إن مما لا شك فيه أن التسارع الذي سجله النشاط العمراني لدى دول المنطقة خلال السنوات العشر الماضية، قد رفع من مستوى الضغوط على البنية التحتية ومشاريع الخدمات بكافة أنواعها، ذلك أن ولادة المدن والاحياء الجديدة تحتاج إلى الكثير من الجهود التنظيمية والخدمات اللوجستية المساندة لإنجاز تلك المشاريع وتحقيق الاهداف الاساسية التي وجدت من أجلها، وكون دول المنطقة تستهدف الاستحواذ على حصص متزايدة من إجمالي الحراك المالي والاقتصادي والسياحي وحركة الاستثمارات عبر الحدود، فلا بد لها من أن تسابق الزمن من أجل تحقيق الانسجام والتكامل بين المشاريع العقارية والتنموية وخطط تنويع الدخل والاستدامة، الأمر الذي يشهد معه المزيد من المشاريع الداعمة لهذا النشاط، يأتي في مقدمتها مشاريع النقل والمواصلات والتي تعتبر الترجمة الحقيقة للنشاط الاقتصادي الحالي والمستهدف لدى اقتصاديات دول المنطقة، حيث تستحوذ خطط ومشاريع النقل والمواصلات العامة على المزيد من التركيز الحكومي حاليا والخاص في المستقبل، هذا وتستحوذ مشاريع النقل على الجزء الاكبر من مشاريع البنية التحتية الجاري تنفيذها نظرا لتزايد أهمية توفر قطاع نقل متطور وقادر على مجاراة التطور الحالي والمتوقع لدى دول المنطقة والتي تزدحم لديها المشاريع النوعية ذات الزخم والتركيز الاستثماري الكبير. ويقول تقرير شركة المزايا القابضة إن دول المنطقة دخلت في حالة تسارع مع الزمن لإنجاز مشاريع نقل عملاقة وشاملة تتوزع على كافة المدن والمواقع الانتاجية التجارية والصناعية والسياحية، ذلك أن ضعف قطاع النقل والمواصلات سيؤدي بالضرورة إلى تراجع وتيرة النشاط الاقتصادي وفشل مشاريع التنمية بكافة أنواعها وأحجامها واستهدافاتها، وليس مستغربا أن تتجاوز تكلفة مشاريع النقل العام الجاري تنفيذها لدى دول المنطقة 100 مليار دولار أمريكي، الامر الذي يعكس حجم النمو المتسارع الذي تشهده دول المنطقة بكافة المجالات، ذلك أن دول المنطقة تسعى إلى إزالة الحواجز المالية والاقتصادية وإحداث فرق على الكفاءة الاقتصادية لاقتصادياتها وصولا إلى إنجاز قطاع نقل متطور وقادر على خدمة اقتصاديات دول المنطقة في كافة مراحل التطور المخطط لها، يأتي ذلك في ظل النجاحات المحققة على منظومة النقل الجماعي ممثلة بإنجاز وتشغيل مترو دبي على سبيل المثال وتوفير شبكة حافلات عامة تغطي الامارة وفق أفضل المواصفات العالمية، وهذا ما يعطي الحافزية والزخم الاستثماري لتعميم التجربة لدى كافة الدول المجاورة، حيث ستشهد دول المنطقة مشاريع لا حدود لها لتطوير البنية التحتية وإنشاء المزيد من المطارات والموانئ وسكك الحديد وشبكات الانفاق، الامر الذي يؤكد نجاح منظومة النقل الجماعي لدى دول المنطقة وقدرتها على خدمة النشاط التجاري والعمراني الحالي والمتوقع. واكد تقرير المزايا الأسبوعي على حاجة المملكة لمنظومة متكاملة من النقل والمواصلات العامة تقوم بربط المدن الرئيسية وتعمل على تجاوز كافة الصعوبات والتحديات التي يعانيها قطاع النقل والمواصلات، فيما سيحمل إنجاز كافة الخطط المعتمدة والجاري تنفيذها تأثيرات إيجابية لا حدود لها على النشاط