تقف العراق اليوم على عتبة مرحلة جديدة. توفر القيادة الجديدة الفرصة لهذا البلد لطي صفحة أخطاء الماضي وأخيراً بناء الاستقرار والازدهار للشعب العراقي من خلال حكومة حقيقية تشمل جميع أطياف المجتمع. ولتحقيق هذا الهدف فإن سلامة أراضي العراق تعد أمراً مصيرياً يتطلب الإبقاء على العراق دولة قوية موحدة، وان تتعامل الحكومة مع مواطنيها على قدم المساواة، وهذه مهمة طويلة الأمد. تتكاتف المملكة المتحدة مع المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف الذي يتطلب تقديم الدعم من قبل دول مجلس التعاون الخليجي بهدف جعل العراق قوة للاستقرار الإقليمي - فهو يستطيع ذلك ويجب أن يبقى قوة إقليمية - وتعد الرسالة الموجهة من خادم الحرمين الشريفين إلى رئيس العراق الجديد ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان بمثابة إشارة دعم واضحة وصريحة، حيث يتعين علينا جميعا المضي قدما لتحقيق هذا الهدف. يواجه العراق تحدياً آخر كبيراً على المدى القصير حيث يقبع هناك عدو مميت، لقد شوه هذا العدو -داعش- الدين الإسلامي العظيم من خلال غاياته الشريرة، فقام بهجمات مروعة وحشية على الرجال والنساء والأطفال على أساس ديني وعرقي، لقد خلق أزمة إنسانية خطيرة يتم العمل حاليا على حلها بقوة من قبل المجتمع الدولي، فقد قدمت المملكة العربية السعودية دعما سخيا لمجهودات الإغاثة يبلغ 500 مليون دولار أمريكي، وتشعر المملكة المتحدة بالفخر حيال مشاركتها في حل هذه الأزمة أيضا حيث خاطر بعض المواطنين البريطانيين بحياتهم أثناء تسليم 80 طناً من مساعدات إغاثية حيوية للايزيديين المحاصرين في جبل سنجار، فضلا عن تقديمنا مساعدات بقيمة 13 مليون جنيه إسترليني لدعم جهود الإغاثة وقمنا بإرسال مستشارين متخصصين في إدارة الأزمات الإنسانية لكل من اربيل وبغداد، وساهمنا في وضع خطة الإنقاذ الدولية، ونحن على أهبة الاستعداد ولدينا المرونة للرد على التحديات المستمرة في منطقة دهوك وحولها حيث ازداد عدد سكان المنطقة بمقدار 450000 نسمة أي ما يقرب من 50 % من عدد السكان الأصليين. ونركز جهودنا على تقديم المساعدة لكافة المجتمعات التي تضررت من أعمال العنف الأخيرة. تعد داعش عدوا لكافة الشرفاء من الجنس البشري حيث إن تكوين دولة متشددة -ما يسمى بالخلافة- في قلب العراق وتمددها في الأراضي السورية ليست بمشكلة بعيدة عن بريطانيا، فهي تشكل قلقاً جدياً قائماً، ولقد أوضح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أننا لو لم نتصد لهذه الحركة الإرهابية الخطيرة بشكل استثنائي فستصبح قوية لدرجة تستطيع من خلالها استهداف الأراضي البريطانية. ونحن على علم بنواياها الإجرامية، وانه بالفعل قد تم تنفيذ أول عمل إرهابي مستوحى من الأفكار الداعشية على أراضي القارة الأوروبية، وسنستمر في التعاون مع المملكة العربية السعودية ضد مثل هذه القوى المتطرفة: لكن التهديدات التي تفرضها هذه القوى لا تقتصر فقط على الجانب البدني: بل تمتد إلى الجانب الإيديولوجي، ونستطيع التغلب على هذه التهديدات في مجملها من خلال التعاون الوثيق والمستمر فيما بيننا. تضطلع بريطانيا بدور ريادي دولي من خلال الجهود الدبلوماسية المبذولة لدعم الحكومة العراقية والتغلب على التحديات الإرهابية، علما بأننا سنقوم بتعيين ممثل خاص لدى حكومة إقليم كردستان كما سنقوم من خلال قمة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) المزمع عقدها في ويلز الشهر القادم والهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك بحشد الدعم لهذه القضية عبر المجتمع الدولي. لقد تبنى مجلس الأمن بالإجماع يوم الجمعة الماضي قرارا تقدمت به المملكة المتحدة لإدانة داعش، وجبهة النصرة والمجموعات الأخرى التابعة لتنظيم القاعدة والمتواجدة في العراق وسورية حيث تعد هذه المبادرة إشارة على تصميم بريطانيا على حل هذه القضية، ويحث القرار الدول الأعضاء في الأممالمتحدة على اتخاذ خطوات فعالة للقضاء على مصادر التمويل والتجنيد، فضلا عن اتخاذ خطوات عملية مهمة للتصدي للمخاطر والتهديدات القائمة، كما يشمل القرار فرض عقوبات على ستة أفراد جدد تحت مظلة نظام العقوبات المفروضة على نظام القاعدة من قبل هيئة الأممالمتحدة. وأخيرا يتعين علينا الآن التعاون بشكل أوثق لمواجهة هذا الخطر. * السفير البريطاني جون جينكينز