يشهد قطاع التقنية تطوراً سريعاً نحو التقنيات التي يمكن ارتداؤها، فقد دخلت تلك التقنيات في كثير من الأشياء الموجودة من حولنا، وليس من المجدي أن يعتمد المستخدم على هاتف نقال لأداء جميع العمليات، حتى لو كان الهاتف مرتبطاً بملحقات مختلفة، مقارنة بدمج التقنية نفسها داخل الملحقات والملابس، ليكون الهاتف النقال مرحلة وسطية لنقل التقنيات والسماح للمستخدمين بتجربة التقنيات الملبوسة، ولتكون التقنية عاملا أساسيا في جميع نواحي الاستخدامات اليومية. ويمكن تعريف التقنيات التي يمكن ارتداؤها على أنها التقنيات المدمجة في الأشياء التي يرتديها المستخدم يوميا، مثل الملابس والأحذية والساعات والنظارات وأجهزة مراقبة الصحة، أو التي يستخدها بشكل متكرر، مثل الأكواب والاكسسوارات والسماعات الرأسية، ومن المتوقع أن تتكامل هذه التقنية مع الحياة اليومية بشكل متسارع، لتصبح جزءا أساسيا في الأعوام القليلة المقبلة. وكشفت دراسة صادرة من مؤسسة "آي دي سي" للدراسات التسويقية أن مبيعات الأجهزة الإلكترونية التي يمكن ارتداؤها زادت ثلاثة أضعاف خلال سنة واحدة، وستنمو بنسبة 500% خلال السنوات الأربع المقبلة، وذكرت الدراسة أن مبيعات الأجهزة الإلكترونية التي يمكن ارتداؤها على مستوى العالم تجاوزت 19 مليون وحدة خلال العام الحالي، وسوف تصل إلى 111.9 مليون وحدة في العام 2018 بحيث تحقق معدل زيادة سنوية بنسبة 78.4 في المئة، أي أن مبيعات هذه النوعية من الأجهزة ستقفز خلال أربع سنوات بنسبة تكاد تصل إلى 500%. وتعتبر البطارية من أهم عناصر نجاح الأجهزة التي يمكن ارتداؤها، نظرا للحاجة إلى تطوير أجهزة خفيفة الوزن يمكن استخدامها لفترات طويلة نسبياً من دون الحاجة لإعادة شحنها، الأمر الذي يتطلب دارات إلكترونية ومعالجات ذات كفاءة عالية، وستصبح هذه الأجهزة شخصية ومدمجة في العديد من مجالات الحياة بشكل أكبر بعد التحرر من الحاجة لوصلها بالأسلاك بشكل متكرر، ومن الضروري كذلك تقديم تصاميم عصرية تلبي الرغبات المختلفة للمستخدمين، مثل مقاومة الماء والغبار والصدمات الخفيفة أو المتوسطة، بالإضافة إلى ضرورة استخدام مجسات متخصصة، وكذلك أن إضافة مجسات غير ضرورية سينعكس سلبا على شحن البطارية، وبالتالي خفض فترة الاستخدام الممكنة. ومن الممكن استخدام هذه الأجهزة لمراقبة الحالة الصحية للرياضيين، مثل تتبع المسافة التي قطعوها خلال فترات تمارينهم ومعدل السعرات الحرارية المحروقة ومعدل نبضات القلب، وتحميل هذه البيانات لاسلكيا إلى الإنترنت ليستطيع الطاقم الطبي أو المدرب مراقبتها ومتابعة تطور اللياقة البدنية للاعب أو الفريق وتحديد آلية تطوير الأداء، ومن الممكن كذلك استخدام هذه الأجهزة في المدارس والمؤسسات المتخصصة لمراقبة الصحة العامة للمستخدمين. وسيستطيع مدرب الفريق مراقبة سرعة كل لاعب والثواني المتبقية لقدرة لاعب ما على الوصول إلى نقطة التقاء مع لاعبين آخرين للحصول على