بدأ وزير الخارجية الاميركي جون كيري أمس زيارة الى جنوب السودان للسعي الى وقف اطلاق النار في النزاع الدامي المستمر منذ اربعة اشهر والذي اثار تحذيرات من وقوع ابادة ومجاعة. وهذه الزيارة غير المعلنة تعتبر ابرز مسعى حتى الان للتوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار في هذا النزع الذي اغرق جنوب السودان في دوامة عنف وحشية ارتكبت خلالها جرائم حرب ومجازر اتنية واغتصاب وتجنيد اطفال. وعند وصوله الى جوبا، توجه كيري للقاء الرئيس سلفا كير، وقال مسؤولون اميركيون انه سيجري محادثات عبر الهاتف مع زعيم المتمردين رياك مشار. وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي ان "كيري سيشدد مجددا على ضرورة ان يحترم جميع الاطراف اتفاق وقف اطلاق النار والتوقف فورا عن شن هجمات على المدنيين". الاطراف المتناحرة مطالبة بوقف اطلاق النار والتعاون الكامل مع الاممالمتحدة (أ.ف.ب) واضافت في بيان "انه سيحث ايضا الاطراف المتحاربين على التعاون الكامل مع الاممالمتحدة والمنظمات الانسانية لحماية المدنيين وتأمين مساعدة لشعب جنوب السودان". ويتزايد القلق الدولي حول حجم اعمال القتل في جنوب السودان حيث تقوم القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير والمجموعات المتمردة بقيادة نائبه السابق رياك مشار بمذابح واغتصاب وتجنيد اطفال. والشهر الماضي قتل مئات الاشخاص على ايدي متمردين في مدينة بنتيو النفطية شمال البلاد وبينها في كنائس ومساجد ومستشفيات فيما قتلت مجموعة مؤيدة للقوات الحكومية عشرات المدنيين العزل الذين لجأوا الى قاعدة للامم المتحدة في بلدة بور. وكيري سيجتمع ايضا مع قادة قوة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة التي تعرضت قواتها لهجوم من الاطراف المتنازعة. وسيجتمع ايضا مع مسؤولي المجتمع المدني وممثلين عن حوالى مليون شخص اضطروا لمغادرة منازلهم ولجأ عشرات الالاف منهم الى قواعد الاممالمتحدة. وتتعرض الولاياتالمتحدة لضغوط من اجل التدخل لانها كانت الراعية الاساسية لاستقلال جنوب السودان عن الخرطوم وضخت مليارات الدولارات لمساعدة البلاد منذ انفصالها عن السودان في 2011. وقد عبر كيري عن نفاد صبر واشنطن قائلا ان اعمال كير ومشار "تخيب الامال" لا سيما وان التنافس بينهما ادى الى موجة اعمال قتل اتنية بين قبيلتي الدينكا (التي يتحدر منها كير) والنوير التي ينتمي اليها مشار. وكان كيري حذر ايضا من خطر حدوث عملية ابادة وانتشار المجاعة في جنوب السودان ملوحا بفرض عقوبات على كل من مشار وكير. وقال كيري خلال زيارة الى اثيوبيا "هناك مؤشرات مقلقة للغاية بان عمليات قتل على اسس اتنية وقبلية وقومية تجري (في جنوب السودان) ما يثير اسئلة خطيرة. واذا ما استمرت عمليات القتل بالطريقة هذه، فيمكن ان تشكل تحديا خطيرا للغاية للمجتمع الدولي يتعلق بمسالة الابادة". واضاف كيري "يجب محاسبة المسؤولين عن عمليات القتل المستهدفة على اسس اتنية وقومية، ونحن نعكف على دراسة فرض عقوبات ضد من ينتهكون حقوق الانسان ويعرقلون المساعدات الانسانية". وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما وقع الشهر الماضي مرسوما يسمح بفرض عقوبات من بينها مصادرة الارصدة وحظر تاشيرات السفر ضد اي شخص يعتبر مهددا لجهود السلام في جنوب السودان. من جهة أخرى، حذر المبعوث الأوروبي لمنطقة القرن الأفريقي الكسندر روندوس من المخاطر الفعلية لتسجيل مذابح جماعية على نطاق واسع في جنوب السودان الذي يشهد حربا أهلية وصراعا دمويا على السلطة. وقال المسؤول الأوروبي في بيان نشر في بروكسل أمس " إن الموقف في جنوب السودان بلغ درجة خطيرة جدا من التوتر وبات ينذر باندلاع صراع عرقي غير محسوب العواقب وعلى نطاق واسع". وأفاد أن مئات آلاف الأشخاص يفرون حاليا من مناطق النزاع مع احتمال تسجيل مذابح جماعية خطيرة بين العرقيات المتناحرة". ودعا روندوس، رئيس جنوب السودان سيلفا كير إلى الاجتماع سريعا مع زعيم حركة التمرد ريك مشار تحت رعاية منظمة (ايغاد) التي تجمع سبع دول من شرق أفريقيا لبحث سبل وضع حد للاقتتال، مؤكدا أن دول (ايغاد) على استعداد لتعبئة العناصر الضرورية للإسهام في بسط الاستقرار، مبينا أن المجتمع الدولي لا يمكنه التغافل والتغاضي أكثر عما يحدث في جنوب السودان.