هل الألم يعني شقاء الإنسان وتعاسته؟ ماذا يمكن للألم أن يقدمه لنا سوى مزيد من الألم؟! سؤالان من الجيد ألاّ تجيب عنهما حتى تشاهد "نيتشه عن المعاناة Nietzsche on Hardship". وأن تقرأ أيضا بتوسع عن (فلسفة الألم) جيد أكثر؛ فربما شكل ذلك بالنسبة إليك مفاجأة مغرية لمواصلة الحياة. "نيتشه عن المعاناة" فيلم وثائقي ضمن سلسلة (الفلسفة طريقك إلى السعادة) يقدمه الكاتب والفيلسوف البروفيسور "ألين دي بوتون". يبدأ الفيلم بمقدمة بصوت "بوتون" قائلا: "جميعنا يواجه صعوبات قد تبدو مستحيلة التجاوز، جميعنا يتعرض للعثرات وحين يحصل لنا هذا غالبا ما نكون مدفوعين للاستسلام. أغلب الفلاسفة حاولوا مساعدتنا في تقليل حجم معاناتنا التي نتكبدها، قدموا النصائح لكيفية إبعاد الألم لكن فيلسوفا ذا قبضة أقوى على هذا الموضوع.. هو فريدريك نيتشه". تقوم فكرة الفيلم على أساس اختبار مقولات نيتشه عن المعاناة الذي آمن أن المعاناة والسعادة مقترنان على نحو يصعب الفصل بينهما، وأنه على من يرغب بالسعادة أن يرحب بكل أشكال المعاناة والفشل معتقدا أنه من المهم أن يعيش الإنسان نكسات حقيقية في حياته. ومن غريب ما كتبه في هذا الشأن: "لأولئك الذين يهمني شأنهم أتمنى لكم العذاب والكآبة والمرض وسوء المعاملة والإهانات، واحتقار الذات العميق، وعذاب الشك في النفس، ومسكنة المهزوم". ولاختبار قصده يذهب "بوتون" إلى إجراء مقابلات مع أصحاب المهن والهوايات الشاقة وسؤالهم عن إمكانية إحساسهم بالسعادة مقترنة بالألم ويكتشف أنه ليس في الألم ما يؤلم وأننا عبثا نحاول التحرر مما نظنه مؤذيا. "نيتشه" الفيلسوف الألماني لم تكن حياته بعيدة عن الألم إذ يمكن أن يعد الرجل المناسب للحديث عنه حيث تعرض منذ طفولته إلى مصاعب كثيرة؛ فقد أباه وهو في الخامسة من عمره ومرض عضال عانى منه طوال حياته وحب فاشل أورث في نفسه الكثير من الخيبات وانتهت حياته في مستشفى الأمراض العقلية بسبب غيرته على فتاة أحبها هي "لو أندرياس سالومي" التي رفضت الزواج منه، كتب لها ذات يوم: "اجعلي شعلتك، يا روحي، تتقد دعيني في لهيب الصراع أجد جواباً لجوهرك اللغزي دعيني أفكر وأحيا ألفاً من السنوات وأرمي فيها كل ما لديك.. كلّه. وإن لم يكن لديك من سعادة باقية تقدمينها لي فلن يكون في وسعك أن تزيدي من آلامي".