أفضل التمريرات الممكنة ومراقبة أداء اللاعبين خلال مجريات المبارة نفسها من خلال نظارات خاصة متصلة بأجهزة خادمة تراقب اللاعبين طوال الوقت. وبالحديث عن النظارات الذكية، فمن الممكن جدا تطوير نظارات تضيف قدرات جديدة للمستخدم تساعده في الظروف الصعبة، مثل القدرة على استخدام الأشعة تحت الحمراء في الأماكن المظلمة أو التي تفتقد إلى الإنارة، أو أثناء القيادة ليلا بين المدن، وذلك لتنبيه المستخدم عن العناصر من حوله والسماح له برؤية ما لم يكن ممكنا في ظروف الإضاءة الصعبة. ومن المتوقع تطوير قمصان ذكية تستطيع مراقبة كبار السن ومشاركة البيانات المهمة مع الأطباء والأهل لمراقبة صحتهم، وأساور متخصصة بمراقبة نمط النوم وجودته ومدته، وجوارب ذكية لقياس توزيع الوزن على القدمين ووضعية القدم أثناء الوقوف أو الجري أو المشي وتطوير فعالية التمارين الرياضية وتحليل طريقة الجري للكشف مبكرا عن وجود مشاكل محتملة لتفادي الإصابات، مثل ميل القدم أثناء الجري. وأطلقت شركة "إنتل" المتخصصة بابتكارات الحوسبة والتقنيات الأساسية اللازمة لصناعة أجهزة الحوسبة في العالم مسابقة لبناء التقنيات الملبوسة بجوائز تبلغ قيمتها 1.3 مليون دولار أميركي، وذلك لتشجيع تطوير الابتكار في قطاع التقنيات التي يمكن ارتداؤها. ومن أحدث التقنيات التي كشفت الشركة النقاب عنها كومبيوتر مصغر متكامل بحجم بطاقة الذاكرة المحمولة "إس دي" SD اسمه "إديسون" Edison يقدم جميع المزايا التقنية الخاصة بالكومبيوترات الشخصية (بما في ذلك دعم لتقنيات "بلوتوث" و"واي فاي" اللاسلكية)، مع قدرته على التفاعل مع الملحقات المختلفة بكل سهولة، وهو لا يحتاج لطاقة كهربائية عالية للعمل، ومن شأن هذا الكومبيوتر المصغر أن يجعل كل شيء ذكيا لدى دمجه في العديد من الابتكارات المقبلة. وتستطيع هذه الكومبيوترات المصغرة التواصل مع بعضها البعض (ومع الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية أيضا) بكل سهولة، الأمر الذي يفتح المجال أمام استخدامات إبداعية لهذه التقنية، الجدير ذكره أن هذه الكومبيوترات متوافقة مع نظم التشغيل المختلفة التي تعمل على الكومبيوترات الشخصية، ولا تحتاج لنظام تشغيل خاص بها. وعلى الصعيد نفسه، اعلنت الشركة عن تطوير سماعة رأس ذكية اسمها "جارفيس" Jarvis تسمع المستخدم وتدردش معه وتبحث له عن جميع ما يريده في المواقع المختلفة، وتضبط جداول مواعيده، لتكون مساعده الخاص أينما ذهب وفي أي وقت، بحيث يمكن للمستخدم إعطاء أوامره الصوتية ببساطة للتفاعل معها، وليس من البعيد تطوير سماعات "ذكية" تراقب البيئة من حول المستخدم وتخبره بالإتجاه الذي يجب أن يسلكه أو وجود عقبات أمامه أو حتى لون إشارة مرور المشاة الحالية، الأمر بالغ الأهمية للمكفوفين والذي قد يعينهم على الوصول إلى وجهاتهم بشكل أكثر سهولة. أحد المعالجات صغيرة الحجم لاستخدامها في الأجهزة القابلة للارتداء سماعات لاسلكية