تُصرّ "سوزان" على شراء مستلزماتها من شنط وملابس ومفروشات من أرقى محال بيع "الماركات" وأفخم بيوت الأزياء، وتحرص عادةً على أن يكون ذلك من الشركة الأم مهما كلفها الأمر، وقد تستدين لتشتري "حقيبة" بقيمة تتجاوز (2000) ريال نزلت حديثاً إلى الأسواق، فالمهم هو أن تقتني حاجياتها بأغلى الأثمان، والمشكلة أنَّ زوجها يشاركها هذا الهوس، فهو يرفض عادةً شراء أيَّ منتجات غذائية نزلت حديثاً إلى السوق مهما غلا سعر المنتج الذي اعتاد على شرائه، إذ يرى أنَّ سر استمرار البضاعة التي لها باع طويل في السوق يعود إلى جودة المواد التي صُنعت منها منتجاتها وأنَّ غلاء سعرها لا يُبرِّر استبدالها بمُنتج آخر. وفي ظل غلاء الأسعار التي تشهدها المنتجات الاستهلاكية والكمالية بات لزاماً على المستهلك أن يبحث عن الخيار الأفضل بالبحث عن المنتج البديل الذي لا يقل غالباً في جودته عن المنتج الأصلي، وربَّما ساعد هذا التوجه على الحد من زيادة الأسعار التي طالت المنتجات ذات العلامة التجارية التي اعتاد العديد من أفراد المجتمع على شرائها، إذ ساهمت صورتها الذهنية والعادة على ترسيخ هذا المفهوم، وقد نجد حينها أنَّ هناك من يحرص على شراء مُنتج ما بعينه؛ لأنَّه يرى أنَّه الأفضل، وقد يسري الأمر على مختلف المنتجات الأخرى التي يحمل بعضها علامات تجارية معروفة، ومن ذلك بعض "الشنط" والأحذية التي أصبح امتلاكها رغم ارتفاع سعرها من مصدر الشركة الأم هو الحلم الذي يداعب مخيلة مُحبّي الظهور الاجتماعي، على الرغم من وجود منتجات أخرى بديلة بأسعار معقولة. ويجهل بعض أفراد المجتمع أهمية الاعتماد على البدائل، التي من أبرزها أنَّه سيتمكن من توفير ما نسبته (30%) من المصروفات الشرائية، كذلك سيُشكل ذلك ضغطاً على التجار من خلال بقاء بضاعتهم -مرتفعة السعر- في المستودعات، الأمر الذي سيجعلهم يعملون على خفض هامش الربح؛ من أجل أن يتمكنوا من تصريف السلع دون خسارة. عبير الماحي متغيّرات اقتصادية وقالت "عبير الماحي" -إعلامية-: إنَّ المنتج الذي نستخدمه لأول مرة عادةً ما ينال ثقةً يصعب التنازل عنها، مضيفةً أنَّنا قد نخشى أحياناً تجربة غيره حتى في حال ارتفع سعره، بيد أنَّه قد تجبرنا المتغيرات الاقتصادية وارتفاع الأسعار في بعض الأحيان إلى أن نبحث عن البديل، موضحةً أنَّه قد يحدث ارتفاع في أسعار المنتجات، وبالتالي يصبح لدى المستهلك حالة من الضجر فيقرر حينها اللجوء إلى البديل عبر انتقاء الأفضل والأجود، مضيفةً أنَّ مما يُسهِّل الأمر أنَّ السوق لدينا مفتوح ويوجد به أكثر من بديل، مشيرةً إلى أنَّ المهم هنا هو كيفية انتقاء البديل حتى إن كان سعره منخفض الثمن، مبينةً أنَّ المشكلة الحقيقية هي أنَّه حينما نثق في منتج ما، فإنَّنا نعتمد على شراء كافة منتجاته من شركة واحدة؛ لأنَّ لدينا في هذه الحالة ثقة في اسم الشركة