على الرغم من الإيضاح المفصل بالمقال السابق عن الطريقة المكشوفة والمعلنة لكبار المستثمرين بسوقنا للاستفادة من أوضاعه الحالية لاستثمار سيولتهم العالية بالشراء المتدرج وباتجاه هبوطي بالشركات الاستثمارية (التي أثبتتها قوائم كبار الملاك المحدثة يوميا) والدعوة للتفكير بنفس الطريقة التي يفكر بها الكبار، إلا انه من الغريب إصرار معظم المتداولين على المضاربة في شركات خاسرة مع قناعتهم بخطورة المضاربة بها! ولكن المشكلة أنهم مع انهيار أسعارها يقررون إغلاق محافظهم والتحول لمستثمرين بها! فنحن أمام مشكلة أساسية لمفهوم الاستثمار الذي مازال هناك من يعتقد بأنه ينحصر في تملك السهم لعدة سنوات ويتجاهل الأهم وهو ماهية الشركة التي يستثمر بها! إنني هنا لن أتحدث عن حالات محدودة يستهدف بعض المستثمرين التملك في شركات خاسرة بهدف الوصول لإدارتها لتعديل أوضاعها كما حدث قبل (25) عاما ونجحوا في ذلك، ولكنني سأركز على مايتعلق بالمتداولين الذين أصيبوا بحيرة مما يحدث بالأسهم التي يمتلكونها بشركات تتراكم خسائرها كل عام! فعلى الرغم من أن أسعار أسهم بعض الشركات الخاسرة تبلغ حاليا ضعفين او ثلاثة أضعاف أسهم شركات رابحة (مسيطر عليها من كبار المستثمرين) وتحقق أرباحا عالية وتوزع أرباحا سنوية قد تتجاوز في بعضها نسبة (6%) من القيمة السوقية للسهم! إلا إننا لا نجد القرار الاستثماري الصحيح من قبل صغار المتداولين في التحول الفوري من شركة خاسرة الى شركة رابحة وعبر الحصول بنفس سعر سهم واحد بشركة خاسرة على سهمين او ثلاثة أسهم بشركة رابحة، وليصبح المستثمر الصغير شريكا مع كبار المستثمرين في المخصصات المخفية والأرباح الضخمة المحتجزة بالقوائم المالية للشركات الكبرى التي لم يساعد وضع السوق حاليا في حصول السهم على قيمته المستحقة! وقد لفتت إحدى الشركات الكبرى (قبل يومين) الانتباه لحجم أرباحها الموزعة للعام بأنها تقارب ال (7%) من القيمة السوقية للسهم! فهل هناك أكثر تصريحا بان هناك أسهما بالسوق مغرية للمستثمر في وقت يعاني فيه العالم من تبعات الأزمة العالمية والتقلص لفرص الاستثمار الأخرى! إن العائق الذي يقف أمام تحول صغار المتداولين من المضاربة في شركات خاسرة الى الاستثمار والمضاربة في أسهم شركات رابحة هو تذكر الارتفاعات السريعة التي حظيت بها أسهم تلك الشركات مقابل الضغط على الشركات الكبرى، وهو عهد يجب نسيانه لان الجميع بما فيهم كبار المضاربين قد تضرر منه بعد انهيار السوق، والمهم هو انه يجب أن لا نتجاهل تشدد هيئة السوق بشكل كبير ومبالغ فيه مع مضاربي الشركات بالإيقاف والغرامات التي قد تسيء للسوق لحاجته لمضاربات معقولة! كما أن السعي لسحب اكبر قدر من سيولة المتداولين بالاكتتابات الجديدة وبعلاوات الإصدار يدعونا لتغيير طريقة تفكيرنا بالسوق من خلال طرح فكرة التحول من شركة خاسرة او أرباحها قليلة الى شركات رابحة وإداراتها ناجحة مازالت أسعارها حاليا مغرية وأثبتت الأزمة بأنها قوية وتوزع أرباحا سنوية مجزية مابين (6%) و(7%) من القيمة السوقية والاهم أنها تستحق بعد شهرين (أي يمكن تخفيض سعر التكلفة بها) بالإضافة الى أن المستثمر الصغير سيتوفر لديه الاطمئنان النفسي أثناء الأزمات وسيستفيد من تحسن السوق بارتفاع سعر شركته كما انه سيتجنب الخسارة الفادحة في حال تعرض السوق لأي أزمة، لكونه مستثمرا بشركة استثمارية بدلا من نزول الأسهم الخاسرة التي أيضا وبسبب خسائرها قد يتآكل رأس مالها وتتعرض للتهديد بالإيقاف خاصة وان نظام الشركات الجديد الجاري بحثه سيخفض نسبة الخسائر الى (50%) التي تستوجب إيقاف أسهم الشركة عن التداول! فالتحرك بالسوق يجب أن يسبق الحدث!