هل جربت أن تصمت للحظة، توقف تدفق الأفكار والكلمات، وتنصت لصوت الكون حولك؟ قد تستظرف وتقول نعم سأسمع لأبواق السيارات وإزعاج آلات الحفر خارج المنزل وصراخ ابن الجيران وخناقة السائق مع العاملة المنزلية حول كيس الزبالة ومشتريات المنزل! واستظرافك في محله وجملتك تضع الابتسامة على وجهي وكلنا نحتاج ان نبتسم بين لحظة وأخرى فالطاقة الإيجابية للابتسامة تغير أشياء كثيرة فينا. لكن لنعيد التجربة اغمض عينيك وانصت لما حولك، أسكت ضجيجك الداخلي، أسكت هذا الصوت الذي يذكرك بأن فلاناً لم يسلم عليك كما يجب وأن الآخر علق تعليقا سخيفا وأن الثالث كلامه مزعج وتعبيراته غير لطيفة هذا الصوت الذي يتأفف من صعوبة الحياة وزحمة الشوارع وسوء أخلاق الناس، أسكت هذا الصوت القلق الذي يشغلك بالمستقبل و يجعلك تدور في دائرة احداث الماضي وتصرفات الآخرين، أسكته للحظة، وقرر أن تمارس الصمت، الصمت الداخلي وانصت لما حولك قد تتناغم مع موسيقى عذبة تخرج من الراديو او التلفزيون أو "الأي باد"، قد تسعدك ضحكة صغير صافية مليئة بالحياة، قد تجذبك نبرة صوت احد المتحدثين في برنامج تلفزيوني لتنصت لايقاع الحروف وليس معانيها ومفهومك لهذه المعاني وتوافقك معها او رفضها. أغمض عينيك للحظة، وحاول أن تستمع لصوت موج البحر حيث أنت، لصوت الهواء وهو يحرك الرمال حولك في رحلة برية، لتنفس المكان حولك. انغمس في المكان بكل ما فيه، ستجد نفسك في لحظة صفاء واسترخاء ذهني بعدها ستتدفق أفكارك الداخلية في محاولة لإشغالك، فعقلك الذي تعود على ضجيج الأفكار والحركة لا يحب التغيير عقلك تعود على استقبال المرسلات الخارجية والتعامل معها لذلك قد يخاف الهدوء ربما لا يعرف طريقة التعامل مع لحظة الصمت هذه لذلك قد يحتاج لتدريب كي يتعود على الاسترخاء وأنت تحتاج للحظات تستمع فيها بالهدوء الجميل بعيدا عن ضجيج أفكارك وذكرياتك وانفعالاتك وتصرفاتك و احتكاكك بالاخرين، درب نفسك على سماع همسات الأماكن، عندها ستكتشف كمية الأصوات والإشارات التي تتجاهلها وتعبرها ضوضاء خارجية لأنك مشغول مشغول جدا بضجيجك الداخلي.