ضرب لاعب الوسط البرتغالي كريستيانو رونالدو بنصائح الأطباء عرض الحائط وفضل أن يخاطر بمستقبله الكروي في سبيل المشاركة في نهائيات كأس العالم 2014م، يقول الجراح البرتغالي جوزيه كارلوس نورونها: "نصحت رونالدو بأن يتوقف عن لعب بقية مباريات كأس العالم ليريح ركبته، وإلا يحتمل أن يودع مهنته الكروية إلى الأبد، انه يخاطر في لعبه بالإصابة بتمزق الوتر الذي لا يمكن علاجه في ركبته اليسرى"، إلا أن رونالدو لم يبالِ بتلك التهديدات فرد على طبيبه بقوله: "أنا من يقرر إن كنت سألعب أو لا"، في إشارة إلى أنه سيتواجد في مباريات المونديال المقبلة دون النظر في مضاعفات إصابته، رونالدو لم يقدم على هكذا خطوة إلا بسبب بحثه عن مجد يدونه في تاريخه الكروي سواء على صعيد المنتخب البرتغالي أو الصعيد الشخصي، فنجوم كرة القدم ينتظرون التظاهرة المونديالية كل أربعة أعوام لتسجيل الأرقام التاريخية في سجلاتهم والتي ستظل مقترنة بأسمائهم، لاسيما وأن رونالدو من اللاعبين الذين يعشقون لغة التحدي ولا يرضون إلا بالمقدمة والمنافسة عليها. فونشال البرتغالية شهدت ولادة كريستيانو رونالدو دوس سانتوس افيرو عام 1985م، وبحسب الموسوعة الحرة –ويكيبيديا- فإن والده سماه ب رونالدو بسبب حبه للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن، وبدأ النجم البرتغالي حياته الكروية مع اندورينها للهواة عام 95م، وانتقل لناسيونال ماديرا بالرغم من تلقيه عرضين من فريقين برتغاليين كبيرين هما بورتو وبوافيستا بيد أن والده رفضهما، موهبة رونالدو لفتت الأنظار إليه وهو مازاد من مطامع مسؤولي سبورتنج لشبونة في الحصول على خدماته إذ وقع معهم أول عقد احترافي. فرض رونالدو اسمه على مدربي لشبونة فتنقل في موسم واحد بين جميع فرق النادي ابتداءً بالأكاديمية مروراً بفريقي الناشئين والشباب وانتهاءً بالفريق الأول الذي شارك معه لأول مرة عام 2002م في مباراته الدورية مع موريرنسي وسجل في تلك المباراة هدفين من أصل ثلاثة، علاقة رونالدو بكرة القدم كادت أن تنتهي بسبب مرض "القلب" إلا أنه خضع لعملية جراحية أعادت ذلك "القلب" لوضعه الطبيعي، وشارك كريستيانو في 31 مباراة مع لشبونة سجل خلالها خمسة أهداف وتوج معه بثلاث بطولات في عام (2002م) هي الدوري البرتغالي وكأس البرتغال وكأس السوبر البرتغالي. تألق رونالدو مع منتخب بلاده في كأس أوروبا للمنتخبات تحت 17 عاماً جعلته هدفاً لأكبر الفرق الإنجليزية، وخطب ارسنال وده إلا أن مانشيستر يونايتد هو من ظفر بخدماته بعد تألقه في مباراته معهم ودياً، وكسب الفريق الانجليزي موهبة رونالدو مقابل 15 مليون يورو كأول لاعب برتغالي ينضم للمان يو. اليكس فيرجسون أصر على منح رونالدو رقم (7) وآخر من ارتدى هذا الرقم قبل حضور النجم البرتغالي هو اللاعب الكبير بيكهام، وقال كريستيانو بهذا الصدد في ذلك الوقت: "عندما سألني فيرجسون عن الرقم الذي أود ارتداءه قلت له 28، لكنه قال انت ستحمل الرقم سبعة، القميص الشهير كان حافزاً كبيراً لي". شباك بورتسموث هي أول من زارها رونالدو في رحلته مع مانشستر يونايتد من ركلة جزاء في الأول من نوفمبر 2003م، وفي أول مواسمه توج "الدون" مع المان يو بكأس الاتحاد الإنجليزي وساهم في ذلك اللقب بعد أن سجل هدف الفوز في مرمى ميلوال، كما سجل ستة أهداف، فيما انتهى موسمه الثاني بتسعة أهداف ودون أن يسجل أي لقب. رونالدو الذي قال عنه النجم الهولندي كرويف: "رونالدو أفضل من اسطورتي مانشستير يونايتد جورج بيست ودينيس لو" توج بثاني ألقابه مع المان يو في موسم 2005-2006م من خلال كأس أندية الرابطة الإنجليزية المحترفة وسجل في نهائي تلك البطولة احد الأهداف الثلاثة في شباك ويغان، وفي