ولا مانع أن ندفع زيادة في مقابل الحصول على المنتج. شراء المنتجات البديلة يُعد حلاً لمواجهة ارتفاع الأسعار اختيار الأفضل وأوضحت "عبير الماحي" أنَّنا قد نضطر أحياناً إلى شراء منتجات بديلة، خصوصاً مع ارتفاع الأسعار عالمياً، مضيفةً أنَّه يجب علينا أن نتعلم كيفية اختيار البديل الأفضل ليس على مستوى المواد الغذائية فحسب، بل حتى على مستوى المواد الضرورية الأخرى، مشددةً على ضرورة أن نُرسِّخ ثقافة البديل لدى النشء، خصوصاً من قبل الأمهات في البيوت، مشيرةً إلى أنَّ هناك مواد تقليدية من الدرجة الأولى، بيد أنَّ هناك من يريد أحياناً أن يدفع تكلفة المنتج مقابل الحصول عليه من الشركة الأم، ذاكرةً أنَّ البعض قد يعتقد أنَّ البديل فيه تقليل من شأن الإنسان وهذا مفهوم خاطئ، متسائلةً عن عدم جدوى شراء البديل طالما أنَّ الرقابة على البضائع مرتفعة بشكل كبير، مشددةً على أهمية تعلّم كيفية انتقاء البديل الأفضل وتجربة أكثر من سلعة بشكل عام، على أن لا ينتظر الشخص إلى أن تجبره ظروفه المادية الصعبة على البحث عن البديل. عصام خليفة اعتمادك على «البديل» يُقلل مصروفاتك الشرائية ويضغط على «التجار» في خفض هامش الربح حماية المستهلك وأكد "عصام خليفة" -عضو جمعية الاقتصاد السعودية- على أنَّ أسعار السلع الكمالية والضرورية بمختلف أنواعها تشهد ارتفاعاً متسارعاً في السوق المحلية، مضيفاً أنَّ الأسعار قفزت خلال الأعوام الأخيرة بنسبة تفوق (100%)، مبيّناً أنَّ هناك أسبابا كثيرة وراء ارتفاع الأسعار، ومن أبرزها ضعف دور الجهات المعنية في حماية المستهلك، مرجعاً ذلك لضعف إمكاناتها المادية والبشرية، مضيفاً أنَّ بعض التجار المحتكرين لبعض السلع استغلوا هذا الضعف بدليل أنَّ أسعار معظم السلع ارتفعت، وبالتالي فإنَّه يصعب انخفاضها حتى في حال انخفضت أسعار "النفط"، مؤكداً على أنَّ أسعار المنتجات الاستهلاكية ستظل معلقة في سماء ارتفاع الأسعار، مُبيّناً أنَّ بعض التجار يتحايلون ويُبرّرون عدم القدرة على خفض الأسعار بأسباب غير مقنعة، ومنها ارتفاع أسعار التأمين والشحن. انتشار ثقافة البديل يُقلل من المصروفات الشرائية قوة شرائية ولفت "خليفة" إلى أنَّ هذه الارتفاعات أدت إلى انخفاض القوة الشرائية للريال السعودي بما يقارب (50%)، مضيفاً أنَّ ذلك نتج عنه انخفاض الدخل الحقيقي للفرد نتيجة ارتفاع الأسعار؛ مما سيؤدي إلى حدوث العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية على المدى البعيد، مبيّناً أنَّه -على سبيل المثال- سيكون هناك خلل في توزيع الدخل بين أفراد المجتمع نتيجة إفادة بعض الأفراد -كالتجار مثلاً- من ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أنَّ الجهات المعنية ظلت عاجزة عن إيجاد الحلول؛ لأنَّها تبحث عن مبررات ارتفاع الأسعار ولا تبحث عن الحلول، مضيفاً أنَّ الحل