نشر مقاتلو الدولة الاسلامية مقطع فيديو يوم الثلاثاء يظهر عملية ذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي وصورة لصحافي أمريكي آخر قالوا إن حياته تتوقف على مسلك الولاياتالمتحدة في العراق. وقدم الفيديو الذي صدر بعنوان "رسالة إلى أمريكا" للرئيس الاميركي باراك أوباما خيارات صعبة قد تحدد شكل المرحلة المقبلة للدور الأميركي في العراق وموقف الشعب الأمريكي منه بما قد يدفعه للغوص في صراع كان قد وصل إلى الرئاسة بناء على تعهد بإنهائه. ولم يصدر أوباما بيانا علنيا بشأن ما جاء في الفيديو حتى يتسنى التأكد من صحته رسميا. وقالت كيتلن هايدن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الابيض في بيان "إذا كان حقيقيا فنحن نشعر بالفزع لقتل صحافي أميركي بريء بوحشية ونعبر عن أصدق عزائنا لأسرته وأصدقائه." ولم يكن في الرسالة البشعة أي مواربة فقد كانت تحذيرا من رد أكبر يستهدف الأميركيين بعد الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت مواقع التنظيم على مدى أسبوعين وأوقفت تقدم الدولة الاسلامية التي استولت منذ يونيو/ حزيران على ثلث العراق دون مقاومة تذكر. وكان مسلحون خطفوا فولي (40 عاما) في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012 بشمال سورية بينما كان في طريقه إلى الحدود التركية وفقا لما ذكرته نشرة غلوبل بوست التي تصدر من بوسطن وكان فولي يعمل لها صحافيا حرا. وعمل فولي في منطقة الشرق الأوسط لمدة خمس سنوات وسبق أن تعرض للخطف في ليبيا وأطلق سراحه. أما الصحافي ستيفن سوتلوف الذي ظهر في نهاية الفيديو فقد اختفى في شمال سورية في يوليو/ تموز عام 2013. وكان يعمل لحساب مجلة تايم ومؤسسات صحافية أخرى. وفي صفحة على فيسبوك مخصصة لفولي تقول رسالة من والدته دايان فولي "نحن أشد ما نكون فخرا بابننا جيم. فقد بذل حياته محاولا أن يكشف للعالم معاناة الشعب السوري." وأضافت "ونحن نتوسل للخاطفين أن يبقوا على حياة الرهائن الباقين. فهم أبرياء مثل جيم. وليس لهم أي قدرة على التحكم في سياسة الحكومة الاميركية في العراق أو سورية أو أي مكان آخر في العالم." ولم يسبق أن أعدمت الدولة الاسلامية أي مواطن أميركي علانية. وجاء نشر الفيديو على الانترنت بعد أن استأنفت الولاياتالمتحدة الضربات الجوية في العراق هذا الشهر للمرة الأولى منذ انسحاب قواتها من العراق عام 2011. * تاريخ احتجاز الرهائن ليست هذه المرة الاولى التي يواجه فيها رئيس أميركي أزمة رهائن. فقد شهدت رئاسة جيمي كارتر أزمة احتجاز الرهائن الاميركيين في ايران 444 يوما. وأدت محاولة رونالد ريغان للافراج عن رهائن أميركيين من لبنان إلى فضيحة السلاح مقابل الرهائن التي لازمت فترة رئاسته الثانية. وقال لاري ساباتو أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرجينيا إن الوضع الحالي أشبه بعملية ذبح الصحافي الأمريكي دانييل بيرل على يدي خالد شيخ محمد القيادي بتنظيم القاعدة عام 2002. وقال إنه قد يعزز ما يبدو أنه ادراك متزايد لدى الاميركيين بضرورة أن يكون الدور الأميركي أكبر في التعامل مع مقاتلي الدولة الاسلامية. وأظهر استطلاع للرأي أجرته هذا الاسبوع مجلة يو.اس.ايه توداي ومركز بيو للابحاث أن 44 في المئة من الاميركيين يقولون إن على واشنطن مسؤولية أن تفعل شيئا حيال العنف مقابل 41 في المئة يرون عكس ذلك. وفي الشهر الماضي كان 55 في المئة يرون أن بلادهم ليس عليها أي مسؤولية في هذا الصدد مقابل 39 في المئة يرون العكس. وبدأ مقطع الفيديو للتنظيم -الذي أعلن قيام الخلافة في أجزاء من سورية والعراق- بلقطات لأوباما يقول فيها إنه أمر بتوجيه ضربات في العراق وقد كتب على الشاشة "أوباما يأمر بعمليات عسكرية ضد الدولة الإسلامية لتنزلق أميركا عمليا نحو جبهة حرب جديدة ". وظهر في الفيديو لقطات بالابيض والأسود من الجو للضربات الجوية وكتب على الشاشة "العدوان الأميركي على الدولة الاسلامية." ويشاهد رجل قيل إنه جيمس فولي حليق الرأس مرتديا زيا برتقاليا يشبه زي السجناء في معسكر غوانتانامو راكعا بجوار رجل يغطيه السواد من قمة رأسه إلى أخمص قدميه ويحمل سكينا. ثم يقول فولي "أطالب أصدقائي وعائلتي