يشكل الإرهاب تهديداً خطيراً للأمن الوطني والحياة للأفراد والجماعات في جميع أنحاء العالم. وتحتل ظاهرة الإرهاب جزءاً مهماً من اهتمام القانون الدولي والقانون الجنائي، وذلك لما تشكله هذه الظاهرة من ضياع للأمن وتدمير للممتلكات، وانتهاك للحرمات، وتدنيس للمقدسات، وقتل وخطف وتعذيب وتهديد لحياة الناس. كما ان الإرهابيين يلجؤون عادة إلى العنف غير القانوني او التهديد بذلك لتحقيق أهداف سياسية سواء من الحكومات او المعارضة او من الأفراد والجماعات. ولعل اهم ما يقوم به الإرهاب هو تدمير المقومات الاقتصادية والعسكرية والتعليمية وغيرها من اجل تحقيق اهداف الإرهابيين غير الأخلاقية وغير الإنسانية. ولذلك يحرص الإرهابيون على تدمير البنية التحتية من خلال الهجمات الإرهابية. وتتعدد صور الإرهاب سواء كان ارهاباً فردياً او جماعياً او سياسياً، ولعل الإرهاب الذي تمارسه قوات داعش والنصرة في سورياوالعراق، وماتمارسه قوات الحوثيين في اليمن، والقاعدة في أماكن مختلفة تشير إلى قرب انتهاء هذه الظاهرة او ضعفها اذا وقف المجتمع الدولي ضدها بالإضافة إلى دور الأفراد والجماعات في رفض هذه الظاهرة الخطيرة. ولاشك ان دور رجال الفكر والعلماء والمثقفين اكبر واقوى من دور رجال الأمن في مواجهة الإرهاب.ويتم ذلك من خلال كشف صورة الإرهاب بوضوح أمام الشباب المتحمس الذي يقع فريسة لما يسمى بالجهاد المزعوم ويجعلهم ضحية سهلة للإرهابيين المتمرسين الذين يغسلون عقولهم بأفكارهم المتطرفة التي تبيح قتل الناس دون وازع رحمة او إنسانية. ولقد تنبه لذلك الامير نايف بن عبدالعزيز - رحمة الله- عندما وصف تسلسل الإرهاب بحكمة ووضوح حيث يقول: ( يبدأ الإرهاب بتطرف فكري، ثم يتطور لتطرف فعلي، ويسنده في هذه المرحلة فكر متطرف وعليه فتبدأ المعادلة بتطرف الفكر ثم ينمو ليصبح فكراً للتطرف يؤيده ويسانده ويبرر له اقواله، ويسوغ له اعماله، ولذا اذا اردنا ان نكافح التطرف فلنكافح منابعه الفكرية والبشرية، فكم من عمليات إرهابية بدأت بأفكار عدها البعض من باب الغيرة والاحتساب، وإذا بها تتطور إلى ان تستبيح الكبائر). ان الإرهاب مكانه الفكر والرأي المتطرف ولذلك يقول احد المفكرين الأمريكيين: (ان ميدان المعركة الرئيس اليوم في العالم العربي، لم يعد في العراق وفلسطين او لبنان، وإنما في فصول الدراسة واستديوهات الأخبار. ففي تلك الأماكن يقوم مصممو "البرامج الناعمة" وينهمكون في تصميم وصنع تلك الصور واللغة الرمزية التي تمجد الفعل الإرهابي الانتحاري، وتضفي عليه شرعية هو ابعد ما يكون عنها، ومامن احد قادر على هزيمة هؤلاء الا أقرانهم من المبرمجين العرب والمسلمين). ومن اجل مواجهة ومكافحة الإرهاب لابد ان يتركز دور علماء الدين ورجال الفكر والثقافة والإعلام على توجيه إعلام معاكس للشباب يوضح ان ديننا الإسلامي وشريعتنا السمحة يحرم قتل الانسان حتى لو لم يكن مسلماً اذا كان فعلاً لا يستحق القتل.. لأن الإسلام دين السلام والرحمة والإنسانية.