عاشت الدراما السعودية أسوأ مواسمها في شهر رمضان الماضي وقدمت أعمالاً متواضعة شكلاً ومضموناً في مجملها ولم ينج من ذلك سوى عمل أو عملين يمكن وصفهما بالمقبولين فحسب. وتساءل النقاد والجمهور عن سبب هذا الهبوط الفني وتعددت الأسباب بين ضعف الإنتاج, عدم وجود نصوص جيدة, قلة موهبة المخرجين والممثلين, وعدم وجود متابعة من القنوات المنتجة لأعمالها أثناء الإنتاج. لكن أحداً لم يشر إلى مسألة مهمة وتكاد تكون هي عاملاً مشتركاً في الأعمال التي ظهرت بشكل سيئ؛ ألا وهي أن هذه الأعمال تم إنتاجها من قبل منتجين شباب يخوضون تجربتهم للمرة الأولى أو الثانية. وتبدو هذه الحالة واضحة في أغلب الأعمال التي قدمها التلفزيون السعودي تحديداً, وأيضاً بعض أعمال قناة روتانا خليجية, حيث تعاقدت مع منتجين جدد لا يملكون الخبرة الكافية في مضمار الإنتاج التلفزيوني ربما لقلة تكلفتهم مقارنة بمنتجين ذوي خبرة, وهذا الأمر رغم إيجابيته من حيث دعم الشباب ومنحهم الفرصة إلا أنه انعكس سلباً على القنوات المنتجة وأثر كثيراً في مستواها وفي قدرتها التنافسية, وذلك لأن الشباب مهما بلغوا من طموح ورغبة فإنهم يحتاجون لمن يشرف عليهم أثناء الإنتاج, والخطأ الذي ارتكبته القنوات أنها منحت المنتجين الجدد كامل الصلاحيات لكي ينتجوا أعمالهم دون متابعة ودون إشراف في صنعة تتطلب الخبرة قبل كل شيء. وإذا كان ولا بد من دعم المنتجين الجدد -وهذا ما نطالب به دائماً- فالواجب إعطاؤهم فرصاً درامية وبرامجية بسيطة خارج الأوقات الأكثر مشاهدة كالمواسم الرمضانية وبميزانيات أقل حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة لإنتاج المسلسلات الكبيرة, وأن تكون عملية الإنتاج تحت إشراف مباشر من إدارات القنوات المنتجة. في المقابل نجد أن الأعمال التي تم إنتاجها من قبل منتجين أصحاب خبرة كانت مقبولة إلى حد ما, وإن شابتها بعض العيوب, وظهرت على الأقل بالحدود الدنيا المسموحة في عالم الإنتاج التلفزيوني, مثل مسلسل "كلام الناس" ومسلسل "خميس بن جمعة" واللذين كان البناء الدرامي فيهما ذا شكل محدد وواضح؛ بغض النظر عن جودة الفكرة والأسلوب, كما ظهرت بقية العناصر التقنية من صوت وصورة وإضاءة بشكل جيد. هذا الأمر يؤكد أن الخبرة لها قيمتها في عالم الإنتاج التلفزيوني وأنها الخيار الأهم في موسم كبير مثل الموسم الرمضاني. أما التجريب ودعم الشباب فرغم أهميته إلا أنه يجب أن يكون في أوقات أقل زخماً وتنافسية من رمضان وأن يكون تحت متابعة من القناة المنتجة وذلك كي لا يحترق المنتج الشاب مبكراً وليكتسب الخبرة بشكل طبيعي ودون قفز على المراحل. وهذا ما تقوم به القنوات المصرية على سبيل المثال؛ حيث لا تمنح الموسم الرمضاني إلا لأهم المنتجين لديها ولأصحاب الخبرة والسجل الإنتاجي الكبير, فيما تجعل بقية أيام السنة للمنتجين الجدد, وهذا ما أعطى الأعمال المصرية زخماً ونجاحاً طاغياً في شهر رمضان. المالكي وعسيري في «خميس بن جمعة» رغم الملاحظات ظهر «كلام الناس» بشكل مقبول إنتاجياً