شهدت الرياض الأسبوع الماضي حدثا أعتبره نقلة نوعية في أسلوب عمل القطاع الحكومي تمثل في اللقاء الخاص بتوقيع اتفاقية صندوق التنمية العقاري مع البنوك السعودية وشركات التمويل العقاري لتدشين برنامج التمويل الإضافي بصيغته الجديدة المتوافقة مع نظام الرهن العقاري وبحضور وزير الإسكان ومحافظ مؤسسة النقد ووكيل وزارة العدل. تأتي هذه الخطوة بعد عام من تدشين النسخة التجريبية لبرنامج التمويل الإضافي الذي يتيح للمواطن المقترض من صندوق التنمية العقاري الحصول على تمويل إضافي من أحد البنوك أو شركات التمويل بهدف المساهمة في حل مشكلة أكثر من 130 ألف مقترض لم يستلموا قروضهم بسبب غلاء أسعار العقارات والأراضي وصعوبة الحصول على تمويل إضافي. وحسب تصريح مدير عام الصندوق العقاري يستهدف البرنامج المواطنين الذين صدرت الموافقة لهم على طلبات قروضهم ويشترط مطابقته مع شروط الممول والمسكن وكان الإجراء المتبع في التطبيق التجريبي للبرنامج أن يكون العقار باسم البنك ويرهن للصندوق بقيمة قرضه إلا أنه في التطبيق الجديد سيكون باسم المواطن المقترض ويرهن للصندوق والبنك كل بحسب حصته من القرض. وهذا الإجراء فائدته أكبر لجميع الأطراف فالمواطن المقترض أصبح يمتلك عقاره والممولون الصندوق والبنك أو شركة التمويل أصبح ضمانه أقوى بالرهن وصدور نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية. أرى أن أهم مميزات هذا التعاون يكمن في اتفاق القطاعات الحكومية مع القطاع الخاص وتطبق العمل الحكومي المؤسسي بعيدا عن الفردية والاجتهادات التي كلفتنا كثيرا وعطلت التنمية ورسخت البيروقراطية والخلافات بين كافة القطاعات والضحية المواطن. التعاون الجديد حول موضوع القرض الإضافي أعتبره تناغما وتناسقا يحسب للقطاعات المعنية ويؤدي الى سرعة الإجراءات وقاعدة لتفعيل نظام الرهن العقاري ونموذج جديد لشراكة القطاع العام والخاص وهذا سيؤدي الى شفافية في التعامل ووضوح المسؤوليات وحفظ حقوق المتعاملين من مؤسسات وافراد. ومن الايجابيات أنه لأول مرة نرى جميع البنوك وجهات التمويل تتفق وتجتمع على طاولة واحدة بغض النظر عن التسهيلات والمميزات التي ستقدمها ومنها حجم الفائدة فالمهم هو تعدد الخيارات والمنافسة. هناك من ينظر الى هذا الاجراء بسلبية وأن القرض هو استغلال لحاجة الناس ودفعهم لشراء العقارات بعد احجامهم لفترة من الزمن وركود السوق بانتظار انخفاض الأسعار الى أرقام تناسب قدرتهم الشرائية، وقد يكون ذلك صحيحا وينطبق على شريحة معينة. لكن هذا الاجراء جاء كجزء من حزمة الحلول التي يقدمها الصندوق العقاري ووزارة الإسكان للمواطنين وهي لفئة معينة وليست للجميع وحرية القرار مكفولة للجميع ولا شك أن هناك من ينتظر مثل هذا الحل بفارغ الصبر. والجميع بانتظار حزم أخرى تؤدي الى حل مشكلة الإسكان. وأخيرا فصاحب القرض هو من يقرر هل هي حاجة ام استغلال؟