سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    سعود بن نايف يستقبل المهنئين في رمضان.. ويطلع على أعمال "الذوق العام"    أرامكو تحقق أرباحًا وتدفقات نقدية في نتائج 2024 برغم انخفض أسعار النفط    فيصل بن مشعل: مشروع نقل المياه (الجبيل - بريدة) يجسد حرص القيادة    هل تهدد «رسوم ترمب» أمن الطاقة بأمريكا؟ «اتحاد الوقود» يجيب    الرئيس المصري : لن يكون هناك سلام حقيقي دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة    تأكيد سعودي - لبناني على تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    الأهلي يقترب بثلاثية    عقدة غياب الدون تطارد العالمي    جوازات مطار المدينة تستقبل رحلات المعتمرين في رمضان    14 دبلوما عدليا    أمير الرياض: جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن عظيمة في مضمونها ومنهجها وفي عملها    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    أمير المدينة المنورة: منظومة متكاملة لخدمة المصلين والزوار    منظومة تشغيلية متكاملة في الحرمين الشريفين    250 معتمراً من 14 دولة يشكرون القيادة على عنايتها بالمصحف الشريف    تجمع الرياض يطلق حملة "صم بصحة"    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    ليلى عوض.. الغياب الذي لم يمحُ الأثر    نيفيز ينقذ جيسوس من ورطة الظهير    "الربيع" يدشن مركاز حي الروضة الرمضاني بالمحلة غوان    شرطة الرياض تقبض على (6) مصريين إثر مشاجرة لخلاف بينهم في مكان عام    وزيرة الخزانة البريطانية: سنتأثر بالرسوم الجمركية الأمريكية    8 جامعات تتنافس على لقب دوري كرة الطائرة    الكرملين: بوتين يوافق على وساطة بين واشنطن وطهران    أمريكا تدرج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية    أفضلية طفيفة لباختاكور في أوزبكستان بعد أداء باهت من الهلال    سيميوني وأنشيلوتي.. مواجهة كسر عظم    بعد تعرضه لوعكة صحية.. أشرف زكي يطمئن جمهوره عبر «عكاظ»: إرهاق شديد سبب الأزمة    المرصد الإعلامي ل"التعاون الإسلامي": اعتداءات قوات الاحتلال على المساجد في الضفة الغربية تصل ذروتها    أمير المدينة يكرم الفائزين بجوائز مسابقة "منافس"    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية غير العادية    192 نقطة انخفاض للأسهم.. التداولات عند 6.4 مليار ريال    فيصل بن فهد بن مقرن يطلع على برامج جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية بحائل    زعيم دروز سورية: مشروعنا وطني.. لن نطلب الانفصال يوماً    هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب13.2 ملم    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    السوق الرمضاني في ساحات المشهد بأبها وسط خطة تشغيلية متكاملة    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    خديجة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    الشهادة التي لا تسقط بالرحيل    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصرام وقدحة اللونة والحصاد وطباخ اللون
مفردات كان أجدادنا يستخدمونها
نشر في الرياض يوم 23 - 00 - 2014

اختفت تدريجيا كثير من المسميات والمفردات التي كان أجدادنا يستخدمونها للتعريف بالوقت وظروفهم فيه، فمن خلال المناسبة التي تتكرر كل سنة تكونت لدى المجتمع ثقافة عامة عنها، مثل مناسبة صرام النخيل ومناسبة الحصاد، ووقت ظهور الرطب ونضج التمر، وغيرها.
ولكن استجدت الآن مفردات ومسميات تعد بدائل لها حلت محلها، علماً بأنه بقي بعض الماضي نتيجة لبقاء المناسبة إلى حد ما.
ففي الوقت الحاضر جعلنا من أي مناسبات تتكرر محطة لها تميزها الزمني ونعرف من خلالها بعضا من الوقت مقارنة ببقية السنة، فنقول مثلا: إجازة الربيع أو نصف السنة، أو بداية العام الدراسي أو وقت الاختبارات أو الحج أو الإجازة الصيفية، أو أسبوع الشجرة أو اليوم الوطني..الخ
متجاهلين التاريخ الذي تكون فيه المناسبة وكل ظروفها المناخية، معتمدين على أن هذه المسميات من البديهي معرفة وقتها من العام.
