تم تأسيس نظام عمل موظفي القطاع الحكومي تدريجياً بدءاً من العام 1364ه حتى صدور الأمر السامي الكريم بانشاء وزارة للخدمة المدنية عام 1420ه ومنذ ذلك التاريخ لم يطرأ أي تعديلات في تصنيف الموظفين وفق مؤهلاتهم والأعمال المنوطة إليهم (فعلياً) وفي المقابل زادت معدلات رواتب موظفي القطاع الخاص والذين يحملون نفس المؤهلات بنسبة تصل لأربعة أضعاف موظفي الحكومة! عدم تصنيف الموظفين وفق مهامهم الفعلية وانتاجهم أدى إلى عزوف الكثير من المبدعين عن العمل الحكومي والتوجه للقطاع الخاص وهناك من يحمل خبرات وعقلا نيَّرا تسرب من القطاع الحكومي بفعل ما يعانونه من عدم التحفيز ومساواتهم بآخرين أقل انتاجية وخبرة لأنهم يحملون نفس المرتبة والمسمى الوظيفي. هنا يجب أن نتوقف عند قضية التصنيف (للإنصاف) والعدل وتحقيق الرضى الوظيفي بحيث ان تميز كل وظيفة ببدلات ومميزات تتلاءم مع مهامها ومسؤولياتها ومشاقها وندرتها وكذلك المؤهل العلمي الذي حصل على الوظيفة بناء عليه. وزارة الخدمة دون النظر للقدرات والانتاجية والابداع الذي يتباين بطبيعة الحال من موظف لآخر وهذا غير مقبول وغير منصف البتة بل ساهم في تسرب الكثير من المبدعين لقطاعات أخرى احتضنتهم واحتوتهم وقدَّرت ما يملكونه من مؤهلات وخبرات. فمن غير المعقول أن يتساوى موظفان يحملان نفس المسمى الوظيفي والمرتبة أحدهما يقوم بأعمال ميدانية شاقة تحت لهيب الشمس ويتواجه مع الجمهور مباشرة ويشارك في لجان والآخر في الظل قد يكون هو نفسه ممن شملتهم دراسة وزارة التخطيط التي أعلنتها مؤخراً وخلصت ان معدل عمل الموظف الحكومي وانتاجيته لا تتجاوز ساعة في اليوم! هذان الموظفان سيحصلان على الترقية في وقت واحد والمرتب متساوٍ بل قد يحصل موظف (الظل) على مميزات ودورات ومكافآت خارج دوام تفوق ما يحصل عليه من يثابر ويخلص. كافة موظفي الدولة يعملون للوطن تحت قيادة ملك العدل والانصاف لكن (هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون)، إذاً فلتبادر وزارة الخدمة المدنية وكافة الجهات ذات العلاقة - وبعيداً عن البيروقراطية - في وضع لوائح وأنظمة لتصنيف الموظفين وكذلك ترقياتهم وحوافزهم على أن يعطى المدير المباشر للموظف الصلاحية في التقييم والتصنيف وبذلك نصل ونحقق المبتغى والهدف المنشود وهو تحقيق العدل والمساواة والرضى الوظيفي لدى الموظف.