ذلك الموسم سجل رونالدو لمانشستر 12 هدفاً. في الموسم التالي تطور مستوى كريستيانو رونالدو كثيراً وتأقلم جيداً مع الأجواء الانجليزية وأدرك بأن الفرصة كبيرة أمامه ليصبح أحد افضل لاعبي العالم عبر بوابة مانشستر يونايتد، فيرجسون هو الأخر ساهم بشكل كبير في أن يفجر الطاقة الكامنة داخل اللاعب البرتغالي، والمستفيد الأكبر من ذلك هو الفريق الانجليزي الذي توج في ذلك الموسم باللقب الأقوى (الدوري الإنجليزي)، وكان الدون رقماً صعباً في تلك النسخة إذ سجل 17 هدفاً ساهم من خلالها في أن يتوج "الشياطين الحمر" بلقب الدوري، كما فاز رونالدو في عام 2007م بالدرع الخيري الإنجليزي. ريال مدريد غازل كريستيانو رونالدو لكسب خدماته إلا أن الأخير جدد عقده مع مانشستر بأجر اسبوعي هو الأعلى في ذلك الوقت، كان الموسم الخامس لرونالدو مختلفاً، إذ قدم فيه مستويات رائعة هي الأبرز له منذ أن لامست قدماه ملاعب كرة القدم، في ذلك الموسم (2007-2008م) سجل كريس 42 هدفاً، ليس كذلك فحسب بل أن قاد مانشستر يونايتد إلى لقب دوري أبطال أوروبا، والجميع يتذكر هدفه الذي سجله في نهائي تشيلسي، وفي تلك النسخة لقب هداف دوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى لقبي أفضل لاعب وأفضل وسط في البطولة، والحذاء الذهبي الأوروبي وغيرها من الألقاب الشخصية. توترت العلاقة بين ناديي مانشستر يونايتد وريال مدريد على خلفية العرض الذي قدمه الأخير لرونالدو للمرة الثانية على التوالي وهو مادفع مسؤولي الفريق الإنجليزي لتقديم شكوى للفيفا ضد المدريديين. عام 2009م كان مختلفاً بالنسبة لرونالدو لأنه توج مع فريقه بلقب كأس العالم للأندية، بالإضافة إلى أنه حصد ثمار العمل الكبير الذي قدمه مع فريقه والأرقام المميزة الذي أنجزها إذ توج بجائزة أفضل لاعب في العالم والمقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفي ذات الموسم سجل كريستيانو 26 هدفاً ساهم بها في تحقيق مانشستر لقبي الدوري والكأس. "فلورينتينو بيريز حصل على أفضل لاعبي العالم في فترة رئاسته الأولى لريال مدريد، كان لديه فيغو وزيدان وروبرتو كارلوس وراؤول في تلك الفترة، لكني لا أعتقد أن أيا من هؤلاء أفضل من رونالدو"، بهذه الكلمات عبر مدرب مانشستر يونايتد فيرجسون بعد رحيل رونالد لريال مدريد في أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم إذ وقع للأسبان مقابل أكثر من 131 مليون دولار، كما أن الشرط الجزائي لفسخ العقد يتجاوز المليار دولار، وشهد تقديم رونالدو لجماهير النادي الملكي رقماً قياسياً إذ حضر 80 ألف مشجع في مدرجات الملعب لاستقبال اللاعب، وكسر بذلك الرقم المسجل باسم "الأسطورة الأرجنتينية" مارادونا (75 ألفاً). وسجل كريستيانو أول هدف رسمي له بشعار الريال في مرمى ديبورتيفو لاكرونيا، كما سجل أوروبياً هدفين في أول مباراة له مع زيوريخ السويسري، وفي ذلك الموسم سجل النجم الارجنتيني 33 هدفاً للريال لكنه لم يخرج بأي بطولة. في موسم (2010-2011م) أثبت رونالدو بأنه يستحق فعلاً ارتداء شعار ريال مدريد إذ سجل في ذلك الموسم 54 هدفاً وتوج مع الفريق بكأس ملك اسبانيا، ويعتبر موسم (2011-2012م) هو الأفضل لرونالدو رقمياً مع الريال إذ تمكن من تسجيل 60 هدفاً للريال وساهم في ذلك الموسم في تتويج الريال بلقب الدوري الأسباني بالإضافة إلى كأس السوبر الاسباني، البرتغالي مورينهو قال عن الدون بعد ذلك الموسم: "رونالد لاعب رائع، لن أقارنه بميسي لأننا نتحدث عن لاعبين كبار، لكن اقول هذا العام رونالدو كان أفضل"، تلك الأرقام التي حققها رونالدو لم تشفع له للفوز بلقب أفضل لاعب في العالم إذ حل ثانياً خلف الارجنتيني ميسي. في الخامس من مارس 