المشكلة التي تعاني منها غالبية الأسر السعودية بما فيهم الشباب مشكلة عدم تملك أرض أو مسكن وغالبية من حصل منهم على منحة – وهم قلة - باعها في وقتها، هي ليست وليدة اليوم إنما هي نتيجة لتراكمات عديدة يشترك فيها عدة أطراف أولهم المواطن ثم الجهات الحكومية وتجار العقار وجهات التمويل من بنوك وشركات. لو نظرنا إلى الموضوع بعقلانية لاكتشفنا أن المشكلة تتمحور حول الثقافة التي عاشها المجتمع بدءاً من ضعف ثقافة تملك المسكن مبكرا وانتهاء بالجشع والتضخم السعري والاحتكار الذي يعاني منه السوق العقاري. لقد أصبح السوق العقاري محور اهتمام الغالبية بما فيها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة وأصبحت التقارير تبث عن السوق وأوضاعه وأشكال المعاناة التي يعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، فأسعار الأراضي في جميع مناطق المملكة في ارتفاع مستمر منذ عدة سنوات والإيجارات تساير حركة الارتفاع والناس تشتكي من هذه المعضلة. هناك دول فقيرة لا تمتلك عشر إمكانيات الأسرة السعودية من دخل أو تسهيلات تمنحها الحكومة لمواطنيها وأسعار العقارات تكاد تصل إلى أرقام فلكية، ومع ذلك لازلنا نشتكي من الأسعار!! نعم جهات حكومة (قد) تتحمل جزءا من المسؤولية في مساعدة المواطن على التملك وتوفير الوسائل والأدوات التي تمكنه من ذلك، ولكن هل يجب علينا أن نحملها كل تبعيات الإخفاق الذي نعيشه بما فيه الإخفاق في ادارة الميزانية واعطاء تملك المسكن الأولوية القصوى في حياتنا!! شخصيا أعرف الكثير من أبناء جيلي ممن تجاوزوا الأربعين بعضهم اساتذة جامعات ومهندسون وأطباء مرموقون عملوا لأكثر من عشرين سنة في القطاع الحكومي والخاص ولم يتملكوا مساكن حتى اليوم!! أين المشكلة؟ هي خليط من اللامبالاة والاتكالية والفشل الذريع في تحديد الأولويات فعندما تجلس مع أحدهم تسمع أنواع الشكاوى والتذمر تارة من قصور جهات حكومية وأخرى من تجار العقار ناسيا أو متناسيا أنه داخل الدائرة. لو عاد هؤلاء بالذاكرة الى الماضي وقيموا الفرص التي أتيحت لهم لشراء أراضٍ أو مساكن في فترات سابقة كانت بأبخس الأثمان ولم يتجرؤوا أو حتى يفكروا في تأمين أنفسهم وأسرهم لعرفوا ان المشكلة فيهم!! اليوم يجب أن نركز على المشكلة ونعمل على تلافيها وألا ننقل العدوى وثقافة الاتكالية والشكوى إلى أبنائنا ونسعى الى تثقيفهم بأهمية أن يكون تملك المسكن في قائمة أولوياتهم وليس كما حدث مع جيلنا الذي عاش على ثقافة الصرف على السلع الاستهلاكية والسفر والأثاث والسيارات ودخول سوق الأسهم للتجارة دون خبرة والنتيجة أن 70 بالمائة من المواطنين لا يملكون مساكن!!