ارتفعت حالات التسجيل في الأندية والمراكز الرياضية، سواء من الذكور، أو من الإناث عبر الأندية غير المباشرة التابعة للمراكز الصحية والمشاغل النسائية، يأتي ذلك تزامناً مع التقارير الصحية التي تصنف المملكة ضمن الدول العشر الأوائل عالمياً في انتشار أمراض "السمنة" وارتفاع "الكولسترول" و"السكر"، وكذلك "ضغط الدم" و"الأمراض القلبية". ووفق أحدث الدراسات العلمية حول صحة السكان، فإن المملكة تتصدر المرتبة الأولى في قائمة الدول العشر الأكثر إصابة ب"داء السكري" في المنطقة العربية -الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-، وهذا الداء يؤدي إلى وفاة ثلاثة أشخاص كل ساعتين، وبمعدل (42) وفاة يومياً، وبأكثر من (15) ألف حالة وفاة سنوياً، إضافةً إلى وجود ما يربو على (2.5) مليون مصاب بالسكري في المملكة -في الفئة العمرية من 20-69 عاما-، وتسجل المملكة زيادة سنوية في أعداد المصابين بمرض السكري بنحو (150) ألف حالة مرضية جديدة سنوياً، وتنفق الدولة قرابة الألف دولار سنوياً على المريض الواحد. وفيما يتعلق بالأطفال، فالإحصائيات تظهر أن نسبة "السكري" لديهم وصل إلى أرقام مخيفة حيث ان (36%) -ثلاثة ملايين ونصف المليون- من أطفال المملكة مصابون بالسمنة، والأطفال البدناء معرضون أكثر من غيرهم للإصابة ب"السكري"، فيما بلغت نسبة المصابين ب"البدانة" في المملكة (70%) من عدد السكان، وأن عدد الوفيات بسبب أمراضها نحو (20) ألف حالة سنوياً. وتُشير الدراسات إلى أن معدل انتشار "ارتفاع ضغط الدم" أو "القاتل الصامت" بين الرجال يصل إلى (28.6%)، في حين بلغ بين الإناث حوالي (23.9%) من عدد السكان، وتصل نسبة الاصابة بارتفاع "الكولسترول" في الدم بالمملكة إلى (54%) من عدد السكان، وتُرجع كل الدراسات السبب الرئيسي في انتشار هذه الأمراض إلى نمط الحياة غير الجيد الذي يشمل غذاء سلبياً ورياضة معدومة، وساهمت الأرقام السابقة في إقبال المواطنين على الرياضة، إلى جانب اتباع أنظمة حمية مختلفة، أدى تنوعها ورواج الطلب عليها إلى افتتاح الكثير من المراكز المتخصصة في أنحاء المملكة. الرغبة في الحصول على «جسم رشيق» وتغيير «النفسية» زاد من الإقبال على الأندية الخاصة.. والنساء ينتظرن ومن يتجول في الأندية الرياضية الخاصة، سيُشاهد الحركة الكبيرة من قبل الرجال، سواء من فئة الشباب أو أعلى من الأربعين عاماً، مما يؤكد أن ذلك أصبح "سلوك حياة"، فالكل يعمل على الحصول على جسم رشيق يتباهى به أمام أقرانه، إضافةً إلى تغيير الأجواء عبر ممارسة المشي، أو الركض، أو السباحة، إلاّ أنه في الطرف المقابل تُعاني النساء من قلة أعداد الأندية الخاصة بهن، في ظل تزايد حالات "السمنة" بينهن، مما يتطلب افتتاح أندية رياضية خاصة بهن، تحت إشراف الجهات المعنية، على أن يكون ذلك خاضعاً للمواصفات المتماشية مع الدين والعادات والتقاليد. نمط حياة وقال الشاب "بندر المحسن": إنه يُعد الرياضة بالنسبة له نمط حياة خاصة، وهو يكاد يتحول فعلياً -كما يلاحظ- إلى نمط حياة عامة، نظراً لشدة الإقبال على ممارسة الرياضة في مختلف المراكز الرياضية العام منها والخاص، إضافةً إلى وجود نسب عالية في ازدياد ممن يمارسون رياضة