ظلت المنطقة الخليجية تحقق انتصارات في سبيل تعاونها وإن لم تكن مقنعة في كثير منها على المستويات الشعبية الا ان الدول الخليجية الست استطاعت ان ترسم خطوط تعاونها عبر اسس اقتصادية وعسكرية وسياسية يصعب العودة عنها، لذلك فإن ما حققه مجلس التعاون خلال عقوده الماضية مهما بدا غير مقنع لشعوب الخليج الا انه وضع الاسس التعاونية بين دوله، ووضعها في مسار يمكن ان يحقق انجازات أكبر في مستقبل هذه الدول خلال ثلاثة عقود مضت استطاع اتحاد بين دول الخليج الست الصمود امام تحولات كبرى اقليميا ودوليا، ولم يكن الخليج خلال هذه المدة غير معرض للازمات ولكن المفارقة المهمة ان الخليج ظل ملتزما بصورة سياسية صمدت أمام كل المعوقات التي حدثت خلال هذه العقود الثلاثة. ظلت المنطقة الخليجية تحقق انتصارات في سبيل تعاونها وإن لم تكن مقنعة في كثير منها على المستويات الشعبية الا ان الدول الخليجية الست استطاعت ان ترسم خطوط تعاونها عبر اسس اقتصادية وعسكرية وسياسية يصعب العودة عنها، لذلك فإن ما حققه مجلس التعاون خلال عقوده الماضية مهما بدا غير مقنع لشعوب الخليج الا انه وضع الاسس التعاونية بين دوله، ووضعها في مسار يمكن ان يحقق انجازات أكبر في مستقبل هذه الدول. صمود التجربة الخليجية عمليا مرتبط بعوامل اقتصادية في المقام الأول ثم عوامل اجتماعية وثقافية ولكن العامل الاكثر ظهورا في التجربة الخليجية هو العامل السياسي الذي خلق التجربة الخليجية الوحيدة في المنطقة بأسلوب ثابت ولكنه متأن في تحقيق الانجازات استنادا الى تطلعات الشعوب التي قد ينقصها الكثير من الخبرة في معرفة آليات التعاون الخليجي بعيدا عن إعلانات قممه. التجربة العربية الاقليمية لصناعة اتحادات مماثلة لم يتحقق لها النجاح لأسباب مختلفة ولكن التجربة الخليجية في التعاون خلال العقود الثلاثة الماضية استطاعت ان تستند على قواعد تعاونية شكلت مساحة للتحرك بين دول الخليج واستنادا الى الصمود الذي حققه المجلس خلال ثلاثة عقود مضت أعتقد أن مجلس التعاون وخلال العقود القادمة سيكون أقوى منظومة سياسية واقتصادية في المنطقة. لماذا يجب أن يبقى الخليج متعاونا ومتحدا؟ هناك اجوبة كثيرة من الممكن ان نضعها في سياق الاجابة عن هذا السؤال ولكن لابد من البدء في الحديث عن المقومات الاكثر تأثيرا للخليج محليا ودوليا فدول الخليج وحدها تمتلك بحسب دراسة سابقة عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية في الكويت، "أن دول الخليج تستحوذ على نحو 45 % من الاحتياطيات النفطية في العالم، و25 % من صادرات النفط الخام، وتمتلك على الأقل 17% من الاحتياطيات العالمية المثبتة للغاز الطبيعي وفق تقديرات صندوق النقد الدولي". وهذه النسب قابلة للزيادة بشكل كبير مع تطورات اكتشاف مواقع جديدة للنفط والغاز في المنطقة. هذه الصورة الاقتصادية عن الامكانات التي تمتلكها دول المنطقة تشكل الوجه الاساسي الذي يرى العالم دول الخليج من خلاله؛ فهذه الدول بحسب احصاءات عالمية تمتلك مقومات اقتصادية ونجاحات تنموية يمكن ان تضعها في مصاف الدول المتقدمة مع منتصف هذا القرن إذا ما تم الاستمرار في ادارة هذه الثروات في تحقيق الانجازات الاقتصادية المميزة. الشعوب الخليجية بعدد سكانها الصغير نسبيا