تجاوزت خيام الإفطار الرمضاني -المُقامة في مساجد عدد من الأحياء- من عملية إفطار إلى ظاهرة سنوية راقية تتولاَّها الجمعيات الخيرية، إلى جانب عدد من المكاتب الدعويَّة، وكذلك بعض المحسنين الساعين للحصول على الأجر والمثوبة من الله –عزَّ وجلّ- في هذا الشهر العظيم، حيث يتحلَّق حول موائدها الصائمون من العمالة الوافدة والمحتاجين من مختلف الجنسيات، في منظر مهيب وتجمع إسلامي عظيم تتوحد فيه المشاعر وعبارات الدعاء، بيد أنَّ هذا المشروع الخيري ظل في إطاره المألوف منذ سنوات دون إدخال أي أفكار جديدة عليه، عدا زيادة عدد الوجبات، وتغيير أسماء المطاعم التي يُعهد إليها إعدادها، كذلك إضافة مقار جديدة في عدد من الأحياء، وبالتالي ننتظر من الجهات المعنية بهذا المشروع الخيري أن تعمل على إعادة النظر في آلية تنفيذه، على أن تتم إتاحة الفرصة للأسر المنتجة من ذوي الدخل المحدود في إعداد وجبات الإفطار للصائمين وإفادتهم مادياً من هذا المشروع. لفتة كريمة وقال "محمد عبدالعزيز" –موظف-:"وجود هذا المشروع يُعدُّ لفتةً كريمة من أبناء المملكة لمساعدة كثير من العزاب والوافدين للحصول على وجبة الإفطار في نهاية يوم الصيام"، مُضيفاً أنَّه يجد حرجاً كبيراً حينما يتناول وجبة الإفطار في المساجد، خاصةً أنَّ ذلك يعني أن يتواجد هناك قبل ساعة أو أكثر من موعد أذان المغرب ليضمن الحصول على وجبته قبل نفاد الكمية. وأشار "أمين محمود" -وافد سوري- إلى أنَّ خيام الإفطار الرمضاني تُعدُّ دليلاً واضحاً على كرم أبناء المملكة، مضيفاً أنَّ الجميع هنا يبذلون جهوداً كبيرة في سبيل إطعام الصائمين عبر إعداد وتنظيم الوجبات لتصبح هذه الخيام جاهزةً قُبيل أذان المغرب بدقائق معدودة لتستقبل العديد من أبناء العالمين العربي والإسلامي من العمالة الوافدة الذين قضوا جزءاً كبيراً من النهار في أداء أعمالهم. وأضاف أنَّ هذه الخيام الرمضانية أتاحت الفرصة للعديد من أبناء بعض الجنسيات الإفريقية والآسيوية العاملين بالمملكة للدخول في الإسلام، مشيراً إلى أنَّهم يأتون مع بعض أبناء جلدتهم إلى هذه الخيام ويرون بأعينهم هذا المنظر المهيب والتجمع الإسلامي العظيم الذي تقشعرّ له الأبدان، مؤكِّداً على أنَّه يُعدُّ أكبر مُحفِّز لدخولهم في الدين الإسلامي الحنيف، خاصةً أنَّ العديد من القائمين على هذه الخيام يعكسون صورة الإسلام الحقيقية عبر ما يبدونه من كرم وأخلاق عظيمة وتكاتف بين الجميع. عادة جميلة وبيّن "خالد يوسف" -موظف بالقطاع الخاص- أنَّ هذه العادة السنوية الجميلة أتاحت الفرصة للعديد من المواطنين والمقيمين لفعل الخير، خاصةً أبناء الحيّ الواحد ممن يحرصون على إعداد بعض الموائد وإرسالها إلى هذه الخيام الرمضانية، إلى جانب العديد من أفراد المجتمع ممن يحرصون في كل عام على المساهمة في تجهيز وجبة إفطار الصائمين من المقيمين وبعض أبناء المجتمع ممن اضطرتهم ظروف البعد عن الأهل إلى المجيء إلى هذه الخيام وتناول إفطارهم جنباً إلى