المهنية مفهوم يعتمد على معايير وأخلاقيات وجدارات ومواصفات، ولكل عمل مهني مهما كان مجاله متطلباته وضوابطه، والشخص المهني هو الذي يمارس عمله بأسلوب احترافي مختلف عن الشخص الهاوي. هل يلتزم القطاع الخاص عندنا بالمهنية؟ للأسف فإننا قليلا ما نلمس نهجا مهنيا ونحن نتعامل مع كثير من المؤسسات أو الشركات أو الأفراد في شتى المجالات. لنأخذ على سبيل المثال محلات ومؤسسات الديكور المنتشرة في أنحاء الرياض التي تتخذ لنفسها أسماء براقة، إن من يتعامل مع بعضها- وأنا هنا أتكلم عن مؤسسات صغيرة ومتوسطة - يجد العجب، فرغم أن أصحابها يحددون الخدمات المفترض أن المؤسسة متخصصة فيها إلا أنه يتضح بعد التجربة أن القائمين عليها لايملكون إلا القليل من المعرفة، وخبرتهم في العمل الذي يفترض أن يعتمد على الابتكار والذوق لم تكتسب بالتعلم والتدريب بل بمجرد الارتزاق، فكيف سيساعدون الأشخاص على جعل منازلهم أو مكاتبهم أكثر جمالا، ومع أن هذا العمل رغم صعوبته ممتع وجذاب إلا أنك لا تجد ذلك الشغف والاستمتاع ، فلا أفكار خلاقة ولا مقترحات مفيدة ولا قدرة على تخيل وتصميم ما يريده الزبون الذي يدفع ماله مقابل تلك الأفكار والخدمات، ومع أن تلك المحلات تعنى بالديكور إلا أنك لا تلمس عند دخولك فيها حس الذوق، فالفوضى تعم المكان، وطريقة العرض بعيدة عن الابتكار، وإذا جئنا إلى من ينفذ الأعمال فحدث ولاحرج، عمالة بائسة تثير الشفقة، بأدوات بدائية، تستخدم أجهزة عفا عليها الزمن، وأساليب قديمة تسبب أحيانا بعض الأضرار والفوضى والإزعاج، كما أنه لا تتوفر لهؤلاء العمال أي من وسائل الأمن والسلامة. عندما لا تراعي المؤسسة أو المحل التجاري أو أي جهة تقدم خدمة معايير العمل تفقد ثقة العملاء والزبائن، فاللغة التي يتكلم بها الموظف مع الزبون، وطريقة رده على الهاتف، ومظهره الخارجي، وقدرته على إعطاء المعلومات الصحيحة، والمهارة في أداء الخدمة كل ذلك يعزز من المصداقية. المشكلة أن اختلال المعايير يقابله أحيانا جشع وحرص شديد على الحصول على المقابل المادي قبل استيفاء الخدمة، وكثيرا ما تبخل إدارة المحل على الزبون حتى بمكالمة من جوال فغالبية المؤسسات تعتمد أسلوب (missed call) لتلزم العميل برد المكالمة مع أن الاتصالات جزء من الخدمة. في أحد المطاعم المتخصصة في طهي الأطباق الشعبية سألت الزبونة الموظف عن أسعار الذبائح حسب أوزانها فرد عليها أن التصنيف حسب شكل الخروف! عندها غادرت الزبونة المكان.