر أكثر جمالا من دون ان نغير موقعنا، أشكاله مختلفة وفي كل مره يقودنا الى التأمل، الى اكتشاف الأشياء التي تمر من أمامنا دون أن نراها، هو إحدى محاولات التصالح مع الحياة لجعلها أجمل. وعندما تحاول ان تكون مبدعا في كل جوانب حياتك حتى في أبسط الاشياء التي تقوم بها فهذا يعني أنك ستكون مخلصا محبا لما تفعل لا تنتظر ما يكافىء عملك سوى أن تجده ماثلا أمامك وعلى صعيد الجانب العملي في حياة الإنسان فإن بعض المهن تعتمد على الإبداع والتجديد بشكل أساسي ومستمر تعرف بصناعة الافكار ومن المفارقة العجيبة ان يكون صاحب الفكرة هو أقل الأشخاص بذلا للمجهود البدني في تنفيذها بينما يكون الأكثر وضوحا عند نجاح خط سير العمل. والإبداع في اصطلاحه العملي هو الإتيان بجديد او إعادة تقديم القديم بصورة جديدة او غريبة وعند إسقاطه على أرض الواقع سنجده اللمسة الاخيرة الأنيقة التي تعيد تشكيل الوجود بطرق جمالية .وقد لا يكون الإبداع محاطا بالاهتمام الذي يستحق أن يصل له في سقف بيئتنا المتواضعة فكريا ولكن بداخل كل شخص منا سيل من الابداع ينتظر غيثه كي يولده وعلينا أن نتذكر دائما أن الإبداع ضميرٌ غائبٌ تقديره بادر.