إن المتأمل لواقعنا العربي المعاصر الذي نعيشه ليجد أنه واقع عجيب وغريب فقد ظهرت به مصطلحات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب وبدأت بعض وسائل الإعلام التقليدي والجديد بصورها المختلفة تعمل على نشرها مثل مصطلح الربيع العربي ومصطلح الفوضى الخلاقة وسوف اتوقف واحلل هذين المصطلحين من خلال دراساتي وقراءاتي في هذا المجال: مصطلح الربيع العربي هو مصطلح اجنبي دموي تخريبي يعمل على تدمير قدرات الدول وتقسيمها واشاعة الفوضى بين سكانها وتقسيمهم إلى طوائف ومذاهب واحزاب. مصطلح الفوضى الخلاقة هو مصطلح اجنبي فكري تدميري خطط له غالبا بأيدي دول خارجية من سنوات وطلب تنفيذه بأيد محلية من بعض ابناء هذه الدول التي وقعت بها هذه الثورات وحددت ادوات التنفيذ المناسبة لكل دولة من الدول. ولعل المتأمل لأحداث الاضطرابات التي حدثت في البلاد العربية ليجد هذه الثورات حملت شعارات براقة تدغدغ بها مشاعر العرب وتظهر لهم ماينتظرهم من مستقبل، ولكن هذه الأحداث بعد مرور أكثر من سنتين عليها جدير بنا أن نتوقف ونتأمل نتائج هذه الثورات على البلاد التي وقعت بها: النواحي الأمنية: يعد الأمن من أهم المكتسبات السيادية والأساسية لأي دولة من الدول ولكن نشاهد أن الدول التي وقعت بها ثورات واسقطت حكامها نجد أن الأمن في اسوأ حالاته فمن خلال الإحصائيات التي نشرتها المنظمات المختصة زادت الجرائم بشكل كبير وأصبح خطف البشر وطلب الفدية لهم أمرا شبه يومي، كما أصبحت سرقة السيارات سلوكيات يومية، واصبح الناس لا يخرجون غالبا بعد مغيب الشمس، وكثرت أعمال التحرش والاعتداء الجنسي في الميادين والشوارع بشكل مستمر، وزادت اعمال البلطجة في هذه الدول التي شهدت الثورات الدموية. النواحي الاقتصادية: أكدت الدراسات المختصة أن اقتصاديات الدول التي شهدت ثورات تأثرت سلبا حيث زادت أعداد البطالة بشكل كبير، وضعفت احتياطات هذه الدول بشكل مخيف. وقل عدد السائحين، وانعكس هذا الأمر على حياة الناس بشكل سيئ، وضعف تصنيف هذه الدول عالميا واثرت على صحة الناس. النواحي التعليمية: تأثر التعليم بشكل سلبي بهذه الثورات حيث قلت ايام الدراسة في هذه الدول بسبب اعمال الشغب والفوضى وتوقفت الدراسة بشكل مستمر، وهوجمت مباني مؤسسات التعليم وخاف الناس من ارسال ابنائهم للمدارس خوفا على حياتهم مما انعكس على تسرب مجموعة كبيرة من الطلاب والطالبات من المدارس والجامعات. النواحي النفسية: ساهم سوء الأمن والضعف الاقتصادي إلى ظهور الكثير من الأمراض النفسية على أبناء هذه الدول التي وقعت ضحية لهذه الثورات وانتشرت امراض الإحباط والقلق والتوتر والخوف والرهاب الاجتماعي وضعفت الثقة بين الشعوب واصبحت معاناتهم مستمرة ومتعددة من هذه الأمراض واصيب الناس بحالات احباط كبيرة في قيمة الحياة وقيمة ماحولهم. النواحي الصحية: انتشرت الأمراض بين السكان وقلت الأدوية وتأثرت الصحة بشكل مباشر بضعف الأمن وسوء الحالة الاقتصادية وتسرب الأطباء من المستشفيات بل تم الاعتداء على بعضهم وخطف البعض. النواحي الاجتماعية: تقكك ابناء المجتمع إلى مجموعة من التيارات والخلافات وانقسم اصحاب البيت الواحد إلى حزبين او ثلاثة مما نتج عن ذلك مقاطعات وخلافات بينهم واصبح الحزب مقدما على علاقة الوطن وعلى علاقة الأخ بأخيه او والده واصبحت علاقة الفكر مقدمة على علاقة الرحم والنسب وهذا أمر محزن، وزادت الخلافات الأسرية وارتفعت نسبة الطلاق، وكثرت الاشاعات مما انعكست سلبا على علاقاتهم وعلى تواصلهم واحترامهم وتقديرهم لبعضهم البعض. النواحي السياسية: تأثرت الوحدة الوطنية لهذه الدول وظهرت الفرقة والتشرذم وانعدمت الثقة بين الناس وبين هذه الاحزاب التي تولت الحكم وتأثرت سيادة هذه الدول في وحدتها حيث نادى بعض سكان هذه الدول إلى تقسيم دولتهم إلى دويلات مصغرة فانقسم المجتمع، وتم تشكيل جيوب امنية في بعض هذه المدن والمحافظات تقوم بحفظ الامن لعدم وجود جهة اعتبارية تضبط الأمن في هذه الدول. ومن خلال عرض الآثار السابقة لهذا الخريف العربي الأسود الذي احرق كل حضارة وانجاز وتقدم في هذه الدول وعطل مصادر دخلها وزرع الفوضى في كل مدينة بها اريد أن اطرح التساؤلات التالية: ماذا جنت شعوب هذه الدول من هذه الثورات؟ وهل صبت هذه الثورات في تقدم واسعاد شعوب هذه الدول؟ وهل ادركت هذه الشعوب بأن هذه الثورات من صنع اجنبي؟ وسؤالي لشعوبنا الخليجية هل سمعنا ماقاله مواطنو هذه الدول التي وقعت بها هذه الثورات عن هذه الثورات؟ نعم لقد سمعناهم من خلال وسائل الاعلام بأن هذه الثورات رجعتهم للوراء سنوات واحرقت الأخضر ؟ الا يحق لنا الاعتبار بهذه الشعوب ونستفيد من الدروس التي مروا بها ونلتحم بقياداتنا ونعمل على بناء أوطاننا؟ انني اتعجب من مواطن او مواطنة خليجية يحمل فكرا واتجاها سلبيا ضد وطنه وشعبه؟ واستغرب اكثر عندما اسمع مواطنا خليجيا ينتمي بفكره الى قيادة خارج الوطن؟ ويحق لنا في دولنا الخليجية أن نفخر بقياداتنا وحكامنا على ماقدموه ومايقدمونه لشعوبهم من خير وتطوير واصلاح ومحبة ونشهد في كل يوم ولادة مشروع وبناء انسان وتوفير سبل العيش الرغيد لكافة أبناء الوطن، ونسعد بقرب قياداتنا منا وارتباطها بشعوبهم وحبهم لهم ونمثل البيت الواحد والجسد الواحد اذا اشتكى منهو عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. همسة: الحكيم من يستفيد من تجارب الآخرين.