يطل علينا هذا الأسبوع أول أيام موسم المرزم، ويتزامن ذلك مع آخر باحورة القيظ وأول القدحة التي تتسم بشدة سطوع الشمس، ويُعرف ذلك بتوسط المجرة القمة السماوية، وهو من أحرّ مواسم الصيف؛ إذ إن درجة الحرارة تصل إلى أعلى معدلاتها السنوية على الأجزاء الشمالية من الكرة الأرضية؛ فتنساب الثلوج من قمم الجبال، ويرتفع منسوب المياه مخلّفة فيضانات مدمرة على مناطق الشرق الأقصى. وقال عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم الدكتور عبدالله المسند إن موسم طباخ الرطب أو "صباغ اللون" بدأ أعماله في نخيل منطقة القصيم والمنطقة الوسطى بالسعودية، وسيستمر نظرياً حتى نهاية شهر أغسطس، مشيرا إلى أن هذه الفترة تعتبر فترة تلوين التمور ونضجها بسبب اشتداد الحر الذي يبدأ عادة مع العشر الأخير من شهر يوليو ويدعى عند العامة بموسم طباخ اللون أو بمسميات مشابهة مثل طباخ التمر، صباغ اللون، طباخ الرطب.. إلخ، وفي 29 من يوليو يظهر طالع المرزم (نوء الذراع) والذي يقول عنه العامة: "إذا طلع المرزم فامل المحزم"، كناية عن نضج التمر وبداية جنيه بكميات كبيرة. وذكر الدكتور المسند أن الطقس في فترة طباخ اللون يتميز بارتفاع درجة الحرارة والسموم وذلك لتغير مهب الرياح الشمالية السائدة إلى جهات جغرافية أخرى، ويشار إلى أن أعلى معدلات درجة الحرارة خلال السنة يتزامن مع طالع المرزم وطالع الكليبين الذي يأتي بعده. وأشار المسند إلى أن من العوامل التي تتسبب في رفع درجة الحرارة ليلاً في المنطقة الوسطى هي تشكل السحب العالية والمتفرقة في سماء الوسطى والغربية وأحياناً الشرقية والتي مصدرها بحر العرب وهي سحب خفيفة غير ممطرة وتتحرك من الشرق إلى الغرب تبعاً لحركة الرياح النفاثة العلوية (الشرقيات)، وهذه الأجواء والمظاهر هي التي تميز موسم طباخ اللون أو التمر. ويشير المسند إلى أنه خلال شهر أغسطس عادة تنتهي رياح البوارح النشطة والمثيرة للغبار وذلك لتشكل منخفضاً جوياً وسط المملكة والذي يغير من مهب الرياح الشمالية السائدة قبل ذلك. وفي نهاية شهر أغسطس والذي يتزامن مع دخول سهيل (24 أغسطس) قد تهطل فيها أمطار خفيفة على الوسطى، والذي قال عنه العوام : "إذا دخل سهيل لا تأمن السيل". وحذر المسند العاملين في جني محصول النخيل وسكان المزارع ومرتادي البراري من خطورة هذه الظروف الجوية من حرارة ورطوبة والتي تدفع بالأفاعي والثعابين إلى الخروج ليلاً من جحورها للبحث عن الأماكن الأكثر برودة والتي عادة ما تكون داخل مزارع النخيل والأعشاب التي حولها. وبحسب الدكتور خالد الزعاق فإن هذا الموسم تكثر خلاله العواصف الرملية في الساحل الغربي للمملكة في مناطق القنفذة وقرى الساحل والطرق المؤدية منها إلى جدة، وتنشط عادة قبيل الظهر وتستمر إلى مغيب الشمس بشكل يومي، ويستمر معها هبوب الرياح الشمالية أو الشمالية الغربية المشوبة بالسموم اللافح في المنطقة الشمالية والوسطى والشرقية من المملكة، وتشتد حدتها، وأحياناً تتسم بالعنف، وغالباً ما يكون هبوبها أثناء ساعات النهار؛ فتثير الغبار والأتربة، فإذا حل الظلام تهدأ. وفي موسم المرزم يستوي كثير من النخيل؛ لذلك قال العامة «إلى طلع المرزم فامل المحزم»، ومعناه أن التمر المنصف يكثر في موسم المرزم. وخلال هذه الفترة يرتفع نشاط وهياج الأفاعي والزواحف بمختلف أنواعها وتنتشر بشكل كبير خلال فترة الليل بسبب ازدياد معدلات الرطوبة، خصوصا على السواحل؛ الأمر الذي قد يجعل الأفاعي تتوجه نحو المنطقة الوسطى؛ لذا فعلى الجميع اتخاذ الحيطة والحذر.