يمني المدرب يواكيم لوف أن تكون مشاركته الثالثة في العرس العالمي ثابتة ويقود ألمانيا الى اللقب العالمي الرابع في تاريخه عندما يلاقي منتخب بلاده نظيره الارجنتيني في المباراة النهائية للنسخة العشرين من كأس العالم. عمر لوف طويلا على رأس الادارة الفنية للمنتخب الالماني وتحديدا 10 اعوام حتى الان بينها عامان كمساعد لمواطنه يورغن كلينسمان قادا خلالها "ناسيونال مانشافت" في المونديال الذي استضافته المانيا عام 2006 وحلت فيه ثالثة. كان المونديال الالماني التجربة الاولى للوف في اكبر تظاهرة كروية في العالم قبل ان يخوض الثانية بمفرده في جنوب افريقيا قبل 4 اعوام لكن المشوار توقف مجددا عند حاجز دور الاربعة على يد اسبانيا التي توجت باللقب لاحقا. لكن لوف حقق الانجاز الابرز في النسخة الحالية وقاد المانشافت الى المباراة النهائية وبفوز ساحق ومذل على البرازيل المضيفة 7-1 في دور الاربعة جعلت الترشيحات تصب في مصحلة المانيا أكثر من أي وقت مضى واصبح هو شخصيا على مشارف ترصيع سجله التدريبي بأغلى لقب في العالم. لا يؤمن لوف (54 عاما) بالترشيحات ويسعى الى تحقيق اللقب ومنح المانيا لقبا كبيرا كانت اقرب اليه كثيرا في الاعوام الاربعة الاخيرة كونها حلت وصيفة الكأس القارية عام 2008 والمربع الذهبي عام 2012. يتميز المدرب الشاب بهدوء ومعرفة تقنية هائلة وقدرة عالية في التعامل مع نجومه، الجماهير ورجال الإعلام. عمل لوف طويلا في ظل يورغن كلينسمان الذي قاد ألمانيا الى المركز الثالث في مونديال 2006 على أرضها، ثم خلفه يوم 21 يوليو 2006 عند انتهاء العرس العالمي، وضرب بقوة في أولى مشاركاته الكبرى عندما قاد الاسطول الألماني الى وصافة كأس اوروبا 2008 في النمساوسويسرا حيث خسر أمام أسبانيا في النهائي صفر-1. طريق لوف التدريبية الى المنتخب الالماني لم تكن طريق اللاعب والمدرب الناجح المرصع بالالقاب، فهو لم يحترف كلاعب مع اندية الصف الاول في المانيا اذ تنقل بين فرايبورغ واينتراخت فرانكفورت وكارلسروه قبل ان ينهي مسيرته في سويسرا مع شافهاوزن وفنترثور، ووصل لاعب الوسط المهاجم الى منتخب ألمانيا ما دون 21 عاما لكنه لم يبلغ يوما المنتخب الأول. لكن نجمه كمدرب بزغ مع شتوتغارت (1996-1998)، مستفيدا من رحيل المدرب رولف فرينغر لتدريب منتخب سويسرا، فقاده للقب الكأس (1997) ونهائي كأس الكؤوس الاوروبية حيث خسر امام تشلسي الانكليزي صفر-1 في باريس (1998) وكان في تشكيلته انذاك الثلاثي الرهيب المكون من لاعب الوسط البلغاري كراسيمير بالاكوف والمهاجمين البرازيلي جيوفاني البير وفريدي بوبيتش. الصعود الصاروخي للمدرب الشاب لحقه هبوط أسرع اذ أقيل من فنربخشة التركي (1999) وعجز عن انقاذ كارلسروه من الهبوط الى الدرجة الثالثة (2000) كما انه أقيل بعد ثلاثة اشهر من اضنه سبور التركي. ارتفعت معنويات لوف المتأثرة من الاقالات بعدما احرز لقب الدوري النمسوي مع تيرول انسبروك (2002) لكن الرحلة انتهت مجددا اثر افلاس النادي. عام جديد امضاه لوف بدون عمل عاد بعده لنادي اوستريا فيينا في العاصمة النمسوية الذي اقاله