أصبحت إنارة الأحياء في مدن المملكة من الضروريات اللازمة لإشاعة الأمن والأمان، بعكس الأحياء التي يعمها الظلام، والتي قد تكون سبباً رئيساً في حدوث الجريمة، وما تجارب بعض الأحياء الشعبية القديمة التي تعاني من رداءة الإضاءة إلاّ دليل واضح على ذلك. وتُعد إنارة الشوارع من مظاهر التقدم الاقتصادي، حيث تكون الأحياء ناشطة وفاعلة وتملأها الحياة، مما ينتج عن ذلك رواج اقتصادي ونمو مجتمعي يساير العصر الحديث، إلاّ أنه لابد من عدم الاسراف في هدر الطاقة على الإنارة العشوائية أو البدائية، إذ يجب التحول إلى إنارة الشوارع الذكية التي ترشد الاستهلاك، باستخدام وسائل وأساليب حديثة كالطاقة الشمسية، أو استعمال مصابيح منخفضة الاستهلاك للكهرباء وذكية الاشعاع، كأن تزداد شدة الإضاءة وتخفت حسب حالة المرور في الشارع. ويبقى من المهم إدراك الجهات المعنية أهمية الصيانة الدورية للإنارة، حيث لوحظ في بعض الأحياء تكسّر المصابيح، لتبقى مدة طويلة دون إصلاح أو حتى يُنظر فيها، كذلك تعرضت بعض الأعمدة للتشوّه قلّل من جدواها، مما يؤكد أهمية الصيانة لضمان إفادتها في الأحياء. تقليل السرقة وقال المواطن "علي الزهراني": إنه من المهم إنارة جميع الأحياء، خاصةً الشعبية القديمة والتي تكتظ بالجنسيات المختلفة، مضيفاً أنه لا يخفى على الجميع مدى أهمية إنارة الأحياء السكنية القديمة والحديثة، حيث تسهم بطبيعة الحال في بعث الطمأنينة إلى نفوس سكان الحي، وكذلك الاستقرار النفسي، إضافةً إلى أنها تُقلّل من ارتكاب السرقات، خاصةً في الإجازة الصيفية، مبيناً أن الأحياء الجديدة أغلب شوارها الرئيسة والفرعية مُنارة، متأسفاً أنه لا يوجد صيانة للأعمدة، فقد تعرض العديد من المصابيح للتكسير من قبل بعض العابثين من الشباب، وهو ما أهدر الأموال التي تم صرفها عليها، مطالباً البلديات باتخاذ خطوات أكثر ايجابية في صيانة أعمدة الكهرباء داخل الأحياء السكنية وتجديدها، إلى جانب الإفادة من الطاقة البديلة -الطاقة الشمسية-، حيث شرعت حكومة إحدى دول الخليج في استخدامها، بل وإنشاء مصانع عملاقة من عام 2009م. طاقة شمسية وأوضح المواطن "فواز سعيد" أن بعض الأحياء تعاني من الظلام، وهذا منظر غير حضاري، مضيفاً أن كل مواطن يتمنى أن يسكن الحي المُنارة شوارعه، خاصةً أن هناك من كبار السن والأطفال من يخرجون إلى المساجد أو لقضاء بعض الاحتياجات في المساء، مبيناً أن الإضاءة تُساهم في الحد من بعض التصرفات غير المرغوبة أو السرقات وغيرها، ذاكراً أنه توجد بعض الإنارات في بعض الأحياء لكن للأسف ضعيفة جداً وغير مجدية، وهناك بعض الأحياء في مدينة الدمام على سبيل المثال، والتي تعتبر قديمة، إضاءتها ضعيفة، مما أوجد داخلها الكثير من المشاكل الأمنية، كسرقة السيارات أو تكسيرها، مُشدداً على أهمية صيانة الإنارة في بعض الأحياء حيث تعرضت للتشوّه الذي قلّل من جدواها. ظلام الحي موحش ولا يبعث على الطمأنينة بين ساكنيه وأشار المواطن "فيصل الجيزاني" إلى أنه في حالة الاعتماد على المواطن -صاحب السكن- بإضاءة ما حول منزله ستجد الحي مظلما بعد الساعة التاسعة مساءً!، خاصةً أن أغلب المواطنين يعانون من ارتفاع فاتورة الكهرباء، فكيف يسدد فاتورة منزله وكذلك الشارع الذي حوله، مضيفاً أنه من الصعب جداً إرهاق المواطن، ذاكراً أنه شخصياً لم يستطع تحمل تكاليف إضاءة المنزل خارجياً، وقد تكون مساهمة خفيفة لكنه قنن استخدامها، موضحاً أن هناك طرقا بديلة يمكن استخدامها مثل الطاقة الشمسية التي لم نستفد منها حتى الآن، ولعل أنها تخفف من الضغط على الكهرباء وتساهم في عدم فصل التيار عن منازلنا. وعي جمالي وأكد المواطن "عبدالمنعم الدوسري" على أن هناك بعض الأحياء آمنة بسبب تكثيف الإضاءة لها، حيث تسهل الكثير من المهام في حالة عدم وجود رب الأسرة من خروج الأطفال أو النساء لقضاء بعض الحاجات القريبة من السكن، مضيفاً أن أغلب الأحياء يعمها الظلام لتزداد المشكلات الأمنية، والدليل على ذلك كثرة السرقات والجرائم في الأحياء الشعبية التي يوجد بها طرقات ضيقة ولا يوجد بها إنارة، مبيناً أن نسبة الوعي الجمالي لدى المواطنين ارتفع سواء من ناحية الألوان أو التصاميم الهندسية أو الحرص على تزيين الجدران الخارجية للفلل والمنازل بالإضاءات المختلفة، مُشدداً