تزعم أكاديمية التغيير على موقعها الإلكتروني أنها «مبادرة شبابية مستقلة، لا تخضع في دعمها لأي دولة أو طرف سياسي»، وأنها تهدف إلى تنمية قدرة المجتمعات على تحقيق أحلامها، لكنها لا تشير إلى مجتمع معين، أو إلى نوع الأحلام التى تدعمها. ومن يتتبع أنشطتها ومشاريعها يجد أنها موجهة الى المجتمع المصرى أولا، ثم باقي المجتمعات العربية بادئ ذي بدء أرى أنه من الضرورة بمكان طرح أسئلة من نحو: ما هو الدور الواجب على وسائل الإعلام القيام به إزاء الوطن والمواطنين ولاسيما الشباب منهم؟ وما الرسالة التي ينبغي أن تكون في قائمة اهتمام كتاب الصحف وغيرهم من الإعلاميين؟ وأيهما أجدى لأمن الوطن واستقراره، أهو الصمت عن المتربصين به من باب أن بلادنا دأبت على تحكيم صوت العقل والترفع عن كشف أساليب المتآمرين بتجاهلهم - كما أجابني أحد مسؤولي الإعلام في بلادنا – أم كشف الأوراق على الملأ وتسمية الأشياء بأسمائها، ليعرف مواطنونا قبل غيرهم من هو عدوهم، ومن الذي يتآمر على أمنهم؟ سواء أكان أولئك المتآمرون في داخل الوطن أم في خارجه؟ إذا لم يكن هذا دور وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، فما عساه أن يكون؟ منذ بدأ ما يسمى بالربيع العربي، وأنا مشغولة بتتبع الأحداث والأفكار والطروحات التي تتصل به، حتى وصلت الأمور إلى ما أفضت إليه من فوز (الخوان) بحكم مصر، ليسارعوا في طرح مشروعهم التآمري المدعوم من جهات عديدة للسيطرة على دولنا، ولكن خاب مسعاهم وفضحهم الله، وكشف عن عملائهم في بلادنا الذين كشروا عن أنيابهم ظنا منهم أن حلمهم تحقق. ولايعني أفول نجم (الخوان المتآمرين) بدخولهم السجون، وتشتتهم في بقاع الأرض، وعودة من ينتمي منهم لبلادنا إلى جحورهم، لا يعني هذا أن شرهم انتهى، فما زالت خلاياهم نصف النائمة في بلادنا تحيك المؤامرات، الأمر الذي يستدعي أن نبقى يقظين دوما، بمراقبتهم ومعرفة الأساليب التي يتبعونها لزعزعة أمننا، وألا نحسن الظن بهم اعتقاداً بأنهم ثابوا إلى رشدهم، فكثير منهم يمارسون التقية انتظارا للحظة التي يجمعون فيها أمرهم وشركاءهم. وما نسمعه ونشاهده من عقد الندوات والدورات في إسطنبول وقبرص التركية، (على اعتبار أن الطائف والباحة وأبها غير صالحة للسياحة كما لم تعد صالحة لأخونة أسر وعوائل بكاملها) - حسب أحد الكتاب – علاوة على تنظيم دورات لبعض الأكاديميات الخليجيات في تركيا، عبر اتحاد الداعيات المسلمات الذي خرّج عددا من الأكاديميات السعوديات اللاتي أقمن مراكز خاصة تعنى بالمرأة السعودية على وجه التحديد! وذلك يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، فهناك أناس يقومون بالدور التحريضي نيابة عنهم. لم يعد خافيا أن التآمر" الصهيو - أمريكي " على زعزعة الأمن في منطقة الخليج العربي ما يزال قائما، فلا يعني سقوط الإخوان في مصر وانكشاف مشروعهم التآمري أن كل شيء انتهى، بل على العكس فما زالوا ومن يدعمهم سياسيا وماديا سائرين نحو المخطط نفسه، الذي كانت نواته مشروعين، الأول هو مشروع النهضة الذي يتولاه إخونجي خليجي اسمه جاسم سلطان، والمشروع الثاني هو مؤسسة أكاديمية التغيير التي أوكلت مهمتها إلى زوج ابنة يوسف القرضاوي. إذن القصة باختصار هي محاولة تغيير