أوصى مشروع وتقييم النصف الشمالي من البحر الأحمر التي تعتزم الشركة إجراء أنشطة تنقيب وحفر لاستخراج النفط والغاز من المياه السطحية والعميقة بإيقاف أنشطة التنقيب والحفر نهائياً في بعض المواقع التي تمتاز بالثراء البيولوجي، حيث أبدت شركة أرامكو استجابة سريعة للتوصيات. وكانت المشروع بتكليف من شركة أرامكو السعودية، قسم الدراسات البحرية التابع لمركز البيئة والمياه في معهد البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وذكر الدكتور محمد قربان مدير قسم الدراسات البحرية في البحر الأحمر أن باحثي الجامعة لديهم مهمتان رئيسيتان في البحر الأحمر، الأولى: تقييم أثر عمليات الحفر والتنقيب في البحر الاحمرعلى البيئة البحرية، والثانية: تصميم نماذج وبرامج محاكاة لتوقع تأثيرات الحوادث واتجاهات التسرب في حال حدوثه بالتعاون مع شركات عالمية ومحلية. وشدد على أن أي مشروع في البحر يتطلب وجود دراسة بيئية لتقييم التأثيرات البيئية لعمليات التنقيب، لذلك يقوم مركز الدراسات البحرية بدراسة كاملة للتأكد من أن عمليات الحفر في مياه البحر الأحمر لاتسبب أضراراً بالبيئة البحرية. وقال إن هذه الدراسات تتطلب تحديد جميع العناصر الموجودة في الموقع، مثل المعادن الثقيلة والهايدروكاربونات، ومستوى جميع العناصر الكيميائية في التربة وفي عمود الماء. وأضاف "عند حدوث حالات تسرب لاسمح الله فإن لدينا دراية تامة بالمنطقة، وتوقعاً دقيقاً باتجاه بقع الزيت، وبالتالي نستطيع القيام بالإجراءات المناسبة في حالة الحوادث، وتجنب الكوارث البيئية التي يمكن حدوثها". وقال إن العمل مستمر في هذا المشروع الضخم، ويتم التعاون فيه مع جهات أجنبية، وقد قام الفريق البحثي باستئجار سفينة متخصصة في الأبحاث البحرية من معهد أبحاث يوناني متخصص. وأوضح أن البحر الأحمر يتميز بطبيعه مختلفه عن الخليج العربي، فمعدل العمق يتجاوز 500 م بينما يبلغ معدل العمق في مياه الخليج 35 مترا فقط، وأشار إلى أن الدراسات تتناول حقولاً في مياه ضحلة يصل عمقها 100 م فقط وأخرى تصل إلى 1000 م. وحول خطوات الدراسة، ذكر الدكتور قربان أن الفريق يقوم أولا بتحديد أبعاد الدراسة، حيث يبلغ قطر موقع الدراسة 5 كلم، ثم تتم دراسة المنطقة كيميائياً وبيولوجياً وجيولوجياً، كما تغطي الدراسة الشواطئ القريبة التي يمكن أن تتأثر بما يحدث في الموقع. وأضاف أن الدراسة الكيميائية تهتم بجميع المركبات الكيميائية الموجودة والمعادن الثقيلة والهايدروكاربونات، كما يتم رصد الملوثات. أما في الدراسة البيولوجية فيتم إعداد خريطة بيولوجية متكاملة توضح البيئات الموجودة في الموقع. وفي الدراسات الجيولوجية نقوم بدراسة التربة ونوعيتها وحجم الحبيبات، وتعطي طبيعة التربة تصوراً عن كمية الأتربة المتطايرة والعوالق أثناء الحفر واتجاهاتها، وتتضمن الدراسات الجيولوجية أيضا التيارات البحرية والعوامل المؤثرة بها. وقال "استخدمنا عدة أجهزة لقياس التيارات البحرية في الخليج العربي ولكننا لم نستطع الاستفادة منها في البحر الأحمر لأننا نحتاج إلى أجهزة تعطي تصورًا للتيارات على أعماق تتجاوز 1000م، ولذلك اضطررنا لإحضار جهاز من اليونان متخصص في قياس تيارات الأعماق السحيقة". وأضاف إنه بعد تنفيذ الدراسات وتكوين تصور كامل عن المنطقة بيولوجياً وكيميائياً وجيولوجياً، تم تقديم هذه الدراسات للاستشاريين لتصميم نماذج محاكاة تحاكي مايمكن حدوثه في مختلف الأحوال. وتابع "أنجزنا دراسات ل 3 آبار عميقة و 5 آبار ضحلة وسلمنا تقاريرنا إلى شركة أرامكو، التي تولي نتائج الدراسة أهمية كبيرة" وحول نتائج المشروع ذكر الدكتور قربان أنه تم تقديم توصية لشركة أرامكو لإيقاف أنشطة التنقيب والحفر نهائياً في بعض المواقع التي كانت في غاية الثراء البيولوجي وتتمتع بتنوع كبير، ولفت إلى أن أرامكو السعودية أبدت استجابة سريعة للتوصيات، وقال " نقدر كباحثين لشركة أرامكو حرصها ومدى الجهود التي تبذلها لتلافي الأضرار التي تحدثها أنشطة الحفر والتنقيب في أعماق البحر". وأضاف أن التوصيات تضمنت أيضاً الالتزام بإجراءات محددة أثناء العمل للمحافظة على البيئة كالالتزام بوضع سواتر حديدية بعمق محدد ونوعية معينة والتوصيات بالتخلص من مخلفات الحفر بطرق سليمة خارج المياه. وأكد الدكتور قربان نجاح المشاريع البحثية رغم الصعوبات. وقال "واجهتنا مشاكل في الحصول على التصاريح اللازمة للقيام بالأنشطة البحثية، كما واجهتنا مشاكل لوجستية، ولكننا لم نواجه أي عقبة علمية، لأن الفريق كان يعمل بتفان كما كان حريصاً على العمل ومتجانساً ومهتماً بسلامة البيئة البحرية". ومن الصعوبات التي واجهت الفريق التسابق مع الوقت لأن تكلفة السفينة المستأجرة تتجاوز 20 ألف دولار في اليوم لذلك واصل الفريق العمل دون إجازات. وأوضح أن جامعة الملك فهد وبدعم كبير من وزارة التعليم العالي في صدد امتلاك السفينة البحثية السعودية الأولى التي يبلغ طولها 50 مترًا، وسيتم تزويدها بأحدث التقنيات، وشدد أن وجود هذه السفينة سيكون مؤثرًا في كمية الأبحاث البحرية في المملكة ونوعها. إنزال أجهزة متطورة للقياس وجمع البيانات من أعماق البحر