المشي في الشوارع والمماشي العامة، مضيفاً أنه لم تعد القضية بسيطة أو يمكن التهاون معها، فالصحة خط أحمر ينبغي ألاّ يستهان بها، إضافةً إلى الشكل والمظهر العام الذي ساهمت طبيعة حياتنا كثيراً في تشويهه، فأصبحت السمنة مظهراً والترهل والتعب والشيخوخة المبكرة سمات للشباب إلاّ من رحم ربي، مبيناً أن الرياضة بكل أنواعها خاصةً السباحة والمشي تعد من المسلمات اليومية التي لم يتركها. وأوضحت الشابة "نسمة الرافع" أننا محظوظون بوجود هذا الكم من المراكز الرياضية العامة والخاصة المنتشرة في كل منطقة، وفي كل حي، مضيفةً: "لا عذر لشاب يسير مترهلاً، أو منتفخ اللحم، كثير الدهن، فالمراكز بكل مستوياتها أمام عينيه، وفي متناول خطواته"، مبينةً أن لديهن مشكلة كبيرة، فالمراكز الرياضية النسائية محدودة ومصنفة ضمن نشاطات أخرى، على الرغم من احتياج البنات للرياضة من أجل التخلص من السمنة والمظهر الرديء، وكذلك المحافظة على الصحة مثل الذكور، مشيرةً إلى أن المتاح لا يفي بالغرض ولا يحقق المطلوب، لكن هذا لا يمنع أن كثيرا جداً من النساء بنات وسيدات يمارسن الرياضة في المراكز الصحية، وفي المنازل، أو في المواقع التي تتيح نوادي رياضية لهن، ذاكرةً أنه في هذا العصر ازداد الحرص على الرياضة، وأصبحت متعة ونمط حياة لكثير من الناس، مؤكدةً على أنها تميل إلى رياضة المشي وركوب الدراجة. رياضة المشي لا تزال تبحث عن إرادة الاستمرار والمكان الآمن مؤشر الوعي وأشارت "ريم وليد القمصاني" -أخصائية التغذية والمدربة الرياضية- إلى أن الأمر اختلف كثيراً خلال عشرة أعوام، مضيفةً أنها بدأت عملها في تدريب السيدات على الرياضة في أحد الفنادق وكان المُسجل فقط سيدتين، وحين افتتح ناديين صحيين للنساء كان مجموع المشتركات فيه لا يتجاوز عشر سيدات، مبينةً أنه مع الوقت أخذت الأعداد تتزايد حتى وصلت الآن في الصف الواحد من (40 -50) عضوة، الأمر الذي يجعل من عملية التدريب متعة وتفاعلا، لافتةً إلى ارتفاع مؤشر الوعي المجتمعي كثيراً لدى النساء مثلما حدث مع الرجال بشأن الصحة العامة والمظهر العام. وحول أسباب إقبال الفتيات والسيدات على الرياضة ذكرت أنه تتعدد أسبابه كثيراً مع ارتفاع نسبة الوعي وتصاعد وتيرة التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت الأسباب متنوعة، ففضلاً عن نحت الجسد وتخفيض الوزن، هناك من تأتي بسبب أن الرياضة تريحها نفسياً وتصفي ذهنها، وهناك من تأتي لأن الرياضة أصبحت نمط حياة بالنسبة لها، وكثيرات بسبب الخوف على الصحة، وكذلك القلق من أمراض العصر المخيفة. برامج للأطفال لتعويدهم على الرياضة منذ الصغر أسباب صحية وعن الفئات العمرية والاجتماعية أكدت "ريم القمصاني" على أن كل الفئات العمرية يُشاركن في تحويل الرياضة إلى عادة يومية، سواء من الصغيرات اللاتي هن في العشرينات وأقل، إلى الكبيرات في الأربعينات والخمسينات، بل والستينات، مضيفةً أن إقبال الشابات يكون اختيارياً ولأسباب جمالية، في حين أن اقبال الكبيرات يكون في مجمله لأسباب صحية وكعلاج طبيعي أحياناً، مبينةً أن الفئات الأقل دخلاً يكون ارتباطها بالرياضة ارتباطاً وقتياً لتحقيق غاية معينة، فمثلاً شابة تريد أن