نطالع الكثير من النجاحات التي تتحقق على المستوى الشخصي او في مسيرة بعض الوزارات والمصالح العامة وشبه العامة وكذلك القطاع الخاص ويسأل كل منا نفسه كيف تحقق هذا النجاح؟ والاجابة التي ترد للذهن قبل طرح السؤال انها قامت على خطط مسبقة ودراسات دقيقة كانت ضامنا لها في تحقيق النجاح والتميز، ولذا تأتي النتائج وفق المتوقع او تزيد لأنها تأخذ عامل المخاطرة بشيء من الدقة، اما من يمشي بعشوائية وبدون خطة عمل او اهداف فانه يسير على بركة الله ونتائج ادائه كمؤشر نبضات القلب المتعب ليست مستقرة على حال، فان حدث نجاح فهو ضربة حظ ونحن نؤمن بالحظ (وانه لذو حظ عظيم) ايماناً مطلقا ولكن هذا لا يجعلنا اناسا قدريين ونجعل ان كل ما يحصل هو مقدر وليس للإنسان دور فيه والاخذ بالأسباب قد ندب اليه شرعنا الكريم لأنه يوصلنا لأفضل النتائج ولا يتنافى ذلك مع الايمان او احالة كل ما يحصل الى قدرة الله عز وجل حتى نسلم من الملامة ولكن سبب الفشل الحقيقي عدم التخطيط للنجاح. ومن اشد الامور مرارة والما انك ترى بعض الوزارات خططها حبر على ورق من ناحية ومن ناحية اخرى ان كانت تمشي وفق خطة فهي تعتمد على رأي القيادي الاول في تلك الوزارة وهو من يدخل التعديل عليها بالزيادة او النقص حسبما يراه دون اشراك جهات اخرى من الوزارات الأخرى ذات العلاقة كوزارة التخطيط التي يفترض ان دورها اكبر من مجرد نماذج ترسل للوزارات ليتم تعبئتها ومن ثم صدور الخطط الخمسية لها وللوطن بأكمله دون الاشتراك مع تلك الوزارات في مراقبة التنفيذ ومتابعة الانحرافات عن الخطة واعادة تقويمها بما يضمن للوطن والمواطن استمرار التنمية المحلية ونماء الناتج المحلي بما يحقق للأجيال المتتابعة الرفاهية وللوطن التطور، ثم اذا اتت الجهات الرقابية في جولاتها السنوية المعتادة فإنها لا تدري من اين تبدأ بل وتعطيها الوزارة ما يمكنها من كتابة تقرير فيه اختلافات في كل ما فيه لأنها لم تأخذ الخطة من بدايتها وتتابع مراحل تنفيذها ويكون التقرير بناء على تلك الانحرافات عن بنود الخطة. وهنا اصبحنا الان نرى في مجلس الشورى قوة اكبر من قوة الاجهزة الرقابية لأنه يستضيف الوزير في كل عام ويتم مواجهته من اناس يملكون الخبرة ويكشف المستور في كثير من مصالحنا العامة بفضل الخبرات المتنوعة في المجلس وتعمل جميع المصالح لذلك اليوم حالة استنفار قصوى لان المصارحة فيه على اعلى المستويات ويشاركهم الاعلام مشكوراً في ابراز سلبيتها ومن المؤسف اننا لم نطالع الاشادة باي من مصالحنا العامة في مجلسنا الموقر الذي نقدر دوره ونحترم صراحته ونشكر مسعاه ولكننا نقرأ الكثير من الاتهامات المبنية على حقائق وارقام ولا نجد مبرراً يقنع المختص او المتابع الا ان العمل في اغلب الوزارات يأتي وفق ما يراه القيادي. ولان من مصالحنا العامة ما يدار بأشبه ما يكون بالرأي الشخصي بعيدا عن الالتزام بالخطط فانك تطالع - أيضا - سرعة التغيير في الهياكل الادارية التي لا تكاد تخلو من دخول أسماء المعارف والاصدقاء ضمن عقود تشغيل أو صيانة أوعقود الاستشارات وغيرها في استجلاب من يحمل الثقة الشخصية وهذا في حد ذاته قد يكون مقبولا اذا كان للاستعانة بخبرات متميزة تساهم في اصلاح الوضع وليس من باب المنافع الشخصية لمن نحب، والامر الذي لا يقل قسوة عما سبق هي في فترة التقاعد او الاعفاء او النقل لاحد القياديين بعد ان تم صرف الملايين على خطة عمله ليأتي البديل ويلغى كلما سبق ويبدأ في خطة جديدة وصرف جديد وما تم صرفه اين ذهب وما هي الفائدة المرجوة منها وما هي المنافع التي حققها، اليس من الاولى هنا ان يستلم القيادي الخلف الخطة من القيادي السلف ويقف معه على الطريق الذي وقفت عليه الخطة ليستكمل البناء ونحفظ حق الوطن والمواطن من عشوائية ازدواجية الصرف والتبذير، ولماذا لا يكون للوزارات المعنية واجهزة الرقابة دور في الاستلام والتسليم، وخاصة أننا نعلم ان عهدة الدباسة أصبحت في اخلاء الطرف اهم من عهدة الخطة وتلك ربما بعشرين ريالا والخطة ربما تتجاوز مئات الملايين! في الختام، لعل مجلس الشورى يخرج لنا بآلية ملزمة لكل الوزارات في اعداد خطة استراتيجية وخطط تنفيذية وعدم اخلاء طرف القيادي الا بعد تسليم الخطة بكافة بنودها وأساليب الصرف عليها او اشراك الاجهزة الرقابية في ذلك ضماناً لحق الوطن والمواطن وليس عذراً ان كانت موارد وطننا كبيرة ان نهمل المحاسبة وهو ما يؤكد عليه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين حفظهما الله في احاديثهم وعند صدور الميزانيات من كل عام والمجلس قادر على ذلك.