تحل يوم السبت المقبل الذكرى التاسعة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ملكاً على البلاد، وتتجدد معها الكثير من معالم الإنجازات والمواقف والقرارات المهمة التي تصب في نهر البناء للوطن والعطاء للمواطن الذي أولاه كل اهتمامه ووقته. وحمل خادم الحرمين الشريفين على عاتقه قضايا وطنه وشعبه بكل اقتدار وأمانة، وصاغ من خلال ما اتخذه من قرارات ومشروعات إصلاحاً نموذجياً ونبراساً يقتدى به لكل ما من شأنه أن يحقق مصالح الوطن ويحقق الرفاهية لكل مواطن، وعلى ضوء هذا فقد اتخذ -حفظه الله- نهجاً لا يحيد عنه، وهو عدم مجاملة أحد في سبيل التغلب على هواجس وطنه وتحقيق طموحات مواطنيه. صور ومواقف عظيمة للملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- على كافة المستويات وكافة الأصعدة أكبر من أن تستوعبها الأحرف أو الكلمات، هي مواقف تنطلق من فطرته السليمة، ورؤيته الحكيمة لكل ما فيه خدمة أمته ووطنه، وهو في هذه المواقف لا يجامل أحداً ولا يضع حساباً لأحد، وأنما ركيزته الأساسية هو خدمة وطنه وأبنائه المواطنين. تطوير القضاء اتخذ الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- قرارات مهمة من أجل تطوير القضاء والتعليم، باعتبارهما ركيزتين هامتين في بناء المجتمع وحمايته وبناء شخصيته الإسلامية المعتدلة والمؤدية إلى دورها الإيجابي في الحياة، فبالنسبة للقضاء فقد أصدر القرارات الهادفة إلى تطوير القضاء وديوان المظالم، ورصد لتحقيق ذلك أكثر من سبعة مليارات ريال لإنجاز هذا المشروع ودعمه مالياً وإدارياً تحقيقا لرؤيته في أهمية تحقيق نظام قضائي فاعل ونزيه يضمن العدالة الاجتماعية ويحافظ على مكتسبات الوطن ويرسخ العدالة بين المتقاضين بكل تجرد وإنصاف، ويأخذ الحق لكل مظلوم دون تفريق بين كبير أو صغير، وكذلك القضاء على كل صور "البيروقراطية" وتعطيل مصالح المتقاضين التي كانت قائمة في الوقت الماضي، إضافةً إلى إدخال وسائل التقنية الحديثة في المحاكم وكتابات العدل لحفظ جميع المعلومات بطريقة لا تسمح بأي أخطاء. الاهتمام بالتعليم وحظي التعليم باهتمام وعناية من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- تنسجم مع إيمانه بأهميته ودوره في نهضة الأمة وتطورها وهو الأداة الفاعلة في بناء الإنسان واللبنة الأولى لتنمية الإنسان فكرياً ووجدانياً، ورسم الطريق السليم للأجيال القادمة التي تمثل الثروة الحقيقية للوطن، من هذا المنطلق جاء مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم والمناهج بهدف أن تأتي المخرجات التعليمية متماشية مع إحتياجات الوطن، وبما يساهم في نموه وتطوره، وأن تكون المناهج متوفقة مع روح العصر، وتحقق التنمية المطلوبة لشخصيات الطلاب العلمية والعقلية، وكذلك تصقل مهارات التفكير والتعليم الذاتي المعزز بالتعاليم الإسلامية والأخلاق والولاء للوطن، وتحمي المكتسبات الوطنية وتحافظ عليها. واهتم مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم والمناهج بتطوير البيئة التعليمية من خلال توفير كل المتطلبات التقنية التي تخدم العملية التعليمية، والتوسع في إنشاء المباني المدرسية للتخلص من جميع المباني المستأجرة في جميع أنحاء المملكة، وكذلك فتح مجال الابتعاث لمئات