جنب مع إخوانهم من أبناء الأمتين العربية والإسلامية. وأوضح "صادقين محمد" -سائق خاص إندونيسي- أنَّ الجمعيات الخيرية تأتي بالوجبات مبكراً، الأمر الذي يجعل العديد من العمالة يحصلون عليها، رغم أنَّ بعضهم لا يدين بدين الإسلام، مضيفاً أنَّهم يأتون إلى مقر الخيمة الرمضانية طمعاً في الحصول على وجبة الإفطار المجانية، مشيراً إلى أنَّ ذلك يؤدي في كثير من الأحيان إلى حصوله على التمر والماء فقط، خاصةً أنَّ عمله لدى أسرة كفيله لا ينتهي إلاَّ عند الساعة الخامسة والنصف عصرا. وأضاف أنَّ ذلك يجعله يعود إلى منزل كفيله لتناول إفطاره هناك، داعياً القائمين على هذه الخيام الرمضانية إلى أخذ هذا الأمر في الحسبان مستقبلاً. دعم الجيران وأشادت "أم عبدالله" -ربة منزل- بمشروع إفطار صائم الرمضاني، مُضيفةً أنَّها كانت تتقاسم إعداد وجبات إفطار الصائمين مع بعض جاراتها في الحيّ، موضحةً أنَّ كل ربَّة منزل كانت تُعد طبقاً واحداً أو اثنين مشتملةً على القهوة والتمر، ومن ثمَّ يتم إرسالها إلى المسجد مع الأطفال قبل الأذان بساعة تقريباً، مُشيرةً إلى أنَّ أزواجهنَّ يعودون بالأطباق فارغة بعد صلاة المغرب لتهيئة المكان لأداء صلاة العشاء والتراويح، لافتةً إلى أنَّ جهود الجمعيات الخيرية تكاتفت حالياً في إعداد الخيام وتجهيزها بالوجبات اللازمة لإفطار الصائمين بشكلٍ منظم. ودعت المسؤولين عن هذا المشروع إلى إشراك بعض الأسر المنتجة من ذوي الدخل المحدود في إعداد الوجبات وإفادتها مادياً من هذا العمل، بدلاً من جعل الأمر حكراً على بعض المطاعم الكبرى في كل عام. أسعار الوجبات وأشار "سعيد العكروت" -بائع بأحد المطاعم- إلى أنَّه يوجد لديهم خدمة إيصال الوجبات للمساجد بالتعاون مع بعض الجمعيات الخيرية والمحسنين، مُضيفاً أنَّ أسعار الوجبات تتراوح بين خمسة ريالات و(10) ريالات، مُبيِّناً أنَّ الوجبة تحتوي على ربع دجاجة وسمبوسة وشوربة ولبن، موضحاً أنَّه يتم توصيل هذه الوجبات قبيل الأذان بفترة زمنية لا تبرد بها الوجبة ولا تفسد، لافتاً إلى أنَّ هذه العملية مريحة للطرفين، إذ يضمن المطعم هنا الحصول على عائد مالي يومي لمدة (30) يوماً، في حين تضمن الجمعيات والمحسنين توفير الوجبات دون انقطاع طيلة هذه الفترة. وأضاف أنَّ الأسعار لديهم مناسبة إلى حدٍ كبير، في ظل ارتفاع أسعار المواد التموينية في شهر رمضان، مُرجعاً السبب إلى المنافسة الكبيرة بين المطاعم في هذا الشأن، موضحاً أنَّ الأسعار تكون ثابتة لدى الأغلبية لضمان تشغيل مطبخها بعائد دائم أثناء هذا الشهر الفضيل، مُشيراً إلى أنَّ تدافع العمالة على الوجبات وأخذ أكثر من الاحتياج يُعرِّض الجمعيَّات الخيرية والمحسنين للحرج، حيث يكون الاتفاق على تجهيز عدد معين من الوجبات، وبالتالي يكون هناك نقص خارج عن الإرادة في كل مرَّة. ظل مشروع تفطير الصائمين في إطاره المألوف منذ سنوات دون إدخال أيّ أفكار جديدة عليه تتوحَّد على موائد الإفطار مشاعر وعبارات دعاء الصائمين