على ضرورة اهتمام البلدية والتخطيط العمراني بالأحياء السكنية من خلال الصيانة المستمرة للإضاءة بالشوارع والكهرباء. وأشار إلى أن تطوير الحي السكني يحتاج جهوداً ذاتية من سكان الحي وليس فقط الاهتمام بموضوع الإنارة، حيث يجب عليهم الحفاظ على النظافة العامة، وعدم استخدام ألوان غير مناسبة في طلاء واجهات المنازل، مطالباً بزيادة عدد حاويات القمامة، وتشديد العقوبات على كل من يلوث البيئة ويشوه المظهر العام، وأن يكون هناك شوارع يسهل على المشاة استخدامها وتتميز بسهولة التجوال، إلى جانب توفير أعمدة إنارة كافية بالأحياء السكنية. تطور اجتماعي وقالت "فوزية الكري" -سيدة أعمال-: إنه من البديهي أن يتطلع سكان أي حي إلى إنارة الشوارع والطرقات، حيث لم تعد ترفاً يتباهى به الناس، بل هي أحد مقومات التطور الاجتماعي، ومن أُسس التحوط الأمني، ومن مظاهر التقدم الاقتصادي، فالضوء يدحر "خفافيش" الجريمة، ويردع لصوص الليل ومروجي السموم، مضيفةً أن الأحياء المضاءة تكون ناشطة وفاعلة وتملأها الحياة، مما ينتج عن ذلك رواج اقتصادي لأهل الحي، ونمو مجتمعي يساير العصر الحديث، مبينةً أنه في المقابل نجد الأحياء التي تلتحف برداء الظلام محضنا للجريمة، ومستنقعا للمروجين، ومصدر نفور، فيصبح الحي خاملا متدني القيمة الاقتصادية سواء للعقار أو النشاطات التجارية الأخرى، مبينةً أنه لا يجب الإسراف في هدر الطاقة على الانارة العشوائية أو البدائية، إذ يجب أن نتحول إلى إنارة الشوارع الذكية التي ترشد الاستهلاك، باستخدام وسائل وأساليب حديثه كالطاقة الشمسية، أو استعمال مصابيح منخفضة الاستهلاك للكهرباء وذكية الاشعاع، كأن تزداد شدة الإضاءة وتخفت حسب حالة المرور في الشارع، ومع تحرك الأجسام في محيطها، مُشددةً على أهمية التوزيع العملي لأماكن أعمدة الانارة. مردود إيجابي وأوضح "د. محمد بن دليم القحطاني" -أستاذ إدارة الأعمال الدولية بجامعة الملك فيصل- أن التجارب الدولية وخبرات الدول المتقدمة في مجال الإفادة من الطاقة الشمسية مجدية، ولدينا في المملكة هدر كبير لهذه الطاقة واستخدام الطاقة الأخرى الكهرباء، والتي تزيد من أعباء الشركة المشغلة، خاصةً خلال فترة الصيف، مضيفاً أن الحديث عن إنارة الأحياء بمدن المملكة لاشك أن له ضرورة قصوى، خاصةً في الجانب الأمني، إضافةً إلى أنها تبعث الطمأنينة في شوارع وأزقة بعض الأحياء، مبيناً أن بلدنا ولله الحمد مشهود له بالأمن والأمان بعد الله ثم الجهود التي توليها الجهات ذات العلاقة، مشيراً إلى أن الإفادة من الطاقة الشمسية في إضاءة الأحياء مردودها إيجابي رغم تكلفتها العالية، لكن ستخفف من العبء أو الحمل الثقيل على شركة الكهرباء، والتي تعاني من انقطاعات خلال فترة الصيف بسبب الأحمال. غياب المتابعة وأكد "د. القحطاني" على أن الجهود الحكومية الآن تسعى إلى ترشيد الكهرباء، واستخدام الطاقة الشمسية في إضاءة الأحياء وسيلة من وسائل ترشيد الكهرباء، مضيفاً أنه ممكن تنفيذها كمشروع تنموي على مستوى المملكة، ويمكن كذلك إضاءة حتى الطرق السريعة وفي مداخل المدن، موضحاً أن الطاقة الشمسية من أهم موارد الطاقة في العالم وقد تأخر استثمارها الفعلي رغم أهم مميزاتها بأنها مصدر لا ينضب، مبيناً أنه على سبيل المثال فإن المملكة وحدها التي لا تزيد مساحتها على المليون ميل مربع، تتلقى يومياً أكثر من مئة مليون كيلووات/ساعة من الطاقة الشمسية، أي ما يعادل قوة كهربائية مقدارها أربعة بلايين ميجاوات، أو الطاقة الحرارية التي تتولد من إنتاج عشرة مليارات من البراميل النفطية في اليوم، لافتاً إلى أن مشروع إنارة شوارع الأحياء السكنية بالطاقة الحالية يعد هدراً وغير مجد، وهي في الوقت نفسه غير مربحة، وتفتقر مثل هذه المشروعات -صُرف عليها مليارات الريالات- إلى غياب الرقيب ومتابعة الصيانة والجودة العالية في المواد المستخدمة من قبل المقاولين، مما يعرضها للأعطال أو التلف، وهي لم يمض عليها شهور من تأسيسها، ذاكراً أن المشكلة الحقيقية في العديد من المشروعات التنموية والحيوية افتقادها لوجود رؤية واضحة وخطط تنموية مستدامة. المواطن علي الزهراني مُتحدثاً للزميل الغامدي «عدسة- زكريا العليوي» د. محمد القحطاني فوزية الكري فيصل الجيزاني عبدالمنعم الدوسري فواز سعيد