أكبر مشكلة يمكن أن تواجه الأمير عبدالله بن مساعد بصفته رئيساً عاماً لرعاية الشباب وهو يفكك شفرات الصندوق الأسود هي مشكلة اللجنة الأولمبية السعودية، فهذه المؤسسة هي (أم القضايا) في الشأن الرياضي السعودي، إذ في الوقت الذي تستند الرياضة في كل بلدان العالم على هذه المؤسسة يتعاطى معها الرياضيون السعوديون كشحم زائد في الجسم الرياضي، إن لعدم إدراكهم لأدوارها، أو لأن التداخل الحاصل بينها وبين رعاية الشباب جعلها تبدو هامشية. أساس أزمة اللجنة الأولمبية السعودية تكمن في أنها مؤسسة (أهلية) مستقلة من حيث الشكل؛ ولكن في المضمون تظهر بوضوح بأنها لا تعدو سوى ذراع لرعاية الشباب، والسبب يعود لعدم الفصل بين المؤسستين سواء في الهيكل الإداري حيث يرأس المؤسستين قيادي واحد، أو في بنية النظام؛ حيث تتداخل المسؤوليات وتتشابك العقد، ما يجعل أدوار اللجنة الأولمبية ثانوية؛ حيث يمسك بخيوط القرار متنفذون في رعاية الشباب إن بشكل مباشر أو غير مباشر لاسيما على مستوى اعتماد القرارات الإدارية، أو صرف المخصصات المالية، ما يجعل سلطة اللجنة على الاتحادات هامشياً. الجانب الفني في اللجنة الأولمبية لا يقل سوءاً عن الجانب الإداري، بل هو انعكاس له، ويفضح ذلك تدهور نتائج الاتحادات ليس في المنافسات الدولية والقارية بل حتى الإقليمية "عربياً وخليجياً"، ومن تابع آخر الاستحقاقات "الأولمبية" على هذا الصعيد يدرك هذه الحقيقة عدا عن النتائج في البطولات الأخرى. وجود الرياضة السعودية مثلاً في أولمبياد لندن 2012 كان هامشياً على مستوى الألعاب المتأهلة؛ فضلاً عن النتائج إذ لم نخرج سوى بميدالية برونزية حققتها الفروسية والتي هي أصلاً خارج إدارة اللجنة الأولمبية باعتبار أن صندوق الفروسية يتبناه خادم الحرمين الشريفين، وهو ما يؤكد أننا نتواجد عالمياً خارج المضمار قياساً بدول أخرى لا تملك ما تملكه المملكة من مقومات مادية وبشرية. آسيوياً بانت عورة الرياضة السعودية في "أسياد غوانزو" 2010 بوضوح وهي تفقد مكتسباتها حيث سقطت ورقة التوت عنها طوال أيام الدورة لولا بعض ميداليات من ألعاب القوى والكاراتيه والفروسية استطاعت أن تستر شيئاً من سوأتها، بل حتى نتائج ألعاب القوى وهي اللعبة التي كانت طوال الدورات التي سبقتها بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً للرياضة السعودية تراجعت بشكل لافت، وهو ما يؤشر على حجم الخطورة التي تعيشه الرياضة السعودية عموماً. الأمر ليس أفضل على الصعيد الإقليمي وهو ما تظهره النتائج في دورة الألعاب العربية التي استضافتها الدوحة، وكذلك دورة الألعاب الخليجية التي أقيمت في البحرين العام 2011، وأيضاً في البطولات الأخرى التي باتت تظهر على الدوام عجزنا وهواننا عربياً وخليجياً فضلاً عن قارياً أو عالمياً في الألعاب الجماعية وفي غالبية الرياضات الفردية. خطورة هذا الواقع سنلمسه بوضوح أكثر في "أسياد إنشتون" بعد شهرين، ولعلها فرصة جيدة للأمير عبدالله ليضع يده على جروح رياضتنا النازفة؛ خصوصاً ولم يعد يفصلنا عن أولمبياد ري ودي جانيرو سوى عامين، ولا أرى صعوبة معالجة تلك الجراحات إن كان هناك رغبة جادة وعمل مخلص؛ بعيداً عن عبارات من نوع "كله تمام طال عمرك" التي أبقتنا في أسفل عتبات السلّم الرياضي!.