قصفت طائرات مقاتلة باكستانية مواقع لحركة طالبان على الحدود الأفغانية أمس الثلاثاء بعد يومين من اقتحام مسلحين لأكثر المطارات ازدحاما في البلاد ومقتل ما يزيد على 30 شخصا في معركة استمرت طوال الليل. ودمر الهجوم آفاق محادثات السلام بين حركة طالبان الباكستانية وحكومة رئيس الوزراء نواز شريف وأثار تكهنات بأن الجيش قد يشن هجوما شاملا على معاقل المتشددين. وقال المكتب الصحفي للجيش "دمرت تسعة مخابئ للارهابيين في غارات جوية شنها الجيش في ساعة مبكرة من الصباح قرب الحدود الباكستانية الأفغانية." وأضاف أن 15 متشددا قتلوا. ولم يتضح ما إذا كانت الهجمات الجوية الأخيرة تشير إلى بداية هجوم أوسع على منطقة وزيرستان الشمالية حيث تتمركز حركة طالبان المرتبطة بتنظيم القاعدة أو أنها نفذت انتقاما لهجوم المطار. وكشفت تقارير إعلامية باكستانية بأن المهاجمين الانتحاريين الذين اقتحموا مطار مدينة كراتشي الساحلية الواقعة في أقصى جنوبباكستان صباح الاثنين الماضي، كانوا يخططون لاختطاف طائرة مدنية من المطار. وطرح الإعلام الباكستاني عددا من التساؤلات حول أهداف العملية الإرهابية التي تبنت حركة طالبان الباكستانية مسؤولية تنفيذها موضحة بأنها أرادت أن تثبت وجودها وقدرتها على الرد والانتقام على العمليات العسكرية التي أجرتها القوات العسكرية الباكستانية في منطقة القبائل الباكستانية الواقعة على الشريط الحدودي الفاصل بين باكستان وأفغانستان، والتي قتل فيها عدد من قادة حركة طالبان الباكستانية إضافة إلى العشرات من مقاتلي الحركة. وقد بدأت الأسئلة تطرح نفسها عن أمن وحصانة البرامج الحيوية في باكستان كأمن البرنامج النووي الباكستاني، وذلك في الوقت الذي تمكن فيه الانتحاريون من اختراق أمن مطار كراتشي. من جهة أخرى، كشفت التحقيقات التي أجرتها السلطات الباكستانية بأن الإرهابيين كانوا يخططون لتدمير كافة الطائرات التي كانت متواجدة على مدرج مطار كراتشي الدولي، وذلك بهدف تعطيل حركة الطيران المدني لتشويه الصورة الأمنية لباكستان التي تمتلك ترسانة صاروخية قوية إلى جانب ترسانتها النووية. هذا ويرى المحللون للشؤون الأمنية في باكستان، بأن العملية التي شنتها حركة طالبان الباكستانية على مطار كراتشي تؤكد عدم رغبة الحركة في مواصلة عملية المصالحة والسلام مع الحكومة الباكستانية، فهي في ذاتها تشير إلى تراجع إمكانية المصالحة بين الطرفين، والأمر بحاجة إلى حلول بديلة. من جانبها كشفت جريدة جنك الباكستانية بأن الإرهابيين استهدفوا مطار كراتشي في الوقت الذي كانت تخطط فيه الحكومة والجيش الباكستاني لشن عمليات عسكرية مركزة على مناطق حركة طالبان الباكستانية. وأسندت الجريدة إلى مسؤول في الاستخبارات الباكستانية دون ذكر اسمه، بأن المهاجمين الإرهابيين كانوا في طريقهم لاختطاف طائرة من المطار، إلا أنهم لم ينجحوا في ذلك. بينما كشفت تقارير أخرى بأنه كان بإمكان الإرهابيين أن يدمروا 20 طائرة وأن يقتلوا نحو 200 شخص، إلا أن سلطات الأمن الباكستانية تصدت لهم قبل أن يحدث ذلك. ويرى المراقبون للشؤون الأمنية الباكستانية بأن المصالحة التي كانت تسعى من أجلها حكومة نواز شريف بهدف إقناع حركة طالبان على ترك السلاح والتعايش بسلام بين المجتمع الباكستاني لم تترك لها أحداث كراتشي الإرهابية مجالاً للمواصلة. بل وان الظروف الحالية قد بدأت تنبئ بقدوم كارثة أمنية في باكستان. هذا وكانت حركة طالبان الباكستانية قد تبنت مسؤولية تنفيذ العملية الإرهابية التي استهدفت مطار "جناج" الدولي بمدينة كراتشي فجر الاثنين الماضي، والتي راح ضحيتها 30 شخصاً من بينهم عدد من رجال الأمن الباكستاني و 12 إرهابياً اضطر بعضهم إلى الانتحار بتفجير الأحزمة الناسفة.