وبإمكاناتها الكبرى اقتصاديا تمتلك الفرصة لتحقيق الانجازات التنموية حيث يعتبر العامل السكاني فيها محورا رئيسا يمكن أن يتم من خلاله تسريع عملية التنمية وتحقيق الانجازات المتسارعة، على الجانب الاخر يشكل التجانس المجتمعي عنصرا مهما لسكان الخليج فعلى المستوى الشعبي تفكر الشعوب الخليجية بأسلوب مماثل للقيادة السياسية من حيث الرغبة في الابقاء على الصورة الأساسية التي بنى عليها القادة الاوائل مجلس التعاون. السمة السياسية الاهم التي تجمع هذه الدول الست هي التشابه الكبير من حيث نماذج الادارة السياسية في هذه الدول حيث تشترك هذه الدول في صيغة سياسية شبه متماثلة من حيث الشرعية السياسية وطبيعة العلاقة بين الشعوب والحكام بالإضافة الى تماثل كبير في التركيبة السكانية والتركيبة الاقتصادية. السؤال الاعمق هنا في فكرة التعاون الخليجي يقول: ما الذي يمكن أن يؤثر في بقاء الخليج متعاونا...؟ في الحقيقة هناك مقاومة كبرى من دول الخليج ومن شعوبها لضمان استمرار هذا التعاون وابقائه موجودا على الخارطة السياسية للمنطقة بكل تفاصيلها ويمكن مشاهدة ذلك من خلال التسارع في تقليل فجوة الاختلاف بين دول المنطقة في حال حدوثها وهذا مؤشر على أن الصمود لمجلس التعاون بعد هذه العقود سيكون عاملا مهما في تخفيف حدة أي توتر قد يحدث بين أعضائه مستقبلا. في قضية الامن القومي للدول الخليجية ايضا يشكل مجلس التعاون الخليجي مصدر قوة لفرض سياسات مشتركة بين دول المجلس سواء على المستوى المحلي او الدولي وهذا ما لا تستطيع دولة منفردة بين الدول الست عمله وقد اثبتت تجربة احتلال الكويت قدرة هذا الجانب المختص بالأمن القومي على مقاومة اكبر ازمة سياسية تعرضت لها دول الخليج. ولكي يبقى الخليج متعاونا ومتحدا فيجب قراءة التأثيرات التي يمكن ان تلعب دورا بارزا في تغيير الوجهات السياسية، واعتقد أن صعود الاسلام السياسي عامل سياسي مهم لقراءة المنطقة الخليجية وخاصة بعد الثورات العربية وبالنظر الى الطبيعة الفكرية والتراثية لسكان الخليج فإن حدوث التماس بين تلك الشعوب وبين مخططات الاسلام السياسي قد يربك الحراك الاجتماعي بجوانبه الفكرية والثقافية في الخليج وخاصة عندما يختلط الهدف الديني العقائدي الصافي بغض النظر عن منطلقاته المذهبية مع مسارات الاسلام السياسي. الشعوب الخليجية ليس لها تجربة حزبية وتنظيمية في مجال الاسلام السياسي ولكنها سوف تظل وبحكم طبيعتها الدينية بحاجة الى تعزيز ثقافي وفكري لا يسمحان للإسلام السياسي باختراق البنية الفكرية لديها لان ذلك وإن حدث سوف يربك الشكل السياسي الحالي للمنطقة وخاصة أن شعوب المنطقة الخليجية اعتادت على نمطية علاقة ايجابية بينها وبين مؤسساتها السياسية القائمة. فبعد الثورات العربية ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن العنصر الاهم الذي تم استخدامه لكسب الشعوب الخليجية كان محورا فكريا مغلفا بالتراث الديني لأبناء المنطقة وهذا ما كان مفاجئا للكثير من القيادات السياسية في المنطقة لذلك ولكي يحمي الخليج نفسه ويحافظ على تعاونه فيجب حماية السياسات الخليجية وشعوبها الخليجية من تأثيرات الاسلام السياسي في المقام الاول لأن عدم حمايتها سوف يشكل عاملا سلبيا في إضعاف التماسك بين دول الخليج.