التجاري والسياحي وكذلك على مستوى حجم الاستهلاك من الطاقة وإيجاد المزيد من فرص العمل التي تتناسب وكافة الفئات العمرية وتتناسب والثقافة العامة السائدة على الوظائف التي يرغب المواطن احتلالها، وبات مؤكدا أن مشروعات النقل العام لدى المملكة تأخذ على عاتقها إحداث تغيير جذري لوجه المدن السعودية وبشكل خاص في الرياض ومكة المكرمةوجدة والمنطقة الشرقية، حيث يعول عليها لوضع المملكة على خارطة الدول المتقدمة في مجال النقل العام بالإضافة إلى تأثيراتها الايجابية ذات العلاقة برفع مستوى المردود والعائد الاقتصادي والاجتماعي والحضاري، في حين سيكون لتوفر هذه المنظومة تأثير مباشر على المناخ الاستثماري لدى المملكة وقدرتها على جذب الاستثمارات المتنوعة في المستقبل. مجسم لمحطة العليا التي بدئ العمل فيها وأشار التقرير إلى أن كافة المؤشرات تشير الى تفاقم مشكلة النقل لدى المملكة مع الاخذ بعين الاعتبار أن الدراسات الحديثة تشير إلى ارتفاع عدد الرحلات البرية للنقل الى 365 مليون رحلة خلال العام الحالي 2014، وتسجل نسب نمو سنوي يقدر ب 3.8%، الامر الذي يتطلب اجراءات فورية لإيجاد حلول سريعة ومجدية لهذه التحديات والحد من مضاعفاتها وايقاف الخسائر الاقتصادية والاجتماعية نتيجة بقائها دول حلول جذرية، يذكر هنا أن المملكة بحاجة إلى توفير وسائل نقل متنوعة وتعمل بكفاءة عالية مثل القطارات والحافلات السريعة بالإضافة إلى تطبيق مفهوم الادارة الذكية لقطاع النقل، وبما يساهم في رفع الجاذبية الاستثمارية ومستوى التنافسية للمدن الرئيسية وتخفيض التلوث وهدر الوقود وإضاعة الوقت الناتجة عن الازدحامات، فيما يجري تنفيذ شبكة القطار الكهربائي «المترو» وشبكة الحافلات في مدينة الرياض، بالإضافة إلى مشروع شبكة الحافلات تغطي العاصمة، وغير ذلك ستتعرض مشاريع التنمية للتوقف والنمو الاقتصادي إلى التراجع في ظل النمو السكاني السريع والتوسع العمراني الكبير والذي يتسبب في تفاقم أزمة النقل داخل المدن الرئيسية لدى المملكة، يذكر أن المملكة قامت في بداية العام الحالي بنزع ملكية مليوني متر مربع لصالح «مترو الرياض» 80% منها اراض بيضاء ويعتبر هذا المشروع مشروعا حكوميا خدميا وليس استثماريا حيث يعول عليه من خلال المردود الاقتصادي غير المباشر والمتعلق بالجوانب البيئية والطاقة. في المقابل فقد أظهر تقرير المزايا أن الحراك الحاصل على نشاط قطاع النقل العام والمشروعات التي يتم تنفيذها لدى قطر قد وصلت إلى مرحلة متقدمة تارة، ومتوازية تارة أخرى مع النشاط الحاصل على القطاعات الرئيسية وفي مقدمتها القطاع الصناعي والقطاع العقاري، فيما تتسابق المشروعات السياحة والرياضية لرفع حصتها من إجمالي الحراك المسجلة، حيث تقوم الجهات المعنية بالعمل على تدشين العديد من المحطات للنقل العام، ويعول على هذه الخطوط الجديدة المساهمة في تقليل الازدحامات المرورية والمساهمة في تنشيط الحراك التجاري والاستثماري خلال الفترة القادمة، في المقابل تستعد قطر لمشروع الريل والذي يعد من أكبر المشاريع التي يجري تنفيذها في المنطقة، حيث يعول على هذا المشروع الدفع بقطر إلى مصاف الاقتصادات