الألوف من الشباب في مختلف التخصصات؛ بهدف تنمية مهاراتهم ليعودوا إلى الوطن ويساهموا في البناء على أسس سليمة من المعرفة، وجاءت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لتترجم نظرة الملك الثاقبة والمتطورة للتعليم الجامعي بإنشاء هذه الجامعة التي تعد من الجامعات المميزة في برامجها وأهدافها ومخرجاتها في المستقبل. دور المرأة ووصلت المرأة السعودية إلى مستوى كبير من التعليم والتأهيل والنبوغ في العديد من المجالات العلمية، من خلال ما وفّر لها من مجالات العلم في جميع التخصصات، وقد أهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بقضايا المرأة منذ مبايعته بالحكم، إدراكاً منه بالدور المهم لها وقدراتها التي تمكنها من مشاركة الرجل جنباً إلى جنب في مختلف المجالات التي تساهم في بناء الوطن ورقيّه، متسلحةً بالإيمان والعلم، وجد أن تهميش المرأة وعدم الاهتمام بقضاياها يشكل خللاً في تركيبة المجتمع، وبالتالي لابد أن تأخذ دورها كاملاً في بناء مجتمعها بما تملكه من تأهيل وعلم، وهذا ما وضعه في قمة اهتمامه، لهذا أخذت المرأة دورها كاملاً في جميع المجالات بدءاً من نصيب كبير في الإبتعاث أسوةً بالشاب، وفتح مجالات العمل لها في مختلف المجالات، مع مراعاة أن يكون العمل متناسباً مع قدراتها وبعيداً عن الاختلاط أو أي عمل قد تتعرض فيه للإيذاء أو الانتقاص من كرامتها. هذه القرارات تأتي من حرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- على أن يوفر لأبنائه ذكوراً وإناثاً كل وسائل العمل، منطلقاً مما حباه الله إياه من حكمة وبُعد نظر تتفق مع تعاليم ديننا الحنيف، جاء الملك عبدالله ليمنح المرأة الثقة ويفتح أمامها الكثير من مجالات العمل إيماناً بقدراتها وكفاءتها، وهذا ما أكدته بنت الوطن في الكثير من المجالات التي حظيت فيها بالتفوق ليس على المستويين المحلي والاقليمي بل على المستوى الدولي. وتوّج خادم الحرمين الشريفين اهتمامه وثقته في المرأة باختيار ربع أعضاء مجلس الشورى من السيدات، ليكون لهن دور في رسم سياسة الوطن ومناقشة قضايا المواطن، وكذلك وضع المرئيات القادرة على تحقيق مصالح الوطن والمواطن حاضراً ومستقبلاً، كما صدرت أوامر الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتكون المرأة عضواً في المجالس البلدية خلال الفترة المقبلة من خلال الانتخاب أسوة بالرجل؛ لأنه يدرك بحكمته الدور الفاعل الذي يمكن أن تؤديه في هذه المجالس من أجل الحفاظ على مكتسبات الوطن وتحقيق مصالح المواطن في كل منطقة، لقد رسم خادم الحرمين الشريفين بذلك عهداً جديداً للمرأة السعودية، وأتاح لها كافة المجالات التي يمكن من خلالها أن تحقق ذاتها، وأن توظف علمها وقدراتها في سبيل النهوض بالوطن وخدمة قضايا المرأة من خلال وجودها في هذه المجالس. محاربة الفساد وأدرك الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- أن الفساد بكل أشكاله هو معول الهدم الذي يدمر مكتسبات الوطن ويشوه منجزاته ويتلاعب بمقدراته، وقد كان هاجسه الدائم هو أن يقضي على الفساد بكل أشكاله منذ تسلمه مقاليد الحكم، فكثيراً ما تأتي كلماته وتوجيهاته للوزراء في كل مناسبة بالحرص على خدمة المواطن بكل أمانة وإخلاص، وأن تكون مصلحة المواطن