خطر الطاقة لن يأتي من قلتها أو نضوبها في هذا العالم، بل من الإرهاب والحروب الأهلية التي أصبحت تطغى في ساحة منطقة الشرق الأوسط، من ليبيا إلى العراقوإيران، ماذا يعني كل ذلك؟ تنظيم "داعش" الإرهابي الذي اصبح الآن حاضراً في الساحة العراقية خصوصاً بعد الاستيلاء على الموصل وقبلها الأنبار بأشهر، والزحف قد يأتي إلى بغداد والجنوب العراقي ذي الغالبية الشيعية. أسعار النفط "برنت" وصل بالأمس إلى 113.41 دولارا للبرميل، وهذايعكس حالة التوتر بالمنطقة، والحرب الأهلية في العراق تطل برأسها إن لم تكن قد بدأت وقرعت طبولها فعلاً، وهذا سيهدد كل شيء ولجأ أقليم كردستان العراقي لتصدير النفط "150 ألف برميل يومياً" بدون الرجوع للحكومة المركزية "المالكي ببغداد" ماذا يعني كل ذلك؟! تنظيم داعش وحكومة المالكي ودعم إيران والقبائل بالعراق مزيج ماذا سيوحده؟ لن أدخل في إسهاب سياسي وتحليل فأتركها لمن هو مختص وأكثر عمقاً واطلاعاً. ولكن أركز هنا على أسعار النفط، فالولاياتالمتحدة تشدد "لا تدخل" بالعراق حاملة طائرات تتحرك لمنطقة الخليج العربي، تويتر يتصاعد ونفط يتصاعد هي علاقة طردية بين التوتر والتصعيد والنفط، والعراق يعتبر من كبرى الدول التي تملك احتياطيا نفطيا ودخلا كمنتج مؤثر الآن. أسعار النفط ستكون حاضرة في تأثيرها على اقتصاديات الدول الكبرى اقتصادياً وقد لا يكون التأثير كبيرا على الولاياتالمتحدة خصوصاً باعتبار أنها الأقل الآن استيراداً قياساً بسنوات ماضية وهذا بفضل "الصخري" الذي اصبح يقلص من استيرادها، ولكن لم تتغير أسعار النفط ككلفة على الدول الأوروبية الغربية واليابان والصين والهند وكوريا، وهذه الدول ستعاني من تكلفة متصاعدة للنفط وسيحمل هذه الدول معاناة في تكلفة التصدير ما سيزيد التضخم عالمياً، وهذا بشرط أن يكون استمرار ارتفاع أسعار النفط مستمراً وليس حالة مؤقتة أو استثناء، ارتفاع النفط سيخدم الدول ذات الأقل استيراداً للنفط والأكثر انتاجاً له، فالموارد سترتفع وتزيد، ولكن التضخم سيزيد أيضاً فأيهما سيكون "كنسبة" أعلى؟ الضرر غالباً هو على المستهلك النهائي ذي الدخل الثابت والذي يعاني من تقلب أسعار تتصاعد ولا تتراجع، وكل ذلك سيكون واضحاً مستقبلاً ما استمر التوتر في العراق وليبيا وقلاقل وتوترات مستمرة، فهذا سيعني مزيداً من التصعيد "السعري" للنفط، الذي هو وقود النمو الاقتصادي في الدول الصناعية الكبرى. خطر التضخم يطل على العالم مع تصاعد أسعار النفط، وما يحدث بالعراق فلا يمكن التكهن إلى أين سينتهي، والغريب هو عدم التدخل "الأمريكي" كما اعلن الرئيس أوباما، فالتوتر بالعراق بالقياس الاقتصادي سيخدم الدول الصناعية التي لا تعتمد على النفط من الأسواق العالمية وخاصة "الأوبك" فمن صالحها ارتفاع تكلفة المنتجات في الأسواق الدولية وتبقى هي عند نفس تكلفتها ما يعني قيمة مضافة اقتصادية ستجنيها مع الوقت، وقبل كل ذلك نأمل استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة ودحر الإرهاب وتنظيماته إياً كانت، فالأمن لا يقاس بقيمة مالية أو غيرها. اللهم احفظ أمن بلادنا واستقرارها.