مذاهب الإسلام المختلفة لم تكن اختراعاً سعودياً، تحرك الكفر والإيمان بها المملكة كيف تشاء، فحكاية المذاهب واختلافاتها ودمويتها وتصالحاتها هي حكاية الإسلام وأهله الممتدة بطول التاريخ الإسلامي، فمذهب الدولة هو قدرها مثل ماهو مذهب العراق ونقصد بالمذهب هنا المذهب الرسمي للدولة، فعراق الدولة منذ سقوط نظام صدام حسين 2003 وهي ترفع شعار الطائفية وحددت علاقاتها السياسية مع دول الجوار وفقا لهذا الاعتبار فلم تتقدم العراق بخطوة سياسية واحدة باتجاه المملكة فقد اصطبغت سياستها مع دول الجوار باللون الطائفي، فهذا اللون جعل بغداد خصماً للرياض لقطع الشريان العربي والإسلامي بسلاح المذهبية.. نتذكر هذا بعد خروج رئيس وزراء العراق نوري المالكي من رئاسة الوزراء بإرادة مذهبية وسياسية وشعبية عراقية، ومن هذه الإرادة نكتشف زيف ادعاءات رئيس الحكومة العراقية السابق الذي اتهم المملكة فيها بأنها المحرك للصراع الطائفي في العراق، ظناً منه أن اختلاف المذاهب بين حكومته والسعودية سيعطيه المصداقية والشرعية لتصفية خصومة السياسيين في العراق، سقطت حجته وسقط معها، فاجتمعت مذاهب العراق ومرجعياتها المختلفة على كذب هذا الرجل وعلى طائفيته وفساده واتفقوا على عدم أهليته الأخلاقية والسياسية لقيادة العراق، هذا الملمح ليس بسيطاً في قراءة العلاقات السعودية العراقية بل ملمح يكشف معاناة صانع القرار في المملكة من طائفية جاره وبعد ان انكشفت مسببات الصراع الطائفي في العراق يجب أن يتبع هذا الاكتشاف اعتراف رسمي عراقي بهذه الأسباب، نقول رسمي لأن جميع حجج رئيس الوزراء العراقي السابق ضد المملكة تعتمد على خطب داعية سعودي أو رأي مكتوب لشيخ دين ولم يَرصُد حرفاً طائفياً واحداً لمسؤول سياسي سعودي، بينما المملكة جميع مارصدته من لغة طائفية هي لمسؤولين سياسيين عراقيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق للعراق. تهنئة المملكة لرئيس وزراء العراق حيدر العبادي تهنئة تجاوزت طائفية الحكومة العراقية السابقة، تهنئة دولة لدولة لكل منهما جوار مع الآخر وتاريخ، فبعد أن كشف المكون العراقي السياسي كذب حكومته السابقة وأوقف عبثها بإرادة حرة، تأتي اعتبارات السياسة التي تشد أواصر العلاقات ببناء واضح وشفاف، فخداع مرحلة الحكم السابق لم تنسحب على جوار العراق بقدر انسحابها على العراق النظام والشعب، خسر بها العراق استقراره ومكانته وأمنه وكل هذا كان بإرادة عراقية وبرؤية عراقية؛ إرادة أرادت أن يكون العراق طائفياً لتتعزز مكانة دوائر ضيقة على حساب مصالح الشعب العراقي. المملكة لا تطلب حضوراً لها سياسياً في العراق ولم يكن لها يوماً حضور يساند جهة على حساب جهة، كان لها علاقات مع صدام حسين عندما كان نظامه هو الدولة وقطعتها عند احتلاله للكويت لأنه هو الدولة، وعندما سقط لم يسقط معه حضور سعودي كما يدعي البعض وذلك لأن العلاقات قائمة على المقاطعة والعداوة السياسية، ومن أراد أن يجعل شيئاً بتاريخ السعودية ليس فيه، عليه مراجعة تاريخها الذي ينسحب من الزور ويراقب هزيمته من بعيد.. المملكة هانئة بإخلاص الشعب العراقي على اختياره لقادته ولا مصلحة لها بالعراق إلا وحدته واستقراره وإن صدقت نوايا زعمائه مع الشعب العراقي أولا، سيهنئ المملكة بعدها على صدقها معه.