تخفض وزنها قبل الزواج، مشيرةً إلى أنه تساهم قيمة الاشتراكات وقلة المراكز النسائية في عدم اقبال الفتيات من ذوات الدخل المحدود على الرياضة، رغم احتياجهن لها، مقترحةً وجود مراكز رياضية نسائية في كل حي، على أن تشرف عليها الدولة بضوابط محكمة وبمبالغ رمزية، حتى تجد الفتيات في كل موقع فرصتهن لممارسة الرياضة في طقس مناسب وظروف مواتية. سلوك يومي وتحدث "علي القرني" -مدير العلاقات العامة بأحد المراكز الرياضية الخاصة- قائلاً: إن الاقبال على ممارسة الرياضة بين الشباب يمكن أن يصنف بأنه غير طبيعي، مضيفاً أن لديهم (85) فرعاً جميعها تعاني من الزحام، حتى أنه لا توجد مواقف كافية لسيارات القادمين يومياً لممارسة الرياضة، مبيناً أنه أصبحت الرياضة لدى الشباب نمط حياة وسلوكا يوميا يذهبون للعمل صباحاً ثم يعودون إلى منازلهم ثم الذهاب إلى النادي، مؤكداً على أنه خلال جولاته على المراكز ومحاولة استطلاع آراء الأعضاء يكاد يجمعون كلهم على أن الرياضة تحولت إلى عادة، وأنهم بكل قواهم يحاولون مكافحة تفشي "السمنة" والأمراض المترتبة عليها من "ارتفاع ضغط" و"سكر" و"كولسترول" وغيرها، مشيراً إلى أنه يوجد اختلاف في الثقافة والوعي المجتمعي بأهمية الرياضة خلال العشرة الأعوام السابقة، مرجعاً ذلك إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُعد أحد أهم أسباب السعي لحياة صحية بين الناس. توفير أجهزة وأدوات حديثة للمشتركين في الأندية الرياضية وأضاف: الرجال ما بعد الأربعين يمارسون الرياضة حفاظاً على الصحة، فيما يركن معظم الشباب إلى السعي وراء الشكل والبنية وطبعاً الصحة، ذاكراً أنه سيعطي هذا الاهتمام الكبير بالرياضة خمسة أعوام فقط، لنبدأ في ملاحظة تأثيره على المملكة في شتى المناحي، عبر وجود شباب أكثر صحة، وبمعدل "سمنة" و"سكري" أقل، وبعمل أكثر، وتفاؤل وعطاء وإنتاج أكبر. فروع نساء وأوضح "عبدالحميد الإبراهيم" -نائب مدير علاقات العملاء بأحد المراكز الرياضية الشهيرة- أنه يثق بمستقبل أكثر إشراقاً، وبشباب أكثر صحة ووعياً من خلال مقولة: "العقل السليم في الجسم السليم"، مضيفاً أنه يوجد أكثر من (15) ألف مُشترك شهرياً، وبأكثر من (600) عضو جديد يومياً، وبهذا الانتظام والاصرار والنتائج المتحققة يمكننا أن نثق في شعب أكثر صحة خلال الأعوام القليلة القادمة بإذن الله، متمنياً افتتاح فروع للنساء حين تصلهم الموافقة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ذاكراً أن الموضوع أصبح مطلباً مُلحاً وعاجلاً، ونساء الوطن يحتجن إلى مراكز رياضية حقيقية تحترم خصوصيتهن، وتتيح لهن الدخول في سباق اللياقة والصحة، مؤكداً على أنهم مستعدون لتلبية أي شرط مهما كان لضمان تأمين خصوصية المراكز الرياضية النسائية، ومن واقع دراساتهم فإنه من المتوقع أن يكون إقبال النساء على المراكز الرياضية المرخصة للنساء أسطورياً، خاصةً إذا كان تحت إشراف الدولة وخاضعاً للمواصفات المتماشية مع الدين والعادات والتقاليد، وكذلك توفير المواصلات، مشيراً إلى أن ذلك سيقيهن من استغلال المراكز القليلة المتوفرة تحت ستار مجالات أخرى، حيث تُعد مهددة بالإغلاق في أي لحظة. عبدالحميد الإبراهيم علي القرني