أولاً، وأن تفتح أبواب الوزارات له ليحظى بكل الاهتمام، وأن تعمل كل وزارة من أجل وصول خدماتها لكل مواطن على امتداد رقعة الوطن. وحرصاً منه على حماية مكتسبات الوطن وكشف كل من يحاول أن يوظف موقعه الإداري والعملي لمكاسب شخصية أو يتلاعب بأموال الوطن وميزانياته بصورة لا تخدم الوطن والمواطن أمر بإنشاء هيئة خاصة لمحاربة الفساد بكل أشكاله الإدارية والمالية في جميع مرافق الدولة، وذلك للحفاظ على مصالح الوطن والمواطن، وقد وجّه -حفظه الله- القائمين على هذه الهيئة بالوقوف ومتابعة كل أعمال الوزارات ومشروعاتها المختلفة، ورصد كل أشكال الفساد الإداري والرفع بها وعدم المجاملة لكائن من كان من المسؤولين، وأن يكون الجميع خاضعين للمحاسبة بكل شفافية ومساواة إذا ثبت أي تقصير منهم في أداء الأمانة التي أعطيت لهم وولاهم ولي الأمر أمانة حملها، وخدمة المواطن والوطن من خلالها، أخذ على عاتقه حمل هموم المواطن ومصلحة الوطن بكل أمانة ولا يرضى بأي تقصير أو تقاعس في أداء كل وزير وكل مسؤول عن مهامه المناطة بوزارته. مشروعات توسعة ودأب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله- على البدء في إحداث نقلة جبارة في الوطن من خلال المشروعات الضخمة والعملاقة التي أمر بها ورصد لها مليارات الريالات مثل توسعة الحرمين الشريفين، والذي يعد من أضخم مشروعات التوسعة التي تمت للمسجد الحرام على مر العصور، إضافةً إلى مشروعات سكك الحديد والطرق، وإنشاء مشروع مطار الملك عبدالعزيز الذي سيتم افتتاحه في عام 2015م، الذي سيكون بعد تشغيله من أكبر المطارات على مستوى المنطقة والعالم، إلى جانب اعتماد مليارات الريالات لإنشاء العديد من المستشفيات والمدارس والجامعات، وتطوير البنى التحتية في مختلف مناطق المملكة، وكذلك إنشاء العديد من المدن الصناعية والاقتصادية لتكون لبنة لدعم اقتصاد البلد في المستقبل، إضافةً إلى تقليل الاعتماد على البترول كمصدر وحيد للدخل. هذه المشروعات الجبارة في جميع المجالات تجسد وتعكس حرص خادم الحرمين الشريفين على إحداث نقلة تطويرية وتنموية تسهم في توفير الرفاهية للمواطن، ونقل المملكة العربية السعودية إلى مصاف العالم الأول حضارة ورقياً في كافة المجالات. حوار الأديان وتحظى المملكة باحترام وتقدير جميع دول العالم من خلال المواقف الرائدة والإنسانية التي نادى بها وتبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أطال الله في عمره- وفي مقدمة ذلك تبنيه لفكرة الحوار بين الأديان لنبذ الفرقة والكراهية بين شعوب العالم، وإشاعة الود والتعاون بين جميع المجتمعات على أساس متين من نبذ التطرف الديني ومحاربته، لم تأت فكرة الحوار بين الأديان من إملاءات خارجية أو ضغوط من أحد، وإنما هي وليدة حرصه أن يخدم أمته وينبذ العداء الذي شهدته الأمة الإسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي جعلت العالم يتهم الإسلام بالدموية والإرهاب، حرص من خلال دعوته للحوار بين الإديان ليوضح للعالم بأسره أن الإرهاب ليس مرتبطاً بدين الإسلام، وقد ساهم حوار الأديان في إزالة الكثير من الأكاذيب حول الإسلام والمسلمين، وكشف سماحة الإسلام وأنه الدين الذي ختم الله به جميع رسالاته السماوية ليخرج البشر من الظلام إلى النور.