مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر بينت الترتيبات الأمنية التوجس الذي يسكن السلطة من الذهاب نحو وضع غير محمود يوم الاقتراع قد يدخل البلاد مجدداً في دوامة عنف لا يريده قطاع واسع من الجزائريين الذين عايشوا العشرية السوداء ( 1991- 1999). وتتحدث السلطات الأمنية عن مخطط محكم تم إعداده لتأمين ذهاب الجزائريين نحو صناديق الاقتراع للتصويت لأحد المترشحين الستة لكرسي قصر المرادية، وهم الرئيس المترشح عبدالعزيز بوتفليقة، وعلي بن فليس، ولويزة حنون، وموسى تواتي، وعبد العزيز بلعيد، وفوزي رباعين. وتشير الأرقام الرسمية عن تجنيد 124 ألف شرطي، و130 ألف دركي يوجدون في حالة تأهب لتأمين 4584 مركز تصويت و 577 مكتب اقتراع عبر الولايات ال 48 للبلاد، وهو تأمين غير مسبوق للرئاسيات يجد مبرره في لغة التهديد والوعيد التي طبعت خطابات بعض المترشحين الذين هددوا بقلب الشارع في حال شاب الاستحقاق التزوير على رأسهم رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، غريم بوتفليقة الأول، الذي كرّر في عدد من تجمعاته الشعبية أنه "لن يسكت هذه المرة عن حقه وأن لا أحد يمكنه سرقة أصواته". وحذّر الجيش من جهته من مغبة الدفع بالبلاد نحو الانزلاق وقال العدد الأخير من مجلة "الجيش" لسان حال وزارة الدفاع الوطني أن الجيش سيلتزم "بصفته مؤسسة دستورية بتأمين الانتخابات بما يسمح للمواطنين بتأدية واجبهم الانتخابي بكل طمأنينة لاختيار الرئيس المناسب بكل شفافية". وردّت المجلة بشكل واضح وصريح على الرسائل والتصريحات التي دعت فيها أسماء سياسية وعسكرية هامة في الجزائر الجيش للتدخل في الشأن السياسي بل وشكّكت في نواياها عندما راحت تتحدث عن "أغراض خبيثة ومآرب أعداء" وعن "ظرف محفوف بالمخاطر والتهديدات من مختلف الجهات" تستدعي حسبه من كل "القوى الوطنية أن تلتف حول المصالحة العليا للوطن" ما يعني أن الجيش يفضل البقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية للتفرغ لمهامه الدستورية وهي حماية البلاد والشعب. ودفع خطاب التهديد الذي شهدته الحملة الانتخابية التي دامت 21 يوما بالرئيس المترشح عبدالعزيز بوتفليقة الذي نشّط 6 وزراء من أقرب رجالاته حملته الانتخابية بدلا عنه إلى الخروج عن صمته والتعبير عن قلقه من الدعوات التي يطلقها المقاطعون للرئاسيات، وكذا غريمه المترشح الحر علي بن فليس، بالنزول إلى الشارع في حال ثبت التزوير في الصناديق، وظهر بوتفليقة في التلفزيون الرسمي العمومي لدى استقباله وزير خارجية إسبانيا جوسيه مانويل جارسيا مارجالو والمبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي وهو يتناقش مع ضيوفه بشأن أجواء الحملة الانتخابية ويتحدث عن "دعوات الفتنة والتدخل الأجنبي ولغة التهديد"، ويتساءل: "أهذه فتنة أم ثورة أم ربيع؟ أهي في فائدة الشعوب؟".