توقع خبراء أن يواصل قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي نموه القوي مدفوعاً بالعوامل الديموغرافية والاقتصادية في المنطقة، مع زيادة حجم الإنفاق على الرعاية الصحية في دول المجلس بمعدل سنوي مركب يبلغ 11.4 في المئة منذ عام 2010 حتى عام 2015. وتوقعت مصادر في القطاع، أن يتجاوز الإنفاق على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون 79 بليون دولار عام 2015. واستناداً إلى دراسة حديثة، ازداد الإنفاق على الرعاية الصحية لكل فرد خليجي على مدى السنوات العشر الماضية بمعدل سنوي بلغ 7.9 في المئة. وأشارت مؤسسة «أرنست أند يونغ» في تقرير صدر أمس، أن محركات النمو الرئيسة للقطاع في المنطقة «تشمل الزيادة السكانية السريعة فيها وارتفاع مستويات الدخل ومعدل الأمراض المرتبطة بنمط الحياة، إضافة إلى الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية العالية الجودة، وسياسات التأمين الصحي الإلزامي». وضخت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ولا تزال، استثمارات كبيرة لدعم توفير خدمات الرعاية الصحية، ومساعدة القطاع على الارتقاء إلى المعايير الدولية، إذ أعلن معظم دول المنطقة خططاً لتعزيز البنية التحتية للقطاع، لتلبية الطلب المتزايد، فضلاً عن مشاريع رعاية صحية رئيسة يُخطط لها لاستيعاب الطلب المتزايد على الرعاية الصحية في المنطقة. وعلى رغم استمرار الحكومات الخليجية في إدارة نفقات الرعاية الصحية، يشهد القطاع في دول مجلس التعاون مشاركة متنامية من جانب القطاع الخاص. وأكد رئيس خدمات استشارات الرعاية الصحية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «أرنست أند يونغ» أندريا لونجي، أن العوامل الدافعة لقطاع الرعاية الصحية «تتمثل في آفاق النمو الإيجابي وزيادة القوة الشرائية. ويساهم الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية، إلى جانب تغيرات القوانين التنظيمية والتركيز على جودة الرعاية الصحية، في جعل دول مجلس التعاون وجهة مهمة للمستثمرين المحليين والدوليين». نمو ملحوظ ولفت إلى أن الإنفاق على قطاع الرعاية الصحية في المنطقة «نما في شكل ملحوظ على مدى السنوات الماضية»، متوقعاً «استمرار هذا النمو في المستقبل مع زيادة انتشار الأمراض المرتبطة بنمط الحياة، وإقبال مزيد من حكومات دول مجلس التعاون على تطبيق سياسات التأمين الطبي الإلزامي». وجاء في التقرير «مع إطلاق برامج التأمين الإلزامي يزداد الاعتماد على قطاع الرعاية الصحية الخاص، وتركز المنشآت الصحية البارزة على التوسع بسرعة لتعزيز قدرتها على تلبية أسواقها المتنامية. وتكمن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك في الاكتتاب العام وزيادة رأس المال للتوسع. وشكلت الاكتتابات العامة التي نفّذتها مرافق الرعاية الصحية سابقةً ستحذو دول وشركات أخرى حذوها في السنوات المقبلة. كما ستوضع خطط لتأسيس مرافق جديدة في معظم دول مجلس التعاون». واعتبر رئيس خدمات استشارات الصفقات في قطاع الرعاية الصحية عماد بخاري، أن برامج الرعاية الصحية «تشكل عنواناً رئيساً لمستثمري القطاع الخاص خصوصاً مع تجاوزه الأزمة المالية الأخيرة». وقال: «أصبح إدراج هذا القطاع كجزء من استراتيجية الاستثمار الإجمالية في المؤسسات الكبرى، أمراً حيوياً». وأوضح أن دول المنطقة «وصلت إلى أعتاب توسع كبير في قطاع الرعاية الصحية، على رغم إنجاز القليل فقط من المرافق الكثيرة المخطط لها. ويبلغ بعض هذه المشاريع التطويرية في قطاع الرعاية الصحية من الضخامة ما يستدعي تسميتها بالمدن الطبية. وتنطوي هذه المشاريع على وعود بتقديم علاجات طبية أكثر نجاحاً، ومستوى تعليمياً عالمياً، وكوادر بشرية خبيرة ومؤهلة وبعض المفاهيم الجديدة كلياً على المنطقة». وعلى رغم النمو السريع للقطاع والمرتبط بالطلب المتزايد، تواجه الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون تحديات، ويشكل النقص الكبير في الأطباء المحليين وفرق الرعاية الصحية المؤهلة ذات الصلة في المنطقة عائقاً أمام نمو القطاع. إذ تعتمد دول المجلس في شكل كثيف على استقدام كوادر الرعاية الصحية من الخارج. ولا تزال نفقات الرعاية الصحية في المنطقة منخفضة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، على رغم الإنفاق الكبير الذي سجله القطاع في السنوات الماضية. كما لا تزال البنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية في دول المجلس دون المعايير الدولية، ما يفرض قيوداً على توسع السوق في ظلّ الطلب القوي وارتفاع نصيب الفرد من الدخل في هذه الدول.