هل لاحظتم مدى تعلق أبنائنا بالمطاعم السريعة والوجبات التي يتم إعدادها خارج المنزل!؟ هل لاحظتم تعلقهم بالعصيرات المصنعة والأطعمة المعلبة مقابل العصيرات الحقيقية والأطعمة الطبيعية!؟ هل لاحظتم أنهم أصبحوا يفضلون "نكهات الفواكه" على الفواكه نفسها كالتفاح والبرتقال والعنب...؟؟ ... السبب الرئيس وراء هذا التحول الخطير هو (الإدمان) وقدرة الصناعة الحديثة على تجاوز (النكهات الطبيعية)... فالدهون والسكريات ومحسنات الطعم والمنبهات الخفيفة (كالكافيين الفينيليثيامين) لها تأثير إدماني يجعلنا نقبل أو ندبر عن أطعمة معينة.. و"الإدمان" يعني اعتماد الشخص على مادة ما ليس بالضرورة مخدرة وصعوبة تخلصه منها وإصابته باضطرابات مزاجية حين يحرم منها.. أضف لهذا أن الأطعمة المصنعة (والمُعدة خارج المنزل) ترضي حاسة التذوق بطريقة يصعب على ربة البيت مجاراتها، أو اجتماعها في الأطعمة الطبيعية الطازجة... خذ كمثال وجبات المطاعم السريعة التي يتم إعدادها من قبل خبراء في التغذية يحرصون على مداعبة كافة الحواس الموجودة في الفم (الحموضة والملوحة والحلاوة وقليل من الطعم المر أو الحاذق) وبطريقة لا تجتمع في أي منتج طبيعي.. وخذ كمثال آخر أشباه العصائر التي تتضمن كميات أكبر والسكريات والمنكهات ومحسنات الطعم بل وحتى منبهات حقيقية بمستوى تعجز أي فاكهة طبيعية عن منافسته... ولأن كثيراً من الأطعمة أصبحت تتضمن موادَّ تسبب الإدمان؛ يعجز البعض عن التوقف عن تناول الشوكولاتا والقهوة والحلويات والأجبان والأطعمة المقلية ومعظم هذه الأطعمة تضم موادَّ إدمانية لا يشبة أي منها الآخر.. والأسوأ أنه ما أن يصل المدمن إلى مرحلة "تحمل المادة" حيث يحتاج دائماً إلى جرعات أكبر كون جسمه يتعود بسرعة على الجرعات السابقة وهو ما يفسر سر تعلق المراهقين بمشروبات معينة!! وسبق لي شخصياً أن قرأت تقريراً بعنوان "المأكولات الدهنية السريعة تقود إلى الإدمان" يؤكد أن المأكولات السريعة تغير نسب بعض الهورمونات في الجسم مما يقود للإدمان عليها؛ فأطعمة مثل الهامبورجر والبطاطس المقلية تضم نسبة كبيرة من الدهون التي تقاوم هرمون اللبتين المسؤول عن التحكم بشهيتنا للأطعمة. وحين يتعود الجسم على هذه المأكولات يتعود المخ بدوره على تجاهل هرمون اللبتين وبالتالي يعجز عن مقاومة هذه الأطعمة مستقبلاً!! .. أيضا هناك كتاب يدعى تخلص من إغراء الطعام (REAKING THE FOOD SEDUCTION) يحذر من الإفراط في تناول السكريات (الموجودة في أول قائمة الكربوهيدرات) ومن الأجبان (في أول قائمة البروتينات).. فحسب قول الدكتور نيل بارنر ترفع السكريات مستوى الأنسولين في الدم، الذي بدوره يرفع مستوى شهيتنا "للحلى" ويسمح لبقية الأطعمة بالتخزن كدهون.. أما الأجبان فتضم بروتينات تتحول خلال عملية الهضم الى مادة مخدرة شبيهة بالمورفين لها تأثير إدماني ضعيف وتتفاوت نسبة ظهورها حسب نوع الجبن نفسه!! ولأنني أكرة الظهور بمظهر الإنسان المثالي.. ولأنني أب مثلكم.. أعترف بصعوبة عزل جيل اليوم عن المطاعم السريعة، والأطعمة المصنعة، وأقترح بالتالي ثلاث استراتيجيات مهمة: الأولى: عدم اليأس من توعية المراهقين بهذا الموضوع (فإقناعهم أسهل دائماً من إجبارهم). والثانية: تحديد يوم واحد في الأسبوع فقط لتناول الطعام خارج المنزل (وهو مايجب أن يستغل كمكافأة).. أما الثالثة: فهي أن تتوقف أنت عن جلب الحلويات والعصائر المصنعة لأطفالك (واستبدالها بالفواكة والمكسرات) كونك بهذه الطريقة تشوه حاسة التذوق لديهم وتساهم في إدمانهم لهذا النوع من الأطعمة!! ... بعد جيلين من الآن؛ أخشى أن يرفض الأطفال حتى شرب الماء..."يييخ، تعني ذلك الذي يستعمل في تنظيف الحمامات"!!