سيظل اسم الحارس الجزائري رايس مبولحي عالقاً في أذهان العرب بشكل عام والجزائريين بشكل خاص، ولن ينسوا ما قدمه هذا الحارس العملاق في نهائيات كأس العالم 2014م المقامة حالياً في البرازيل، إذ يدينون له بفضل كبير في وصول ممثل العرب الوحيد المنتخب الجزائري إلى دور ال16 من المونديال، وطوال المباريات الثلاث التي أقيمت في دور المجموعات ظهر مبولحي بأداء مذهل، وتصدى لأهداف عدة محققة شكلت نقاط تحول في تلك المباريات ما جعل "الخضر" يحصدون أربع نقاط ثمينة منحتهم بطاقة التأهل. وثمّن مدرب الجزائر وحيد حاليلوزيتش الدور الكبير الذي لعبه حامي عرين "محاربو الصحراء" رايس مبولحي إذ أشاد كثيراً بقدراته وإمكانياته معتبرا أنّه قدّم اداءً مميزاً لا ينكره احد، وأضاف حاليلوزيتش في تصريحات نقلتها عنه اذاعة مونتي كارلو الدولية أنّه أكد لمبولحي بعد نهاية مباراة روسيا أنه يستحق وبجدارة أن يكون حارساً لفريق ونادي كروي كبير، مشيراً إلى أنّه لم يجد لحد الآن فريقاً بحجم كفاءته وموهبته وقدراته العالية. رايس وهاب مبولحي الذي ولد في باريس عام 1986م من أب كونغولي وأم جزائرية كانت بداياته الكروية لا تبشر بالخير، وعانى كثيراً من عدم الاستقرار، لكن ثقته في نفسه وإمكانياته جعلته لا يستسلم، إذ قاتل حتى تمكن من فرضه اسمه والوصول إلى تشكيلة المنتخب الوطني، وبدأ مبولحي ممارسة كرة القدم مع فريق شباب راسنغ باريس عام 95م واستمر في صفوف الفريق حتى عام 2002م، بعدها انتقل إلى مرسيليا ودافع عن شباك الفريق الأولمبي، وكان فريق هارت أوف ميدلوثيان هو المحطة الثالثة للحارس الجزائري، لكنه لم يفلح في فرض اسمه وغادر النادي دون أن يلعب أي مباراة. وفي موسم 2006-2007م انتقل مبولحي إلى إثنيكوس بيرايوس اليوناني، ولم يلعب له سوى خمس مباريات غادر بعدها من جديد إلى بانايتوليكوس اليوناني خلال فترة الانتقالات الشتوية في ذات الموسم ولعب للأخير حتى نهاية موسم 2007-2008م. وفضل مبولحي أن تكون محطته الجديدة آسيوية إذ وقع مع فريق اف سي ريوكيو الياباني، وهنالك مُنح الفرصة الأكبر له منذ ممارسته كرة القدم إذ شارك في 22 مباراة وقدم مستويات كبيرة فتحت له مجالاً واسعاً لصناعة اسمه، وقرر مبولحي العودة لأوروبا بعد أن تلقى عرضاً من سلافيا صوفيا البلغاري إذ وقع معه عقداً لمدة عامين، وفي موسمه الأولى أظهر النجم الجزائري مستويات لافتة للأنظار وذلك خلال المباريات ال27 التي لعبها واختير كأفضل حارس في دوري الدرجة الأولى البلغاري بالإضافة إلى اختياره كأفضل لاعب في الفريق من قبل جماهير النادي. في عام 2010م وبعد مستوياته المميزة في مونديال جنوب افريقيا بدأت الأندية الانجليزية تغازل رايس مبولحي، فخضع لتجربة لم يكتب لها النجاح مع مانشستر يونايتد، ولم تنجح مفاوضات نيوكاسل الذي قدم له مليون جنيه استرليني مع ناديه البلغاري، فكان سيسكا صوفيا البلغاري هو محطته الجديدة بنظام الإعارة واستطاع مبولحي أن يثبت نفسه أساسياً في تشكيلة الفريق البلغاري ويركن الحارس الأساسي السابق على دكة البدلاء إلى جانب المدرب، وشارك لأول مرة في دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا. بعد ان انتهت إعارته مع سيسكا صوفيا البلغاري انتقل مبولحي إلى روسيا وارتدى شعار كريليا سوفيتوف لمدة أربعة أعوام، ولأن تجربته المميزة خلال فترة الإعارة كانت عالقة في أذهان مسؤولي سيسكا صوفيا البلغاري خطبوا ود ناديه ووقعوا معه بنظام الإعارة لمدة عامين خاض خلالها 28 مباراة. وفي يناير عام 2013م حنّ مبولحي إلى مسقط رأسه (فرنسا) ووقع مع غازيليك أجاكسيو الفرنسي، وخاض أول مباراة معه أمام لنس وانتهت بفوز الأخير 3-صفر، وشارك مع الفريق الفرنسي في 12 مباراة انتهت بهبوطه إلى دوري الدرجة الثالثة. عاد رايس مبولحي في الموسم الماضي مرة ثالثة إلى سيسكا صوفيا البلغاري ووقع معه عقداً جديداً وشارك في 17 مباراة، ولا يزال الفريق البلغاري متمسكاً