في مصر هناك جملة شهيرة عند منتجي السينما عنوانها "افلام السبكي" هو أكثر المنتجين بمصر، كثيرون ينتقدونه ولكن غزارة انتاجه والنجوم الجدد الذين يقدمهم تشفع له نوعا ما، هنا ساستعير شهرة هذه الجملة واطبقها على عقلية سعودية رائعة في انتاج الافلام القصيرة المتخمة بالقصة والسيناريو الفخم واللغة الكتابية الجميلة، سأتحدث عن "افلام مفيد النويصر"، المنتج الملهم للطموح والاصرار بكل ما تعنيه هذه الكلمة. لماذا اخترت تحديداً الزميل مفيد النويصر للحديث عن تجربته مع الافلام المحفزة على اليوتيوب، ببساطة من خلال قراءتي لتجارب زملائه، لاحظت اننا أمام واعظين، أمام ناصحين بصورة مباشرة، أمام منتقدين بصورة حادة أحياناً، نعم، نجحت تجارب البعض، وخصوصا التي تناولت قضايا معينة من السهولة ان ينجح من يتطرق لها بأي صورة، واقصد على سبيل المثال أزمة السكن وقيادة المرأة للسيارة!. النويصر غامر كثيرا وهو يقدم لنا التجربة الثرية عندما تناول في سلسلة أفلامه "من الصفر" قصة سفيرنا في اليابان في حلقة عنوانها احترافي من الناحية الاعلامية "حفيد الامام البخاري - صانع الاحذية"، مغامرة النويصر تتركز في مدى تقبل المجتمع لمثل هذه النوعية من الافلام ذات البعد التحفيزي والإلهامي أيضاً، ففي ظل الصخب والشهرة التي يحظى بها زملاؤه في هذا المجال الذين نجح بعضهم بكسر الحواجز الحمراء أحياناً، كيف لتجربة مثل التي غامر بها أن تنجح وهي في مضمونها القريب تتناول سيرة شخصية، وفي مدلولها الاستشرافي البعيد تتناول طريقاً للأمل والمثابرة والإصرار وعدم الانهزامية. العصاميون انتهوا، جملة تقتلنا كثيراً عندما يرددها بعضهم، لأننا للأسف تناولنا مفهوم العصامية من منظور ضيق جداً، ركزنا فقط في تجارب التجار العصاميين، تناولنا سيرة الراجحي من الرجال الأفذاذ وغيره، فكرنا فقط في كيفية ان نصبح أغنياء وتجاراً كباراً، المال هو الهدف الذي نتعاطى معه عندما نتناول أي مفهوم للعصامية!. مع تجربة مفيد النويصر الأمر اختلف، استغل مفيد موهبته الإعلامية واحترافه بهذا المجال وسخرها بأسلوب سلس ومهني محترف، تجعلك أمام عمل لا تقوم به - من دون مجاملة - إلا المؤسسات الاعلامية الكبرى، كنت أتوقع أن حلقته الأولى ستكون معياراً صعباً للعودة للنجاح الذي حققه، ولكن جاءنا مرة أخرى بعنوان لحلقة ثانية ملهم وذي أبعاد أخرى، قدم لنا حلقة "أورسولا ابنة الخادمة" ليتناول رحلة أخرى من التصميم والعزيمة. الميزة في ما تتناوله أفلام "من الصفر"، أنها لا تقدم نماذج خرافية من الصعوبة أن نكون مثلهم، بل بالعكس، هو يقدم نماذج نستطيع أنت وأنا، أن نتعلم منهم وننجح بحياتنا، هو لا يقدم تاجر بدأ بريال واصبح مليونيرا، هو يقدم قاعدة سهلة للنجاح متى ما اراد الشخص ذلك، هو يهدينا إعادة الثقة بانفسنا احيانا. أتمنى أن يلتفت تلفزيوننا لمثل هذه الطاقات الإبداعية، ويدعمها، فليس من المعقول أن تصرف الملايين على أعمال تافهة أحياناً، ولدينا مبدعون مثل مفيد وزملائه، أثق كثيراً بأن مفيد النويصر سيحظى بمن يقدر عمله.