يكمن في الوعي، موضحاً أنَّ العديد من وسائل الإعلام حققت بعض النجاحات في مقاطعة العديد من المنتجات الأجنبية، ومع ذلك فإنَّ دورها يبقى ضعيفاً في خفض الأسعار، متمنياً أن تكون هناك حملة لاختيار السلعة البديلة الجيدة. وبيّن أنَّ المواطن سيجني فوائد كثيرة حينما ينجح في اختيار البديل الجيد، ومن أبرزها أنَّه سيتمكن من توفير ما نسبته (30%) من المصروفات الشرائية، فبدلاً من أن يشتري ب (1000) ريال -مثلاً-، فإنَّه سيشتري ب (700) ريال، مضيفاً أنَّ الفائدة الأخرى هي أنَّ التجار من الممكن أن يتفاعلوا مع الحملة ومن ثمَّ يعملون على خفض هامش الربح؛ من أجل أن يتمكنوا من بيع بضائعهم. عادات شرائية وأكد "خليفة" على أن ذلك سيُحدث تغيرا في عاداتنا الشرائية، فبدلاً من أن أشتري سلعة ما، فإنني سأتخلص من هيمنة التجار عبر توفر البديل الجاهز، وبالتالي فإنَّ ذلك سيجعلني اعتمد على نفسي في الاختيارات وأحميها من التجار، مضيفاً أنَّ البعض يخطئون حينما يتمسكون بشراء منتج بعينه متناسين أنَّ السوق يزخر بوجود العديد من البدائل المناسبة، ناصحاً بشراء هذه البدائل حتى لو بفارق في السعر يصل إلى ريال واحد، مشدداً على أنَّ السعر المرتفع للسلعة ليس دليلاً على جودتها في كل الأحوال، مشيراً إلى أنَّ الشركة المنتجة قد تخسر مبالغ كبيرة في الدعاية عنها، وبالتالي تتمكن من تعويض خسائرها عبر رفع ثمنها في السوق، مبيّناً أنَّ المستهلك في هذه الحالة هو من يدفع قيمة الإعلان، لافتاً إلى أنَّ شركة المنتج البديل تعتمد على تقديمه للسوق مباشرةً دون أن تدفع الكثير للتعريف عنه بواسطة الدعاية له، وبالتالي فإنَّها تبيعه بسعر أقل. د. حبيب الله تركستاني ثقة المستهلك وقال "د. حبيب الله تركستاني" -اقتصادي-: لا بدّ من أن تلعب الشركات البديلة دوراً أكبر لكسب ثقة المستهلك، إذ أنَّ البدائل موجودة ومتوفرة في الأسواق، ولا بد أن يتأكد المستهلك من أنَّ المُنتج البديل في كثير من الأحيان يكون أفضل من المنتج الأصلي، مضيفاً أنَّه يجب أن يكون سلوك المستهلك رشيد وأن يرضى بما هو موجود، موضحاً أنَّ البدائل الجيدة متوفرة بيد أنَّ القصور قد يكون من قبل الشركة المُنتجة التي لم تؤد دورها المطلوب في تعريف المستهلك بأهمية البديل وقوته ومنافسته للمنتج الأصلي الشبيه له. غلاء الأسعار يجب أن يكون سبباً في تغيير العادات الخاطئة وأضاف أنَّ المُنتج البديل قد يكون أفضل بيد أنَّه لم يحظ بالاهتمام المنتظر، موضحاً أنَّ المنتج قد يكون أحياناً علامة تجارية قديمة حازت على رضا الجمهور، مبيّناً أنَّ المستهلك يبحث دائماً عن البديل؛ وذلك لعدم توفر المُنتج الأصلي أو لهيمنة العلامة الفارقة، مؤكداً على أنَّ عدم وجود البديل يعني وجود مشكلة اقتصادية ونقص في العرض وزيادة في الطلب وارتفاع في الأسعار، وبالتالي نشوء سوق سوداء.