إن ما يحدث حولنا من حرب تدميرية تأكل الحرث والنسل هي أيضا حرب ثقافية، ولكي ندرك أهمية الثقافة أمامنا مثل صارخ، وهو الغزو الثقافي الأميركي، فالولايات المتحدة الأميركية عندما انتصرت على ألمانيا واليابان عسكرياً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أدركت أنّ أمامها حرباً أخرى لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية وهي الحرب الثقافية، التي تتمثل في الحرب ضدّ الفاشية. فغزت ألمانيا واليابان والعالم أجمع بثقافتها أفلاماً وموسيقى وصحفاً وجامعات، وقد انتصرت فعلاً على الثقافة الفاشية وفرضت نمط الحياة الأميركية على العالم، وأنا هنا لا أروج للثقافة الأميركية أو أدعو إلى تبنيها فلها سلبياتها وخاصة مطاعم الأكل السريع والكوكا كولا، ثم ّ هي قبل ذلك ذرائعية ليس لها غاية سامية، وهذا ما فعله التكفيريون مهما تعددت أسماؤهم أو أحزابهم وجماعاتهم، فشنوا حرباً ثقافية لا هوادة فيها، اخترقوا التعليم ومناهجه، وسخروا بعض المساجد لبث أفكارهم، وجندوا الشباب لتوزيع كاسيتاتهم، وللهجوم على معارض الكتب التي لا تتفق مع أهوائهم، وفي نفس الوقت عمدوا إلى اغتيال المثقفين والأدباء المعارضين لأفكارهم، فاغتالوا حسين مروة وفرج فودة وحاولوا اغتيال نجيب محفوظ، ودعا أحدهم في تويتر إلى جزّ رأسي المحمود وأبا الخيل كاتبي الرياض، هذا ما فعلوه، وعلينا إذن أن نهبّ لشنّ هجمة ثقافية مضادة ركائزها العقلانية والوسطية والتسامح والحوار، فلنسارع إلى تحقيق ذلك.