بالأمس في عاصمة الإمارات الشقيقة أبوظبي شهدنا احتفالاً وعرساً ثقافياً استثنائياً احتفاءً بشخصية استثناءً؛ حين يكون المحتفى به ملك بقامة عبدالله بن عبدالعزيز، أيقونة حب شعبه والريادة والتنمية والإصلاح والثقافة والسلام فإنه بالتأكيد احتفال استثنائي في كل المقاييس وبرعاية سمو الشيخ الفريق أول محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة في دولة الإمارات، بتكريم خادم الحرمين الشريفين بجائزة "الشخصية الثقافية" لعام 2014، لإسهامات ودور وريادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز "حفظه الله ورعاه" في دعم مسيرة النهضة الثقافية والأدبية والعلمية والتربوية في المملكة وخارجها. اختارت مجلة «فوربس» أبا متعب شخصيةً ثالثة من بين أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم، بعد الرئيس الصيني هوجينتاو والرئيس الأميركي أوباما، كما قد اختارت مجلة «نيوزويك» الأميركية الرصينة في عدد أغسطس الماضي الملك عبدالله ضمن قائمة «أكثر عشرة زعماء في العالم اكتسبوا احتراماً عالمياً حقيقياً»، حيث أشادت المجلة بالتطور الحاصل في المملكة، والمبادرات التي أطلقها في مناسبات عدة وفي مجالات متعددة. وفي فبراير الماضي أشار استطلاع لشركة «بيو» البحثية إلى أن خادم الحرمين الملك عبدالله هو الأول بين القادة الأكثر شعبية وتأييداً في العالم الإسلامي. منذ أن تولى أبو متعب الحكم في 1 أغسطس 2005 والحب الشعبي الكبير يمتّن علاقة هذا الزعيم بشعبه، أواصر مودة وصلت إلى حدّ الأبوّة، حتى إنني أستمع ممن حولي رجالاً ونساءً وأطفالاً من يعتبرونه بالفعل أباً حقيقياً، حتى إنني رأيت الفزع في عيون الأطفال وهم ينتظرون نهوض مليكهم سالماً. بلغوا -من حبهم له وتعلقهم به- أنهم لا يشعرون بالقلق ما دامت روحه تظلل كيان هذا الوطن. ظلّت وقفاته المشهودة على مرّ تاريخه منذ أن كان ولياً للعهد رسّخت ثقة الشعب المطلقة بهذا الملك؛ صارت روحه قريبةً منهم، حتى إنهم لتبسطهم وشعورهم بالحميمية معه يسمونه بكل أريحية «أبو متعب». اعتبرَ الشعب بأكمله سواسيةً، فألهم أمةً من الناس الذين وجدوا فيه الزعيم الذي كانوا به يحلمون، القائد الذي يضع الحلول لأزمات المسلمين في أنحاء العالم. أذكر أن مثقفاً من بلدٍ عربي كتب مقالةً عن انتشار صور الملك عبدالله على سيارات المواطنين، ظنّ لأول وهلة أن هذه الملصقات إلزامية على المواطنين كما هي الحال في بعض دول الاستبداد، قال له أحدهم إن وضع صور الملك على السيارات مخالف للأنظمة وممنوع غير أن المواطنين يفضّلون أن يعبّروا عن حبّهم للملك حتى لو كلّفهم ذلك غرامةً مالية، فسأل: كل هذه الملصقات عن الملك وهي ممنوعة نظاماً كيف لو كانت مسموحة أو إلزامية؟! أعلن الملك دفاعه عن حرية المواطنين، حينما تحدث في خطابٍ مشهود في 10 سبتمبر 2005 عن رفضه لتقبيل اليد قائلاً: «إن تقبيل اليد أمر دخيل على قيمنا وأخلاقنا ولا تقبله النفس الحرة الشريفة، إلى جانب أنه يؤدي إلى الانحناء، وهو أمر مخالف لشرع الله، والمؤمن لا ينحني لغير الله الواحد الأحد، لذلك أعلن من مكاني هذا عن رفضي القاطع لهذا الأمر، وأسأل الجميع أن يعملوا ذلك ويمتنعوا عن تقبيل اليد إلا للوالدين براً بهما». رفض في نفس الخطاب استعمال كلمة «مولاي» في مخاطبته، إنه الملك المدافع عن حرية وإنسانية الإنسان، أن لا ينحني ولا يقبّل يداً لأيّ كائنٍ سوى الوالدين. يعالج الملك شعبه بالحرية منقذاً إياه من كل أمراض العبودية. أقلّب بين فترةٍ وأخرى القنوات، أطالع لقاءات تلفزيونية مع حجاج بيت الله، كل الأحاديث التي يدلون بها تدل على أن الملك عبدالله قد غطّت شعبيته الآفاق، بتأثيره ووقوفه مع حرية الإنسان وكرامته وحقوقه. أما بالنسبة للمرأة في عهد عبدالله بن عبدالعزيز؛ بقيت مواقفه مع نصرة المرأة خاصةً والإنسان عامةً مشهودة. شهدت المرأة السعودية في عهد والدها عبدالله بن عبدالعزيز تمكيناً غير مسبوق ليس ابتداء في 29 أكتوبر 2008 حينما أعلن عن تغيير اسم جامعة الرياض للبنات، لتصبح جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن مخلّداً اسم عمته العظيمة التي ساندت مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وليس انتهاءً من مشاركة المرأة السياسية ودلوفها قبة مجلس الشورى ومشاركتها أخاها المواطن الرجل في مختلف قضايا وطنهما.