وقد اخذت مكانها في توقيتنا بناء على التكرار، وبناء على أهميتها أيضا، حيث يتأثر بها ويعرفها الغالبية طلابا وموظفين ومعلمين وأولياء أمور وغيرهم، فكأننا إذا قلنا الإجازة الطويلة، أو العطلة الصيفية تصورنا وقتها من العام وموقعها منه فعرفناه وأنه يكون في فصل الصيف وبداية الحر وانتهاء الدراسة، وظهور بعض الثمار في السوق وكثرتها..الخ، وإذا قلنا: بداية العام الدراسي تصورناه أيضا، وأنه وقت يأتي بعد انصراف الحر وبرودة الجو ووقت الخريف.
يوم حر القيظ والصيف وخريفه يطَّرد فيها السراب من القوايل
هذه طبيعة ما يجري في حياتنا وعملنا حاليا، فعملنا المتكرر اليوم هو: الوظيفة والدراسة وإجازات وعطل وسفر وعودة، ومن خلالها برمجنا تصورنا عن الوقت وتعودنا وصارت معنا تلك الوقفات نتعرف على مفاصل العام من خلالها مع التقويم طبعا ووسائل ضبط التاريخ، لكنها تعتبر مساندة سريعة.
أما في الماضي فهناك مسميات يرددها السابقون أثناء سوالفهم وسرد معلوماتهم وتاريخهم ليس فيها شيئا من هذه المفردات إطلاقاً، وإنما هي بحسب ما يجري في مجتمعهم وما يندرج ضمن أعمالهم، وعندما يذكرون المفردة فإنهم في الواقع لا يعنونها بالذات ولكنهم يعنون أوقاتها وما يحيط بها من ظروف كثيرة طبيعية واجتماعية واقتصادية، وذكرهم لمفردة موجزة إنما هي للاختصار.
ولأنهم جعلوا مسميات نضج الثمار وقطفه والأعمال مسقطة على وقتها، ومع تعودهم على ذلك صاروا يدركون ما تعنيه العبارات، وما يصفونه بها مثل: قولهم: قدحة اللونة، وطباخ اللون أو طباخ الرطب أو طباخ التمر، ومثل قولهم طباخ العنب، والحصاد، ومربعانية القيظ، وإن كانوا في الشتاء قالوا مربعانية الشتاء، أو يقولون كنا في الشربة، أو في الصرام أو في الجوزاء أو المرزم..الخ
ويفهم ويعرف ويدرك المتلقي من مفردة فقط عند ذكرها في معرض الحديث كل شيء عن وقتهم الذي يعنونه، ويتصور ظروفهم فيه، من حرارة وارتفاعها أو انخفاضها أو بردا أو مطرا أو جفافا أو جوعا أو شبعاً، مع أنهم لم يصرحوا بشيء من ذلك، وإنما قالوا مثلا: كنا في الصرام.
فإذا جاء مسمى الصرام وهو جذاذ النخل أو الحصاد وهو قص وتجميع نبات القمح أو الذرة لتحصيل الحب منه فإن الوقت يعني فصل الصيف وحرارة الأجواء وأيضا وقت شبع عند الكثيرين، وفيه يتوفر التمر والقمح، وتكثر فيه الصدقات والهدايا والعطايا، واستيفاء الديون..الخ
كل هذه وغيرها تعنيها مفردة: الصرام الحصاد، ولم يذكروها، لأنهم يعبرون بالمفردة عن كل التفاصيل، والمتلقي بشطارته وفطنته ومعرفته بثقافة المجتمع، يتصور ظروفهم التي يحكون عنها والمعاناة بكل تفاصيلها من عطش وتعب أو ارتياح ونهاية موسم عمل..الخ.
واليوم بقي من الماضي بقية فنحن هذه الأيام نسمع من بعضنا عبارة: طباخ اللون، أو طباخ التمر، طباخ العنب ويعنون الأجواء نفسها، ومن المؤكد أن لكل ثمرة وقتها لتنضج، لا تتقدم عليه ولا تتأخر كثيرا عن موعد نضجها، ويحدد ذلك بالدرجة الأولى مناخ المكان الذي هي فيه وطقسه المتكرر.
