من لا يعدي عن مراعي جدوده بالسيف عدي عن مراعي ركايبه ومن لا يرد الضد بالسيف والقنا ويحمي الحمى تطمع عليه الثعالبه ومن لا يباشر شر الاشرار بالقنا يوطا وكف عداه لحماه خاربه ومن لا يدوس اعداه في ثوب عزه وفي باس ضرغام طوال مخالبه ولا فداس اعداه من فوق راسه ومن ديس راسه مات بادنى مضاربه ومن كف شره عند الاشرار ضره وبالشر ينمي كل خير ٍلصاحبه ومن لا يذود الذود عن حوض ورده بالسيف والا سوف تظما ركايبه فالشر ما ينحال إلا برده ودون الظبا ما حال من عال نايبه فلولا الظبا ما وحد الله جاحد شوك القنا والمشرفيات جات به وحذراك تبقي راس من هان قدره فكم فارس افناه من لا يقاس به وراس تقصه تكتفي باس شره وروح بلا راس فلا جات حاربه فمن سل سيف العز لليث قاده ومن لا يسل السيف فالقرد قاد به ومن لا يعدي عن حياضه تشرع ومن لا يكرم لحيته حلق شاربه والدار كار وشيخها باب سورها حصن لها في كلما ناب نايبه والدار عذرا حقها من يصونها ويسعى لها في كل ما حل واجبه إلى كان عذرا يفضح البدر خدها كالشمس تعشي كل عين تراقبه فان كان مابه باس بعل يصونها بالسيف والا قيل في الناس خايبه هي دارنا وضحاً من الدور نازه لأذيال فخر العز والمجد ساحبه ضربنا وراها كل صم عصمصم وضرغام غاب ٍعض بالسيف غاربه حتى غدت بالسيف كل ٍيزورها ويعني لها رغم ٍعلى أنف صاحبه الشاعر: هو أبو محمد راشد الخلاوي العجلاني عاش في القرن الثامن ومطلع القرن التاسع الهجري. دراسة النص: اقتطعت هذه الأبيات من بائية الخلاوي الشهيرة وهي قصيدة مطولة تتعدد أغراضها وهنا أوردت ما يتعلق بأمن الوطن حيث تناول هذا الجانب ونصح وأجاد أيما إجادة ففي قوله (مراعي جدوده) يكني عن الوطن بمفهومه الكبير فيتعدى حدود وطنه إلى الأوطان التي يجمعها معه الدم والدين ووحدة المصير بما يشكل الأمن القومي والإقليمي فمن تهاون في الدفاع والحفاظ على أمنه القومي فلابد أن يؤثر ذلك على أمنه الوطني (مراعي ركايبه) ومن لا يستخدم القوة (السيف والرماح) ويحمي وطنه سيكون مطمعاً وفريسة سهلة حتى للأعداء الضعفاء من أهل المكر والحيلة (الثعالب) فعليه أن يباشر أي تهديد ويأخذه في الحسبان ولا يتوانى في مواجهته بالقوة والحزم وإلا سيكون تهاونه وبالاً عليه وخراباً لوطنه، فمن لا يقوم بالسطو على أعدائه ويهينهم وهو في موقف عز وقوة كأنه الضرغام الصائل وإلا سيهينه الأعداء ويقضون عليه فالقوة والمبادرة هي الفاصل في مواجهة الخطر، والامتناع عن معاقبة الأشرار فيه ضرر كبير ففي العقاب ومحاسبتهم صيانة للنماء والخير ومكتسبات الشعب، فمن لا يحمي موارده بالقوة وإلا أنه سيأتي من يسلبها ويحرمه منها فالشر هنا لا يواجه إلا بمثله والقوة تواجه بقوة أعظم منها وأنه لولا السيف والقوة لم ينتشر الإسلام ويفرض الأمن، ويحذر الشاعر من احتقار العدو والتهاون في أمره مهما كان صغيراً حقيرا، فكم من فارس صنديد قتله محقوراً ليس بند له، بل يجب تتبع رؤوس الفتنة وإن صغرت هذه الرؤوس والقضاء عليها حتى نكون بمأمن من شرها، ولن تكون هناك راحة ننعم بها طالما هناك عدو يفكر ويخطط، فمن يستخدم الشدة والحزم في مواجهة العدو الأقوى والأشرس (الليث) فأنه لا شك سيغلبه ويخضعه له،ومن تهاون مع العدو الأضعف(القرد)غلبه الأضعف وأخضعه،ومن لا يحمي مكتسبات وطنه سيسلبها الآخرين منه ومن لا يهتم برعاية كل ما يمس أمنه القومي وكرامة أمته سيصل الأمر إليه ويهان، فمجد الأمة هو أمن الوطن والقائد هو من يصون هذا المجد ويحميه في وقت الشدائد، والأوطان هي العرض والكرامة والشرف وهي أشبه ما تكون بالفتاة العذراء الطاهرة التي حقها الحفظ والحماية وصيانتها عن كل ما يسوء، فإذا كانت هذه العذراء في غاية الجمال والفتنة كثر طلابها فإن لم يكن لها رجلاً غيوراً يحميها بالقوة فستفقد شرفها وتفقد كرامتها، ولا فخر ولا مجد إلا بجلاد الأعداء دونها. وفي الختام يبقى الشعر حاملاً لخلاصة تجارب الشعوب ولساناً ناطقاً بالحكمة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر حكمة) فقد كان الوطن والأمن قصيدة الشعراء ووصية الحكماء فأمن الوطن عند الجميع لا مزايدة عليه والأمن مقدم على كل شيء وهو منة الله على خلقه قال تعالى (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) والمتتبع للتاريخ يجد أنه لم يخلو زمان من الخوارج ودعاة الفتنة ولم يسلم وطناً من هجمات الأعداء ولكن تأثر الأوطان وخسائرها تكون ذات علاقة عكسية بحجم قوتها واستعدادها بل القوة هي الفيصل في حياة الأوطان ووحدة الشعب هي الروح الفاعلة في القوة، ولقد كانت تجربة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه متميزة وفريدة في بناء وطن قوي متماسك كان نتيجة كفاح استمر ما يزيد عن ثلاثين عام حتى استطاع يفرض الأمن والاستقرار لهذا الوطن المترامي الأطراف والذي يشرف بأطهر بقاع الأرض المباركة وما كان هذا ليحدث لو لم يكن هناك مساندة ووعي من الصالحين المستشرفين للمستقبل من أبناء الوطن وما تحلى به الجميع من عزم وإصرار على تحقيق الهدف وقوة وحزم ضد كل مخالف لوحدة الأمة لقد كان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عطوفاً طيباً رحيماً بشعبه حريصاً على وطنه قوياً حازماً مبادراً في أحداث كثيرة ومحن وفتن واجهها بصلابة وحزم ودهاء ولو تهاون فيها ما كنا اليوم نتنعم بالأمن والرخاء بفضل من الله ثم فضل من الملك المؤسس وأبنائه البررة من بعده. أدام الله على وطني أمنه واستقراره وحفظ الله لنا قيادتنا الحكيمة وأمدها بنصره وتوفيقه ومنحنا القوة والطمأنينة ووحد صفنا ودحر أعداءنا المتربصين بنا ورد كيدهم في نحورهم.