يعتبر تحقيق العدالة وإيجاد نقطة توازن بين مصالح طرفي عقد العمل هو الغاية التي تهدف إليها جميع الأنظمة العمالية في مختلف دول العالم، من خلال تنظيم العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والعامل في محاولة للتقليل من مبدأ سلطان الإرادة الذي يعطي للأفراد الحرية الكاملة في تنظيم العقود، وبالرغم من أن عقد العمل يعتبر من العقود الرضائية الا أن الأنظمة العمالية تتطلب اشتمال العقد وبشكل تفصيلي على بيان حقوق وواجبات طرفيه وحالات إنهاء عقد العمل التي يجب أن تكون متفقة مع النظام الذي وضع مجموعة من الضوابط لإنهاء العقد بالإرادة المنفردة من قبل صاحب العمل، وفي حالة عدم التقيد بهذه الضوابط يصبح الفصل تعسفياً لمخالفته النظام. وكما أسلفنا يعتبر الفصل تعسفياً من قبل صاحب العمل في حالة مخالفة الضوابط التي وضعها المنظم، حيث نظمت المادة (74) من نظام العمل حالات انتهاء عقد العمل في الأحوال التالية: 1 اتفاق الطرفين على الإنهاء بشرط أن تكون موافقة العامل كتابيا، 2 إذا انتهت المدة المحددة في العقد، 3 بناء على إرادة احد الطرفين في العقود غير المحددة المدة، 4 بلوغ العامل سن التقاعد وهو ستون سنة للعمال وخمسة وخمسون سنة للعاملات ما لم يتفق الطرفان على الاستمرار في العمل بعد هذه السن، 5 القوة القاهرة.، كما نصت المادة (75) على (إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لأي من طرفيه إنهاؤه بناء على سبب مشروع يجب بيانه بموجب إشعار يوجه إلى الطرف الآخر كتابة قبل الانهاء بمدة لا تقل عن ثلاثين يوماً إذا كان أجر العامل يدفع شهريا ولا يقل عن خمسة عشرة يوما بالنسبة إلى غيره). ومن جهة أخرى ضمن نظام العمل حقوق الموظف المفصول بطريقة تعسفية في المطالبة بالتعويض والرجوع للعمل، حيث نصت المادة (76) على (إذا لم يراع الطرف الذي أنهى العقد المدة المذكورة في المادة الخامسة والسبعين من هذا النظام فإنه يلزم بأن يدفع الطرف الآخر تعويضاً معادلاً لأجر العامل عن مدة الإشعار ويتخذ الأجر الأخير أساساً لتقدير التعويض) كما نصت المادة (77) على أنه (إذا أنهى العقد لسبب غير مشروع كان للطرف الذي أصابه ضرر من هذا الإنهاء الحق في تعويض تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية يراعى فيه ما لحقه من أضرار مادية وأدبية حالة واحتمالية وظروف الإنهاء، كما أعطته المادة (78) الحق في طلب الرجوع إلى العمل. ونعتقد أنه إذا كان المنظم قد حدد الضوابط المنظمة لإنهاء العقد بطريقة مشروعة ودون تعمد إلحاق الضرر بالعامل الذي يعتبر الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية، إلا أن النظام قد ألزم العامل في الوقت نفسه بإثبات أن الفصل تم بطريقة تعسفية وأن هنالك ضررا فعليا وقع على العامل نتيجة هذا الفصل التعسفي يسمح له بالمطالبة بالتعويض والعودة للعمل، حتى لا يصبح الادعاء بالتعسف في الفصل حقا مكتسبا لكل موظف متهاون أو متلاعب بحقوق الغير دون وجه حق مشروع، ويبقى عبء إثبات نظامية الفصل وعدم التعسف في استخدام هذا الحق على صاحب العمل في هذه الحالة. ونخلص إلى أن تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة العمالية يتطلب قيام كل طرف بواجباته حتى يثبت له المطالبة بحقوقه تجاه الطرف الآخر، ونظام العمل قد كفل حقوق العامل الملتزم بأداء واجباته الوظيفية وعدم مخالفة النظام ولوائح صاحب العمل في المطالبة بالتعويض والعودة للعمل في حالة تعسف صاحب العمل في استعمال سلطته في الفصل التعسفي، وفي حالة تهاون الموظف في القيام بمهامه الوظيفية أو بسبب تغيبه عن العمل أو عدم المحافظة على مصالح المنشأة بشكل عام فقد منح النظام صاحب العمل الحق في فصل العامل بطريقة مشروعة تستند على أسباب صحيحة من الواقع والنظام.