ويصف أجدادنا الحر الشديد في بعض أيام الصيف بتعبير مختصر فيقولون اليوم: طبخ، على وزن فعل وسمن، وهي التسمية التي تطلق على عملية إنضاج الطعام، فالناس يطبخون والعملية نفسها تسمى طبخا، فإذا أطلقوها على يوم أو فترة زمنية فهذا يعني أنهم يصفون الجو بأنه يقوم بعملية طبخ الأجسام، وكثيرا ما نسمع من كبار السن أيضاً قولهم: اليوم حر، ويضيفون: اليوم طبخ. أو اليوم كتمة، أو اليوم غت أو اليوم موت حر، وهي ليست مبالغات كما نعتقد بل حقيقة يحسون بها في فترة أواسط القيظ القائظ والصيف الصائف ودرجات الحرارة التي تزيد على 50 درجة في الظل وتلبد سحاب يغطي ولا يمطر ويكتم ولا يلطف، وقف ولا يتحرك، ولكنه يطبخ التمر والعنب والناس أيضا ويجعل النفوس في غت وضيق وغمت.
وهذه الظروف تتهيأ في فترة وسط الصيف أي يوليو وأوائل أغسطس وفيه ما يسمونه (قدحة اللونة) فيبدأ البلح يأخذ اللون الأحمر والأصفر والسبب شدة الحر،، سموه قدحة اللون كأن اللون فيه إضاءة تشع منه وهو معنى القدح عندهم فيقولون تقادح الشرر، يعنون النار، فيلمح الفلاح تقادح الألوان من هنا وهناك في ثمار النخلة وبلحها فبعد أن كانت خضراء لا بريق لها تحولت إلى الحمرة أو الصفرة، وفي هذه الفترة يكون السبب في هذا هو الحر فقط، ويأتي الغت والكتمة حيث تتوسط الشمس في السماء لا يحجبها في الغالب شيء، إلا شيء من الغبار في الفضاء حينا، وأشعة الشمس كأنما تصب لهبا من تنور مقلوب يوقد على رؤوس النخيل في عملية طبخ حقيقية تصهر ما تحتها وتنضجه في أجواء لا نسيم فيها، وهو الذي يوصل اللون (البلح يسمى لوناً) يوصله إلى رحلة النضج أي رطباً ثم تمراً بعد أن كان كله لونا أحمر وأصفر، لهذا يسمونه طباخ اللون، لأنه يحل عليه في هذه المرحلة، ثم كثر الآن من يسميه طباخ التمر تاركين المسمى الذي كنا نسمعه كثيرا، فإذا وصل إلى مرحلة التمر كان نهاية أغسطس وظهور نجم سهيل وفيه نقول (تلمس التمر في الليل) وبعد فترة ليست ببعيدة يكون كله قد اكتمل نضجا وأقبل صرام النخيل، ويبدأ الجو مرحلة الاعتدال خاصة في الليل.
ولشدة القيظ وحره، وكونه حدثا مهما وللناس فيه معاناتهم، من ظمأ في السفر وتعب في الحضر، وأحداثه وأعماله كثيرة مميزة، لم يغفله الشعراء في قصائدهم، فقل أن نجد شاعراً لم يكن لمفردة القيظ ذكر في شعره خاصة الشعراء في زمن الأمس.
يقول الشاعر محمد القحطاني:
أقفى البراد وحل وقت المعاصير
وقامت سموم القيظ قلبي تلوفه
القيظ ما يبهج قلوب الصقاقير
يضيق صدر اللي نوى بالنكوفه
ويقول الشاعر: سميحان الشمري:
يامحلا المنزل براس النباوه
بارضٍ خلا توه تروَّت من السيل
وقت الربيع الجو فيه الصفاوه
جوٍ نقي ما اعتاز طب وتحاليل
وان جاك حر القيظ وأقبل حماوه
تنزل على عدٍ زلالٍ شخاليل
وهذه أبيات من قصيدة، وتبدو فيها معاناة السفر وحر القيظ والحاجة، للشاعر: محمد بن سعد المطيري يقول فيها:
في شمال المملكة يم الرديفة
في حدود الجوف قبل حدود حايل
قبل أبو عجرم ورى الصحراء الكثيفة
غربي الدومة يسار من النثايل
في زمان فات والدنيا ضعيفة
ما تصلها إلا معبسة الشمايل
يوم حر القيظ والصيف وخريفه
يطرَّد فيها السراب من القوايل
عابرين الدرب والطرقة كليفة
و انفهق ليلٍ كما سود الجدايل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.