هناك اعتقاد لدى شريحة من الناس بان السوق العقاري مقبل على انهيار بسبب القرارات الأخيرة وتحديدا قرار فرض زكاة على الأراضي والعقارات وهذا الرأي بحاجة الى نظرة متأنية وواقعية وليست مجرد عواطف أو أمانٍ. تملك المسكن حق طبيعي للجميع لكننا لم نر هذا الاهتمام من بعض أرباب الأسر ممن كان غارقا في أمور أخرى يرى أنها أهم من تملك المسكن، ورغم ان شراء الأرض في فترات مضت كانت ضمن قدرته الشرائية وحتى بناءها وبما يتفق وحاجته لكن سوء التدبير وعدم الحرص على تأمين مستقبل الأسرة كان سببا في ذلك. عندما كانت الأرض بأبخس الاثمان وسعرها لا يتجاوز 15 الى 20 بالمئة من قيمة المسكن لم يكن رب الأسرة واعيا لأهمية تأمين مسكن له ولأسرته وعندما وصل لمرحلة من العمر يصعب فيها تأمين المسكن وزيادة أفراد الاسرة والمصاريف وارتفاع الأسعار التفت لموضوع المسكن وبدأ يشتكي وصار يحمل الدولة مسؤولية عدم تملكه للمسكن وهناك أناس لا زالوا ضمن شريحة المستأجرين ودخلهم يتجاوز 20 ألف ريال شهريا وبعضهم على أبواب التقاعد. تحميل الدولة مسؤولية عدم تملك المسكن فيه اجحاف خصوصا بعد الإعلان عن برامج لمساعدة المواطنين المحتاجين والفقراء وذوي الدخل المحدود في الحصول على مساكن من خلال مشاريع وزارة الإسكان. نعم الدولة تتحمل مسؤولية العمل على تأمين حياة كريمة للمواطن ومن ضمنها المسكن والصحة والتعليم لكنها ليست مسؤولة عن سوء التدبير وحسن إدارة الأمور المالية للفرد والأسرة ومنها الادخار للمسكن. ما يدور اليوم في ساحات التواصل الاجتماعي حول موضوع زكاة الأراضي والعقارات الذي تم اقراره من مجلس الشورى الأسبوع الماضي يحتاج الى وقفة وتأمل. فغالبية المعلقين من الشباب ممن هم بعيدون عن التخصص وفهم لطبيعة السوق العقاري لذا سيكون هناك نوع من التضليل غير المقصود لمن يريد الاستفادة من شراء عقار حتى لو كان بسعر مقبول وما يحدد ذلك الحاجة وليس الرغبة. أكرر ما قلته سابقا بأن السوق العقاري وشراء او الاستثمار في الأراضي والإسكان تحديدا تختلف طبيعته عن أي قطاع آخر تجاري او صناعي او غذائي او عن سوق الأسهم فحركة السوق العقاري بطيئة صعودا او نزولا وتأتي متدرجة والحديث عن فقاعات وانهيارات غير واردة وكل ما يمكن ان يحدث هو تصحيح وتوازن للسوق بشكل نسبي. الانهيارات تحدث في الأزمات او الحروب أو الكوارث لا قدر الله وليس بقرارات أو أنظمة يتم إقرارها والتي قد يكون دورها تحجيما للاحتكار والمضاربة وتضخيم الأسعار، من المهم تغليب المنطق والتفكير بعقلانية بعيدا عن العواطف والتفاؤل ووضع المسكن في أعلى قائمة الأولويات وبالذات لجيل الشباب.