بعد ثمانية أشهر رغم تصدره ترتيب الدوري. وفي ظل هذه المعمعة لم يتردد لوف بقبول طلب كلينسمان الباحث عن تكتيكي يطبق فلسفته الهجومية على ارض الملعب اثر الخروج المهين لالمانيا من الدور الاول لبطولة اوروبا 2004، فالتقى "كلينسي" و"يوغي" مجددا بعد ان نالا سويا دبلوم التدريب وكانا زميلين على مقاعد الدراسة. نجح كلينسمان بمساعدة لوف في ايصال المانيا الى نصف نهائي المونديال الالماني غير انه سقط في فخ ايطاليا التي احرزت اللقب لاحقا على حساب فرنسا، فوصفت مسيرة ال"مانشافت" بالناجحة، غير ان كلينسمان رفض تمديد عقده وفضل الاستمتاع بشمس كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة الاميركية، ناصحا الاتحاد الالماني بتسمية لوف خلفا له وهذا ما حدث. فتح لوف (50 عاما) أحد ثلاثة مدربين لم يلبسوا قط قميص المنتخب الالماني الأول (بعد اوتو نيرتز واريك ريبيك) صفحة جديدة في كتب التدريب الالمانية، فأدار ظهره لطريقة اللعب "المحافظة" وفرض فلسفته التدريبية وحبه للحياة، و"سيبقى لفترة طويلة على رأس المنتخب" على حد قول الهداف السابق اوليفر بيرهوف الذي يشغل حاليا منصب مدير المنتخب. ويذهب اللاعبون في السياق ذاته اذ يعتبر المهاجم لوكاس بودولسكي ان لوف "يترك مواهبنا تتفجر، ويعتمد على الشباب"، فيما قال المخضرم ميروسلاف كلوزه "لم يتغير لوف منذ عام 2004، يتحدث دائما الى اللاعبين وعن الخطط التكتيكية. انه انساني جدا، يتحدث الى جميع اللاعبين ويستمع اليهم، يقدم دائما اشياء جديدة في التدريبات. انه مدرب رائع". لا مكان للعواطف عند لوف عندما يتعلق الامر بمصير المنتخب الالماني، ففي مونديال 2010 استبعد هداف شالكه كيفن كوراني عن النهائيات بعد نشوب خلاف بينهما اثر اخراجه للاعب المولود في البرازيل في منتصف مباراة روسيا في التصفيات المؤهلة. كما اتخذ قرارا جريئا باستبعاد القائد ميكايل بالاك عقب المونديال مفضلا عليه الجيل الشاب في خط الوسط خصوصا باستيان شفاينشتايغر وسامي خضيرة ومسعود اوزيل وماريو غوتسه ونجح في رهانه الى حد بعيد لان هذا الجيل وضع المانيا في قمة كأس العالم للمرة الاولى منذ 24 عاما. كان بامكان كلوزه معادلة او تحطيم الرقم القياسي في عدد الاهداف في تاريخ كأس العالم في النسخة السابقة في جنوب افريقيا في مباراة تحديد المركز الثالث، ولكن لوف حرمه من ذلك لأنه لم يكن في قمة مستواه بنسبة 100%، فجلس على مقاعد البدلاء حتى انه لم يمنحه الفرصة في المباريات الاولى من النسخة الحالية مفضلا عليه غوتسه، قبل ان يشركه اساسيا في المباراتين الاخيرتين. على الرغم من سجله الرائع مع منتخب بلاده حيث حقق 69 فوزا في 101 مباراة دولية مقابل 17 تعادلا و15 هزيمة في ثماني سنوات، يحتاج لوف الى تاج كأس العالم كي يعتبر واحدا من افضل مدربي المانشافت ويحقق امال الجمهور الألماني في احراز أول لقب منذ 18 عاما. ووحده لقب كبير يفصل لوف عن مقارنته بسجل المدربين الاسطوريين القيصر فرانتس بكنباور الذي قاد المنتخب الى لقب كأس العالم عام 1990، وبيرتي فوغتس الذي قاد المانيا الى كأس اوروبا عام 1996.