الاكثر تقدما ونشاطا على المستوى العالمي، ويتوقع تسليم المرحلة الاولى من المشروع بشكل كامل في نهاية العام2019، اما المرحلة الثانية من مشروع مترو الدوحة يتوقع تسليمها في العام بحلول العام 2026. توقعات بأن تؤثر مشاريع البنى التحتية على النمو الاقتصادي هذا وتهدف الدول من حزمة مشاريع النقل العام الجاري تنفيذها في الوقت الحالي توفير شبكة متكاملة وآمنة وفعالة والذي سيضمن الاستمرار في تحقيق التنمية الشاملة، وفي السياق فإن تطوير شبكات النقل المحلية والاقليمية يعتبر مسألة مهمة بالنسبة للبحرين والتي من شأنها دعم الاقتصاد البحريني وتنويعه، فقد شهد العام الحالي الاتفاق على إقامة خط سكك حديدية يربط البحرين بالسعودية بتكلفة ستصل إلى 4.5 مليارات دولار ويتوقع تسليم المشروع في العام 2017، ويأتي هذا المشروع ضمن مشروع شبكة سكك الحديد التي ستربط دول مجلس التعاون الخليجي بطول 2.2 الف كم، ويعول على مشاريع النقل الجديدة تحفيز الاقتصاد البحريني وربطه بالاقتصاديات المجاورة بشكل فعال. ويؤكد المزايا على أهمية تواصل مشاريع النقل العام لدى دول المنطقة بكافة أحجامها وأهدافها، ويتوقع أن ترتفع وتيرة النشاط مع دخول القطاع الخاص إلى حيز المشاركة والمنافسة مع حكومات الدول وذلك عند نقطة البدء باستثمار المشروعات المكتملة، واللافت أن أهمية تنويع وتوسيع مشروعات النقل يرتبط بشكل مباشر بحجم النشاط الاقتصادي للدول ويعكس ايضا حجم المشروعات العمرانية والتنموية الجاري تنفيذها فإن مشروعات النقل العام تعكس المستوى الحضاري للدول، وفي السياق فإن تركيز الدول خلال الفترة القادمة ينصب على تخفيض استهلاك قطاع النقل والمواصلات من الطاقة حيث يستهلك القطاع ما يزيد عن خمس الطاقة العالمية وينتج نسبة تتجاوز 25% من انبعاثات الكربون، وبالتالي فإن تطوير وتعزيز شبكات النقل العام سيعمل في المحصلة على تخفيض حجم المستهلك من الطاقة وتقليل حجم الانبعاثات الضارة، وبالتالي لابد من أن يرتقي مستوى مشاريع النقل الجماعي إلى مستوى الاولويات على الخطط والمشاريع الحكومية المستقبلية والذي سيقدم خدمات مهمة وضرورية لذوي الدخل المحدود وتلبية احتياجات كافة شرائح المجتمع وتقليل الازدحامات المروية. ويؤكد تقرير المزايا على ضرورة البحث عن آليات ووسائل تتجاوز الفكر التقليدي فيما يتعلق بتنفيذ المشروعات السكنية، تأخذ بعين الاعتبار الطلب المتصاعد على المجمعات السكنية المتكاملة وبشكل خاص من شريحة ذوي الدخل المتوسط في المنطقة، تتمتع ببنية تحتية حديثة وشبكات نقل متطورة تسهل عملية الوصول إلى تلك المجمعات، يذكر هنا أن مشروعات النقل العام لا بد لها من تحفيز الراغبين في تملك المنازل خارج المدن المكتظة، الامر الذي يشكل أحد الحلول طويلة الاجل لتحديات الازدحامات المرورية، ولاحظ التقرير أن مستوى التعاون ما بين المطورين العقاريين والجهات ذات العلاقة بتطوير البنية التحتية وتطوير شبكات النقل وانشاء المدن النموذجية، تحتاج إلى المزيد من التنسيق والمشاركة وبما يضمن رفع كفاءة الاداء على كافة المرافقة وبما ينعكس على النشاط العمراني بشكل خاص والاقتصادي بشكل عام.