الذي يهددنا ويهدد مستقبل أبنائنا وليس من السهل القضاء عليه بلقاح هو وباء المخدرات كفانا الله شره حيث لا يخفى على الجميع تأثيراته الصحية والاقتصادية والاجتماعية حيث إن نسبة 37٪ من قضايا الجرائم في المملكة هي بسبب المخدرات. إن عدم قدرة المستشفيات المتاحة في القضاء والسيطرة على وباء الادمان نتيجة نقص السعة السريرية هي من أهم التحديات التي تواجه مستشفيات الإدمان في المملكة حيث تتوافر حالياً ثلاثة مستشفيات للأمل رئيسة لعلاج الإدمان، واحد في الرياض بسعة 273 سريرًا، وواحد في جدة بسعة 200 سرير، وواحد في الدمام بسعة 300 سرير، حيث تشتكي معظمها من طول قوائم الانتظار ومن عدم كفاية مراكز التأهيل النفسي والاجتماعي والمهني لضمان اندماج المريض مع مجتمعه وممارسة حياته الطبيعية فقد أثبتت الدراسات أن أحد أهم أسباب انتكاسة المدمنين هي في نقص البرامج التأهيلية التي تعتبر من أهم مراحل العلاج وتستمر لفترة زمنية طويلة مقارنة بالمراحل الأخرى للعلاج، على الرغم من الجهود الحثيثة التي تقوم بها الدولة في احباط العديد من عمليات التهريب إلا أن ما يتم ضبطه لا يتجاوز 30٪ مما يلقى طريقه من هذه السموم عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية. وقد زادت نسبة تعاطي المخدرات خلال الخمس سنوات الأخيرة أربعة أضعاف ما بين رجال ونساء، حيث سجل الحشيش أعلى نسبة 48٪، يليه الأفيون 24٪، ثم الحبوب 11٪. لقد بلغت حالات مراجعي مستشفيات الأمل من مدمني الأدوية النفسية 20٪ من عدد حالات الإدمان وذلك نتيجة صرف الأدوية بدون رقابة وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة من قبل الأطباء وصرف الأدوية لابتزاز المرضي. ولم تسلم النساء من هذا الخطر حيث بلغ عدد المدمنات في المملكة المراجعات لمستشفى الأمل 270 حالة وتشمل الإدمان على الحشيش والكبتاجون والمؤثرات العقلية (ترامادول، زاناكس، روش) حيث تتأثر النساء بشكل كبير من هذه السموم لتأثيرها ليس على الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية فقط بل على صحة وسلامة أرواح الأطفال لتأثيرها على الخصوبة والحمل والإنجاب فتسبب الاجهاض والولادة المبكرة حيث ترتقع نسبتها بين النساء المدمنات، كذلك ظهور الحالات الانسحابية عند المواليد لأمهات مدمنات. إن الإمكانيات التي لدى الوزارة غير كافية على الإطلاق في مواجهة وباء الإدمان، فالشراكة مع القطاع الخاص للمساهمة في توفير مصحات متخصصة للعلاج أصبحت ملحة في ظل تزايد حالات الإدمان وعدم قدرة الوزارة على مواجهته لوحدها. إن دعم الوزارة للقطاع الخاص في الاستثمار والمساهمة في تأسيس مراكز صحية ومصحات عالية التأهيل لعلاج حالات الإدمان سيساهم في الرفع عن كاهل الوزارة والمجتمع عبئاً عدم القدرة على علاج الحالات المتزايدة بشكل مطرد، ويحضرني تعليق أحد المدمنين عندما ذهب برجليه لمستشفى الأمل وقال لهم: (يا جماعة أنا تبت وساعدوني أقلع) فردوا عليه (والله ودنا بس ما في أسرة)!! العديد من العائلات المقتدرة تتكلف عناء السفر للخارج بحثاً عن تلك المصحات المؤهلة لعلاج فلذات أكبادها حيث يتحملون عناء السفر وتكاليفه ويمضون فترات طويلة في الخارج نظراً لطول فترات التأهيل. لماذا لا يتم إنشاء هكذا مراكز ومصحات متخصصة في العلاج والتأهيل في بلدنا على الرغم من ارتفاع جدواها الاقتصادية والاجتماعية، الأمر يتطلب جهودًا وزارية حثيثة للتشجيع على هذا الاستثمار مع الدعم الذي تتطلبه مشاريع كهذه سواء على المستوى الإداري أو المادي.