2013م لعب كريستيانو في ملعب أولد ترافورد أمام مانشستر يونايتد لأول مرة منذ انتقاله للريال ضمن اياب الدور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا، وساهم في فوز فريقه وسجل في تلك المباراة هدفاً لكنه لم يحتفل به احتراماً وتقديراً للانجليز الذين يدين لهم بالفضل فيما وصلوا إليه، وبالرغم من تسجيله 55 هدفاً إلا أن رونالدو لم يفلح في نيل أي إنجاز مع الريال في موسم (2012-2013م) وكان الإنجاز الأكبر هو وصيف كأس ملك اسبانيا ووصيف الدوري خلف برشلونة. وبالرغم من خلاله الشهير مع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم حوزيف بلاتر إلا أن الموسم الماضي كان ذهبياً بالنسبة للنجم البرتغالي الذي تغزل بموهبته معلقو كرة القدم إذ حطم أرقاماً قياسية عدة وساهم في تتويج الريال بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخه بالإضافة للقب كأس اسبانيا، والأمر لم يقف عند هذا الحد بل إن الاتحاد الدولي لكرة القدم منحه في 13 يناير 2014م الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم للمرة الثانية في تاريخه (2013م) بعد تفوقه على الأرجنتيني ميسي والفرنسي ريبيري، وقال عنه الأرجنتيني ميسي بعد ذلك التتويج: "رونالدو لاعب كبير، انه دائماً يحضر في الموعد ويسجل الكثير من الأهداف"، رونالدو فاز أيضاً بلقب هداف دوري أبطال أوروبا ب17 هدفاً، ليس كذلك فحسب بل إنه أصبح أكثر لاعب يسجل في نسخة أوروبية واحدة، تلك الأرقام دفعت إدارة الريال لتمديد عقده وزيادة نسبة التأمين على قدميه، إذ سيجني الريال في حالة تعرضه لإصابة خطيرة 103 ملايين يورو. رونالدو الذي عُرف عنه تواجده في الإعلانات التلفزيونية بكثرة كونه هدفاً لمعظم الشركات التجارية، أكد عزمه التوجه للتمثيل بعد اعتزال كرة القدم لأنه تعود على حياة المشاهير حد قوله ولا يريد أن يفارقها، دولياً يعتبر هذا المونديال الثالث ل "الدون" مع المنتخب البرتغالي، وكانت أفضل نتيجة له هو حصول البرتغال على رابع العالم في مونديال 2006م الذي سجل فيه هدفاً وحيداً، بينما ودع البرتغال مونديال 2010م من الدور ربع النهائي ولم يسجل رونالدو في تلك المشاركة سوى هدف يتيم، وتعتبر وصافة كأس أوروبا للمنتخبات (2004م) هي الأفضل للنجم البرتغالي مع منتخبه، وفي مشاركاته الأوروبية الثلاث مع منتخب لم يسجل رونالدو سوى ستة أهداف، فيما سجل للمنتخب خلال مبارياته ال 112 التي لعبها 49 هدفاً، وبالرغم من فشله في تحقيق أي إنجاز للمنتخب إلا أن حكومة البرتغال تعرف قيمة رونالدو جيداً وهو ماجعلها تبني له تمثالاً خاصاً في البرتغال متحف بمدينة فونشال. البرتغاليون خسروا مباراتهم الأولى مع ألمانيا بنتيجة ثقيلة صفر-4 وأصبحوا مهددين بالخروج باكراً من مونديال البرازيل، ذلك يزيد من المسؤولية الملقاة على عاتق رونالدو ويضعه تحت الضغط الجماهيري والإعلامي الذي اعتاد عليه، فالجماهير البرتغالية لا تعرف إلا رونالدو الذي حقق للفرق التي لعب لها إنجازات بالجملة وباتت تنتظر منه عملاً ممثلاً لمنتخب بلاده، رونالدو من قبل أن يبدأ المونديال وهو يُصر على التواجد هنالك بالرغم من إصابته فمن باب أولى أن يضحي ويخاطر الآن بعد أن أصبح المنتخب بحاجة له وإن كان متوقع ألا يظهر بتلك المستويات العريضة التي أذهلنا بها مع ريال مدريد خصوصاً في آخر موسمين بسبب الإصابة المؤثرة، إلا أن الجميع ينتظر من رونالدو، فهو من اللاعبين الممتعين في المونديال قياساً على موهبته التهديفية ومهاراته الفنية العالية التي تغربل الخصوم وتسبب لهم مشاكل كثيرة، كما أن متابعي المونديال ينتظرون تلك الكرات الثابتة الساحرة التي ينفذها "الدون" ببراعة ويهز بها شباك خصومه.