أكد المحامي سلطان بن زاحم عضو فريق التشريع السعودي بمجلس التعاون الخليجي أن أنظمة المملكة رسّخت مفهوم استقلال القضاء, وهو أهم ركيزة في الدولة حيث يمثل ترجمان سيادتها, فمن خلاله يقتلع جذور النزاعات وتردم الخلافات وتسل الشحناء من نفوس الأفراد. وأضاف أن المادة السادسة والأربعين من النظام الأساسي للحكم نصت على أن " القضاء سلطة مستقلة ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية "، وقد جاءت المادة الأولى من نظام القضاء على أن " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية وليس لأحد التدخل في القضاء", ورتبت عقوبات رادعة لكل من يتدخل في مجرى العدالة, وجعلت الشريعة الإسلامية حاكمة على كل الأمور ليؤدي القضاء دوره المنوط به ليشيع العدل بين الناس وفق أسس إسلامية, وبهذا المبدأ من العدالة انطلقت منظومة القضاء السعودي، ولم تكن هذه الضمانة حديثة عهد بل هي توكيدٌ لما كان عليه منهج السلف الصالح من عهد النبوة المحمدية. وأوضح المحامي الزاحم أن ما نعيشه مؤخرا من تطوير لمرفق القضاء حقق توازنا في المجتمع وطمأن الناس على مصالحهم بعد فضل الله بتتابع منجزات هذا التطوير بعد توحيد جهة القضاء, والشواهد النظرية والعملية لاستقرار التنمية والحياة المعيشية للمجتمع تعود بعد فضل الله لهذا التطوير, والملامس لأوضاعه الشاملة يصل إلى أن اليوم غير البارحة, فقد عانت الدولة من ضعف مخرجات المؤسسة القضائية وكان منذرا باختلال استقرارها, فإجراءات التقاضي لم تساير تقدم الزمن وتطور المجتمع, ومع تنوع معاملات الناس واختلاف مصالحهم يُضطر لتنظيم هذه الأعمال تيسيراً لقضاء حوائجهم، وهو ماذكره معالي الشيخ صالح الحصين "رحمه الله" في ورقته التي قدمها في الملتقى الأول للقضاة والتي كانت بعنوان "تأهيل القضاة وأثره في العمل العدلي" والذي أوضح فيها بأن آراء الفقهاء السابقين ونصوصهم الفقهية صيغت لكي تنطبق على واقع الحياة في زمانهم, وقد تغيّرت مظاهر الحياة العامة تغيرا جذريا, أوجب ان لا تنطبق تلكم النصوص على الواقع الحالي في كثير من الأحوال, الأمر الذي يجعل تطبيقها على واقعات العصر لا يضمن تحقيق الحكم بعدالة مُطَمئنة "ناجزة", وقد جدت الحاجة لوجود آراء فقهية معاصرة تتوافق مع الحياة المتجددة على ان تلتزم بنصوص الوحي وروح الشريعة وقواعدها العامة, لتضمن الحكم القضائي العادل. وقد ذكر ابن تيمية هذا في مواضع من مصنفاته, حيث أكد وجوب مسايرة مصالح الناس مالم تناقض الشرع, واستدخالها في منظومة التعامل الجايزة, إما باعتبار الأمر او الدلالة او القياس. وبين أن فقهاء الإسلام قد استنبطوا من الكتاب والسنة وأعمال الخلفاء الراشدين والصحابة، مما يتصل ابتداء من شرائط الدعوى وأصول إقامتها، وكيفية رفعها إلى القاضي حتى إصدار الحكم وآلية تنفيذه، ومن تمعن في طرق التطوير الإجرائي في قضائنا الإسلامي فإنه يجد شمولية متنوعة, فقد تمكن فقهاء القضاء استلهام الفقه الإجرائي لمسايرة الممارسات اليومية للمجتمع وتنوع معاملاته. وبيّن عضو فريق التشريع السعودي أنه من خلال التطوير المتجدد يتحقق المقصد من العدل لتيسير أمور التقاضي لإحقاق الحق وإعطائه لصاحبه وإبطال الباطل وزجر صاحبه, والتيسير والإسراع قدر الإمكان في البت في القضايا وحسمها لصالح العدالة, وليكون القضاء في المملكة عند حسن الظن وعلى المستوى اللائق به مشيرا إلى أن التطورات التي نعايشها لم تخرج عما سبق وأن بحثه الفقهاء السابقون وأكدوا عليه واشترطوه تحقيقا للغرض من القضاء. وقدم ابن زاحم شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز _حفظه الله_ على دعمه المتواصل لمرفق القضاء, تحت إشراف رائد تطوير القضاء وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى والقيادة العدلية الحكيمة.