سياسي كبير في دول الخليج العربي، بتحويل أنظمة الحكم فيها إلى أنظمة إخوانية تتحرك بخط الإسلام "الصهيو أمريكي" ويعد مشروع النهضة المُنَظِّر والمرجع لأكاديمية التغيير، ويصبَّان معًا في رافد واحد هو تثوير الشباب العربي عامة والخليجي خاصة. كثيرة هي المؤامرات التي حيكت في جنح الظلام ضد بلادنا، ولكن أن تنشأ مؤسسة أو أكاديمية لتتولى التخطيط لإنجاز هذه المؤامرات فهذا هو الذي كان يحدث على حين غفلة من الجميع، وتحت كم هائل من حسن الظن. مصنع المؤامرات بدأ أول ما بدأ بما يسمى "أكاديمية التغيير" التي شرعت في حياكة المؤامرات تحت عنوان التغيير، ومواجهة الأنظمة القائمة في دول المنطقة، واستطاعت أن تنجز الكثير من هذه المؤامرات وتنفذها على أرض الواقع وعلى نار هادئة، في مطلع العام 2006، ولم تحصد ثمارها إلا في مطلع العام 2011 مع بداية ثورات الربيع العربي التي استغلت لاستمرار سيناريو الفوضى اللامحدود، الذي سعت الولاياتالمتحدة إلى تطبيقه عسكرياً وكلفها كثيرا، لكن سرعان ما لجأت إلى ما يعرف بالقوى الناعمة، وتسميه الاستخبارات الأمريكية " القتل اللذيذ" الذي لا يكلف الجيش الأمريكي ولا الخزانة الأمريكية شيئا يذكر. عندما أسست أكاديمية التغيير في لندن، كان نشاطها يتضمن ثلاثة مشاريع هي: أدوات التغيير، وثورة المشاريع، وثورة العقول، ولتحقيق هذا الهدف ألفت الأكاديمية عددا من الكتب، مثل: سلسلة حروب اللاعنف، وتحوي السلسلة أربعة كتب هي: حلقات العصيان المدني، والدروع الواقية، والجدران تتحدى، وأسلحة حرب اللاعنف، وفي هذا الكتاب يذكرون أن كثيرا من الشعوب (تظن أن لاخيار أمامها للتخلص من الأنطمة القائمة سوى العنف وحمل السلاح، وإلا فالاستسلام والرضا، لكن يوجد خيار ثالث وهو خيار حرب اللاعنف)، ويوضح الكتاب مفهوم حرب اللاعنف، وطبيعة أسلحة حرب اللاعنف، وطبيعة الصراع وأطرافه والقوة السياسية. كما ألفت سلسلة ثورة العقول في ثلاثة أجزاء. ويقوم هشام مرسي صهر القرضاوي، بتدريب الشباب العربي وخاصة الخليجي على النشاط الثوري، في مقر الأكاديمية، وعبر الإنترنت ومواقع اليوتيوب، وتحت عناوين كثيرة منها أفكار الثورة، وأفكار للثوار، وكيفية التعامل مع القوى التقليدية، وتكتيكات التفاوض، وأسلوب رفع سقف المطالب، وتنفيذ خطوات العصيان المدني، وإبراز بعض المعاني الرمزية مثل: حمل المصاحف، وإضاءة الشموع، ودق الطبول وحمل الأعلام الوطنية. كذلك تدريبهم على أسلحة مقاومة دولهم بدلا من العنف، ومن ذلك سلاح اللاتعاون، مثل اللا تعاون الاجتماعي، ويكون بمقاطعة الأنشطة والمؤسسات- والانسحاب من النظام الاجتماعي. واللاتعاون الاقتصادي نحو:المقاطعة من قبل المستهلكين- والمقاطعة التجارية والعقارية- والامتناع عن دفع الإيجار- والامتناع عن الاستئجار- والإضراب عن العمل - وسحب الودائع المصرفية- والامتناع عن دفع الرسوم والمخالفات والديون والمستحقات - وعدم الاعتراف بعملة الدولة. واللاتعاون السياسي ومنه: رفض السلطة- ورفض المواطنين التعاون مع الحكومة - وعصيان العاملين في الأجهزة الحكومية. ويتضمن كتاب "الدروع الواقية من الخوف" إرشادات إلى طرق حماية الشخص لنفسه في مواجهة هجمات قوات الأمن أثناء المظاهرات. تزعم أكاديمية التغيير على موقعها الإلكتروني أنها "مبادرة شبابية مستقلة، لا تخضع في دعمها لأي دولة أو طرف سياسي"، وأنها تهدف إلى تنمية قدرة المجتمعات على تحقيق أحلامها، لكنها لا تشير إلى مجتمع معين، أو إلى نوع الأحلام التى تدعمها. ومن يتتبع أنشطتها ومشاريعها يجد أنها موجهة الى المجتمع المصرى أولا، ثم باقي المجتمعات العربية، وأكثر من يستقطبونه شباب دول الخليج العربي. لكن ماذا عن دور(الخوان) التآمري؟ لقد كشفت شخصيات إعلامية خليجية عن مؤامرات إخوانية ومساهمات في تلك الأنشطة المشبوهة، لإشعال الفتن والاضطرابات في بلادها. وإذا كان مشروع النهضة ينطلق من الفكرة التوسعية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية لدى الإخوان، فإن أكاديمية التغيير تحوي برامج ودورات نظرية وتدريبات عملية على الثورات والتمرد والمظاهرات وأعمال الشغب، وأغلب قاصديها هم من الشباب الخليجي، والسعوديين بالذات، بغض النظر عن توجهاتهم الأيديولوجية؛ المهم أن يكون (المتدرب) أداة لزعزعة الاستقرار ونسف الأمن وإثارة الشغب. من هؤلاء الإعلامي البحريني يوسف البنخليل الذي ذكر في كتابه "حرب اللاعنف في البحرين.. هكذا تم تجنيدي لإسقاط النظام"، أن أكاديمية التغيير، مؤسسة مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين، وتمارس نشاطات معادية تسعى إلى إسقاط النظام البحريني وإحداث قلاقل في دول الخليج العربي. وأوضح أنه شارك في دورة حول كيفية إسقاط نظام الحكم في البحرين، وذلك على مرحلتين، الأولى استهداف المصالح السعودية في البحرين، أما المرحلة الثانية من الدورة التدريبية (التخريبية) فتتضمن استهداف المصالح داخل المملكة السعودية، لخلق مشاعر الاستياء والتذمر لدى السعوديين، بتكليف أشخاص لكتابة عبارات تحريضية على المباني الرئيسية، والعمل على قطع الشوارع، والقيام بأعمال تخريب. وذكر أنه سأل القائمين على الدورة وهم مسؤولون عاملون ضمن تنظيم الإخوان المسلمين عن مشروعية أعمال الحرق وإشعال الإطارات والحاويات، فأجابوا بأن العنف أمر نسبي، وأن الوسائل المذكورة لا تعتبر عنفاً مقارنة بتجهيزات قوات الشرطة. كما كشف الباحث الكويتي المتخصص في الشؤون الإيرانية مشعل النامي عن أن أكاديمياً خليجياً من أصول سعودية يقوم بعمل تقارير عن السياسة السعودية لصالح من يدير "مشروع النهضة" لدعم القيادات والنفوذ الإخواني في السعودية، وضرب النامي مثلاً بمحاولة تنظيم ملتقى النهضة في الكويت كدليل على مشروع تحالف بين أطراف انفصالية والإخوان السعوديين، لزعزعة الأمن في المملكة! ذلك أن ملتقى النهضة يعد غطاءً لأكاديمية التغيير الخليجية، التي تسعى جاهدة لإشعال الثورات وإسقاط الأنظمة في دول الخليج على غرار ما حدث في مصر واليمن وتونس. انظر رابط الفيديو على قناة الوطن: http://q8ok.blogspot.com/2012/03/29-3-2012_30.html أخيرا، ما السبيل إلى تحصين أبنائنا ضد هذه المؤامرات لتقوية جبهتنا الداخلية؟ ألا يكشف الواقع عن تراخ في هذا الصدد من قبل الوزارات التي لها مساس مباشر بالشباب والمواطنين كافة ؟ وما الدور الذي ساهمت فيه كل هذه الجهات، دعماً ومؤازرة لما تقوم به وزارة الداخلية؟ أخشى أن أقول لا شيء يذكر، وكأن أمن الوطن لا يعنيهم البتة.