به خصوصاً وأنه استطاع أن يثبت وجوده مع نهاية الموسم. مبولحي الذي خاض أول مباراة دولية بشعار الجزائر عام 2010م أمام ايرلندا سبق له وأن لعب للمنتخب الفرنسي للناشئين عام 2002م، كما لعب للمنتخب الفرنسي الشاب عام 2004م، وبعد تعملقه في مونديال البرازيل 2014م وتلقيه إشادات واسعة أصبح مبولحي هدفاً للأندية الأوروبية لاسيما وأنه صغير في السن والمستقبل أمامه لا يزال كبيراً لتقديم الأفضل، وبحسب وسائل الإعلام الجزائرية فإن صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية كشفت عبر موقعها الإلكتروني أن إدارة نادي انتر ميلان تراقب بشكل جيد فعاليات كأس العالم بهدف التعاقد مع بعض اللاعبين، وأضافت ذات الصحيفة أن اهتمام إدارة النادي منصب أكثر على التعاقد مع حارس مرمى وذكرت أن إدارة الأنتر ترغب في التعاقد مع حارس المنتخب الجزائري رايس مبولحي بعد المستوى الجيد الذي ظهر به وصنف كأفضل حارس في الدور الأول. واستطاع مبولحي أن يرد على مدربه السابق في كريليا سوفيتوف الروسي عندما أشار قبل مباراة الجزائروروسيا أن مبولحي يعاني من مشكلة كبيرة في النظر بالعين اليسرى تسببت في استغناء النادي الروسي عنه بسبب رفضه أن يجري عملية جراحية للتخلص منها، وبالرغم من أن المدرب الروسي أكد بأنه نصح لاعبي روسيا بالإكثار من التسديدات على الحارس للاستفادة من تلك المشكلة إلا أن مبولحي كان في الموعد ورد على أقاويل المدرب الذي لم يكتفي بذلك بل أكد بأن تلك المشكلة تشكل للحارس صعوبات كثيرة في تحديد موقع الكرة إذ سددت من مسافة بعيدة وتعزله تماماً عن زملائه في المباراة إذ لا يتحدث معهم ولا يوجههم وهو ما يتسبب في عدم إنسجامهم، لكن رد مبولحي عليه كان مخرساً عندما قاد الجزائر لتحقيق نتيجة إيجابية منحته بطاقة التأهل عىل حساب الدب الروسي. موبلحي بدى واثقاً قبل إنطلاقة كأس العالم عندما قال عن المنتخبين المتأهلين من مجموعة منتخب بلاده: "الروس والبلجيكيون هم المرشحون، وهذا أفضل بالنسبة لنا، هكذا سنصنع المفاجأة"، وأوفى الحارس الجزائري بما وعد وخطف مع زملائه بطاقة الصعود للدور الثاني، واليوم "الخضر" سيخوضون مواجهة قوية مع المنتخب المرشح الأول لخطف الذهب ألمانيا، العرب والجزائريون يدركون بأن الانتصار على "المانشافت" أشبه بالمعجزة إلا أن كرة القدم وبالتحديد في هذا المونديال علمتنا بأنها لا تعرف المستحيل فمنتخبات عريقة أمثال انجلترا وايطاليا والبرتغال واسبانيا غادرت من دور المجموعات، وبإمكان المنتخب الجزائري أن يلحق المنتخب الألماني بهم. أنصار المنتخب الجزائري راضون تماماً عما قدمه ممثل العرب الوحيد في المونديال بصعوده لدور ال 16 للمرة الثالثة في تاريخ المنتخبات العربية، ولا يريدوا أن يتسببون في ضغوطات على اللاعبين بمطالبتهم بالفوز في مباراة اليوم لكنهم في الوقت ذاته يطمعون في أن يظهر المنتخب الجزائري بمستوى مشرف وسيكون الأمر مذهلاً لو حدثت "المفاجأة". الحارس المصري العملاق عصام الحضري منح مبولحي الأفضلية على مستوى الحراس في هذا المونديال عندما صرح قائلاً: "المنتخبات المشاركة في كأس العالم تملك حراس مميزين لكني أرى أن الحارس الأفضل إلى حد الآن في نهائيات كأس العالم هو حارس المنتخب الجزائري رايس مبولحي الذي كان له الدور الأكبر في تأهل الخضر إلى الدور الثاني، ولو يواصل الظهور بهذا المستوى سيكون أحد أفضل الحراس العرب والأفارقة من دون شك"، عندما تنهال على مبولحي الإشادات من المدربين والجماهير والمسؤولين والنقاد فإن ذلك يعني بأن الحمل عليه لن يكون عادياً وسيكون ثقيلاً، وبالتأكيد أن مبولحي سيكون حاضراً في الموعد وعند ثقة الجزائريين والعرب فيه وفي مستوياته، وبلا شك فإنه سيواجه اليوم منتخباً كاسحاً يضم في صفوفه لاعبين مميزين يتقدمهم هداف كؤوس العالم كلوزه ومولر وغيرهما من اللاعبين المميزين، لذلك فإن المهمة لن تكون سهلة إطلاقاً على الحارس الجزائري العملاق.