محسن الهزاني (1130-1210ه) من أشهر شعرائنا الشعبيين، حتى لقبه بعضهم بأمير الشعر الغزلي، أحب (هيا) كما أحب قيس ليلى وعمر بن أبي ربيعة الثريا، وهناك شبه كبير بين شاعرنا والشاعر الأخير، فكلاهما مبدع في الغزل، معتد بنفسه، وكلاهما ذو نسب شهير، كما أنهما تابا وتركا الغزل آخر العمر، ولمحسن -رحمه الله- قصائد دينية تنبض بالصدق والإحساس.. . ومن عباءة عمر بن أبي ربيعة خرج عدد من الشعراء أمثال محسن الهزاني وأنور سليمان ونزار قباني، ممن تخصصوا في الغزل، ومالوا إلى النرجسية (حب الذات) على اختلاف في المسافات.. ورغم أن الهزاني في قصيدته الشهيرة (مبسم هيا) أكد أنه لن يتوب عن الهوى (الحب والغزل) إلّا أنه تاب فعلاً كما ذكرنا.. ولا غرابة في ذلك فالشاعر ابن لحظته فحين أبدع قصيدته الغزلية كان هائماً في العشق طائراً في الهوى، ثم مع تقدم السن عدل عن ذلك فتاب عن الهوى والغرام، ومحسن بشكل عام مؤمن فله قصائد تدل على الإيمان القوي منها (استغاثته) المشهورة والتي تُعتبر من (عيون الشعر الشعبي) وقصيدة محسن الهزاني (مبسم هيا) من أجمل وأشهر قصائد الحب: برق تلالا قلت عز الجلالا واثره جبين صويحبي واحسبه برق ومبسم هيا له بالظلام اشتعالا بين البروق وبين مبسم هيا فرق روشن هيا له فرجتين شمالا باب على القبله وباب على الشرق ياشبه صفرا طار عنها الجلالا طويلة السمحوق تنزح عن الدرق له ريق احلى من حليب الجزالا واحلى من السكر اليا جا من الشرق أخذت منها.. تتالا يوم ان نسناس الهوى يطرقه طرق جريت انا صوت الهوى باحتمالا في وسط بستانٍ سقاه اربعٍ فرق طبّيت مع فرعٍ جديد الحبالا وظهرت مع فرعٍ تناوح به الورق حنيت انا حنت هزيل الجمالا تنقل روي الخيل قد حسه الفرق فيا قلتن في عاليات الجبالا ما ها قراح مير من دونها غرق ماعاد للصبيان فيها احتمالا من كود مرقاها يديهم لها طرق قالوا تتوب عن الهوى قلت لا لا الا تتوب رماح علوى عن الزرق وقالوا تتوب عن الهوى قلت لا لا الا يتوبون الحناشل عن السرق وقالوا تتوب عن الهوى قلت لا لا الا تتوب الشمس عن مطلع الشرق والحبيبة جميلة دائماً.. ولكنها تكون أكثر جمالاً وسحراً حين تبتسم، وحين تضحك في حبور.. فالابتسامة أكثر اشراقاً من الكهرباء.. وأجمل طلة من بزوغ البدر بعد السحاب .. ثم إنها دليل الرضا والإقبال! ومبسم هيا له بالظلام اشتعالا بين البروق وبين مبسم هيا فرق وَصَاحِبَتي إذا ضَحِكَتْ.. يسيلُ الليلُ مُوسِيقى.. تطوقنى بساقية من ..النَهَوَنْد تَطْويقَا . وعندما تنتاب العاشق كآبة فليس هناك مايبهجه أسرع من ابتسام محبوبته له.. ولشاعر المرأة والحب (نزار قباني) فيما يقارب الموضوع: وَصَاحِبَتي.. إذا ضَحِكَتْ يسيلُ الليلُ مُوسِيقى تطوقنى بساقية من النَهَوَنْد تَطْويقَا فَأَشربُ من قرار الرَصْدِ ابريقا فابريقا تَفَنَّنُ حين تُطْلِقُها كحُقِّ الورد تَنْسِيقا و تشبعها قبيل البث تَرْخِيماً وتَرْقِيقا.. أنامل صوتك الزرقاء تُمْعِنُ فيَّ تَمزيقا أيا ذاتَ الفَمِ الذَهَبِّي رُشِّي الليلَ مُوسِيقَا.. ومن الأقوال المأثورة إذا ابتسمت لك فتاة وانت في العشرين أسرعت الى المرآة لترى الوسامة التي جذبت الفتاة إليك أما إذا ابتسمت لك وانت في الأربعين فإنك تعتقد أن مالك أو جاهك أو سيارتك هي التي جذبتها، ولكن حين تبتسم أمامك وأنت فوق الستين فإنك تنظر الى الخلف لترى اذا كان غيرك هو المقصود أو تبحث عن عيوب في مظهرك ولباسك لكن الشعراء قلما يعترفون بالعمر اذا صفّق طير الهوى في مشاعرهم ورغم أن محسن الهزاني أكثر من شعر الغزل كعمر بن أبي ربيعة إلا أنه كان عفيفاً في حياته.. والشعراء يقولون مالا يفعلون.. محسن الهذاني مثل عمر بن أبي ربيعة.. غزل كثير وإعجاب بالجمال ولكن هنالك عفاف.. كما قال عمر بن أبي ربيعة: إني امروء مُولَعٌ بالحُسنِ أتبعُهُ لاحظَّ لي منه إلا لذّة النظرِ