وأحبائي أن يقوموا على الحكومة الاميركية التي قتلتني حقا فمصيري هو نتيجة رضاهم بالجرائم." ويقول الرجل المقنع "هذا جيمس رايت فولي رجل أميركي من بلدكم. كنتم كحكومة في مقدمة العدوان على الدولة الإسلامية مكرتم ضدنا وبحثتم عن أي سبب لتتدخلوا في أمورنا. الآن قواتكم الجوية العسكرية تقصفنا يوميا في العراق. لقد سبب قصفكم خسارات. أنتم الآن لا تقاتلون عصابات. نحن جيش ودولة." وعقب ذلك يقوم بذبح الرجل الراكع. وفي نهاية الفيديو تظهر على الشاشة كلمات توضح أن ستيفن غول سوتلوف أسير آخر ويقول الرجل المقنع مخاطبا أوباما إن حياته تتوقف على قراره التالي. وعلى مدى أكثر من عامين كانت سورية أخطر بلد لعمل الصحافيين إذ قتل فيها 69 صحافيا على الاقل وهم يغطون الحرب الدائرة فيها بعضهم قتل على حدود لبنان وتركيا. وتم اختطاف أكثر من 80 صحافيا في سورية وربما يكون العدد أكبر إذ أن بعض حوادث الاختطاف لا تحظى بتغطية اعلامية. وتقدر لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من الولاياتالمتحدة مقرا لها أن نحو 20 صحافيا محليا ودوليا مفقودون في سورية الان. ويعتقد أن كثيرين منهم تحتجزهم الدولة الاسلامية. *المساعدة الأميركية وكان اجتياح الدولة الاسلامية لشمال العراق واقتراب مقاتليها من بغداد وسيطرتهم على الموصل ثاني أكبر المدن العراقية أدى إلى الهجمات الأميركية التي ساعدت قوات البشمركة الكردية في استعادة بعض الاراضي التي سيطر عليها الجهاديون. وفي وقت سابق يوم الثلاثاء أوقفت القوات العراقية هجوما لم يستمر طويلا لاستعادة تكريت مسقط رأس صدام حسين بسبب مقاومة شرسة من جانب مقاتلي الدولة الاسلامية. وبفضل الدفعة المعنوية التي نتجت عن عملية استعادة السيطرة على سد استراتيجي من الجهاديين بعد انتكاسات متواصلة على مدى شهرين متتاليين تقدمت وحدات من الجيش العراقي تدعمها ميليشيات شيعية صوب تكريت التي تبعد 130 كيلومترا شمالي بغداد وتعد معقلا من معاقل الأقلية السنية. لكن ضباطا في غرفة عمليات القوات العراقية قالوا ان التقدم توقف. وكان تنظيم الدولة الاسلامية ركز على الاستيلاء على أراض وأعلن قيام الخلافة في المساحات التي سيطر عليها في سورية والعراق وذلك على النقيض من تنظيم القاعدة الذي انشقت الدولة الاسلامية عليه والذي استهدف أكثر من مرة أهدافا أميركية بما في ذلك الهجمات على نيويوركوواشنطن في 11 سبتمبر/ ايلول 2001. وتزامنا مع تقدم القوات العراقية والكردية كثفت القوات الحكومية السورية الهجمات على مواقع الدولة الإسلامية في الرقة معقل التنظيم في شرق سورية ومحيطها. ويعتقد المحللون أن الرئيس السوري بشار الاسد الذي يحكم سيطرته على العاصمة يستغل الفرصة ليظهر للغرب أهميته. وكانت الدول الغربية ساندت الانتفاضة ضد الاسد التي اندلعت قبل مايزيد على ثلاثة اعوام ولكن تلك الدول اضحت الان اكثر قلقا من تهديد الدولة الإسلامية. وأضافوا أن القوات العراقية تعرضت لنيران كثيفة بالمدافع الرشاشة وقذائف المورتر جنوبي تكريت في حين أن الألغام المزروعة على الطريق في الغرب ونيران القناصة قوضت جهود الاقتراب من المدينة التي حاولت القوات استردادها عدة مرات. وقال سكان في وسط تكريت عبر الهاتف إن مقاتلي الدولة الإسلامية يسيطرون بثبات على مواقعهم وينظمون دوريات في الشوارع الرئيسية. وكان مقاتلون من السنة تحت قيادة تنظيم الدولة الاسلامية قد اجتاحوا مساحات شاسعة في شمال العراق وغربه في يونيو/ حزيران الماضي واستولوا على مدينتي تكريت والموصل بالاضافة إلى سد الموصل الذي يتحكم في امدادات المياه والكهرباء لملايين العراقيين على امتداد وادي نهر دجلة. غير أن مقاتلين من إقليم كردستان العراق شبه المستقل قالوا يوم الاثنين إنهم استعادوا السيطرة على سد الموصل بدعم من ضربات جوية أميركية. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان وهي جماعة مراقبة مقرها بريطانيا ان عدد المقاتلين في سورية الذين انضموا للدولة الإسلامية زاد بوتيرة قياسية في يوليو/ تموز. وصرح رامي عبدالرحمن مؤسس المرصد بأن نحو 6300 شخص انضموا للتنظيم الشهر الماضي وان 80 بالمئة من السوريين والبقية من المقاتلين الاجانب.