تقدمت "روان" بدعوى قضائية ضد والدها؛ بسبب عضله لها سنوات عدة حتى بلغت (37) عاماً من دون زواج، مبرراً ذلك بتخوفه من فقدان راتبها الشهري حين زواجها، وكذلك عدم وجود من يخدمه في غيابها، ففي كل مرة يطرق بابها رجل يتكرر "سيناريو" الرفض من قبل والدها الذي لا يقبل النقاش في هذا الموضوع، حتى شاء الله أن تلجأ إلى القضاء كي ينصفها من جور والدها، وتحصل على كافة حقوقها بمساعدة شقيقها الأصغر، إلاّ أنه بعد عدة جلسات تفاجأت بتخلي شقيقها عنها خوفاً من والده الذي هدده بحرمانه من الميراث؛ لتجد نفسها وحيدة بلا سند، حاولت أن تكمل الطريق بمفردها، لكن تهديدات والدها وشقيقها أعادتها إلى "نقطة الصفر"، كي تتخلى عن حقها وتعود إلى سجنها وسجانها!. وتختلف القصص من امرأة إلى أخرى، ويبقى الحق ضائعاً بسبب الخوف أو الجهل أو عدم الإنصاف من الأقارب، وهو ما يتطلب تفعيل مكاتب المحاماة النسائية والاستشارات القانونية والشرعية، حيث ستسهم في توعية المرأة وتعريفها بما لها وما عليها، كذلك لابد من وجود هيئة رقابة تنظر أسباب تأخير مواعيد القضايا؛ لأن المرأة أخشى ما تخشاه هي الفترة ما بين تقديم الادعاء والنطق بالحكم، فالحاصل أن من يبتزها لا ينجح في تنفيذ تهديداته غالباً إلاّ في الفترة الفاصلة بين النظر في القضية وحتى النطق بالحكم، مما يجعلها تقع في حرج وتضعف قوتها فتستسلم. "الرياض" ناقشت بعض النساء وبعض المسؤولات وكذلك القانونيون عن أسباب تخلي المرأة عن حقها، وحمايتها من الابتزاز. سارة الدوسري حق واضح وقالت "سارة الدوسري" -طالبة جامعية-: إن المرأة لم تعد كما في السابق، ويجب أن تعي هذا الشيء جيداً، فهي الآن قوية بحقها وبما كفلته لها الشريعة والنظام، ويجب ألاّ تسمح لمن يبتزها بالانتصار على حقها، فالأزمات لا تستمر، مضيفةً أن القضاء لا يردع المتحايلين على القانون، وعادةً ما يكتفي بتعهد خطي على من يُهددها، فالقوانين موجودة لكن التنفيذ بطيء؛ بسبب المماطلة في حضور الجلسات، مما يعني طول فترة مواجهة خصمها، مؤكدةً على أن أغلب قضايا المرأة تكون في الأحوال الشخصية، مُشددةً على أهمية تخصيص محاكم لتلك الأحوال؛ للنظر في قضايا المرأة وحمايتها. قضايا في المحاكم انتهت فجأة من دون سبب أو مراجعة أو حتى بحث عن النتائج ممارسة التجارة وروت "البندري القحطاني" -سيدة أعمال- قصتها حتى تمكنت من العمل في تجارتها، قائلةً: نجحت في الاستمرارية وتكوين اسمي رغم ما تعرضت له من إخواني، حيث حاربوني في البداية وحاولوا منعي بعد أن شاهدوا نجاحاتي، وبعد عدة محاولات باءت بالفشل قررت أن أحصل على حقي في العمل بالصمت، فبدأت أمارس تجارتي دون أن أحكي أو أحتفي بأي منجز وبمساعدة من والدتي التي كانت لي العون ومصدر القوة، مضيفةً أن المرأة مهما كانت قوية ستواجه المحبطات في حال طالبت بحقوقها، فهناك قيود مجتمعية تستنكر جرأة المرأة لأنها تحركت لتنتصر لنفسها، مبينةً أن المرأة في حال تقدمت بشكوى ضد خصمها لا يجب عليها التراجع مهما كلف الأمر؛ لأنها لن تخسر أكثر مما خسرت، فتراجعها عن قضيتها سيجعلها أضعف من السابق، مؤكدةً على أن المرأة هي القادرة على إنصاف نفسها، ولن تحصل على حقوقها طالما لم تكن ذكية وقوية وملمة بما لها وما عليها. أم جود واتفقت معها "أم جود" -سيدة أعمال-، قائلة: يجب على وزارة العدل أن تعين المرأة للحصول على حقها، وأن تعين دوائر متابعة لمعرفة أسباب انسحاب القضية من قبلها، لتقف معها وتساندها وتحميها من أي جور قد يقع عليها، حتى تحصل على حقها، مضيفةً أن المرأة يجب أن تكون ذكية ومجاهدة، وأن تكسب عدداً من الأشخاص حولها في حال رغبت برفع قضية، لتضمن الاستمرارية والقوة. ندى الطياش توعية المجتمع وشدّدت "ندى الطياش" -موظفة في جامعة الأميرة نورة- على أهمية التوعية في المجتمع، وأن يعي الجميع أن الحقوق تؤخذ ولا توهب، فصوت المرأة بدأ يعلو وأصبح هناك اعتراف باستقلاليتها وأن يكون لها بطاقة هوية وطنية خاصة، تُعرِّف بها عن نفسها لتشعر بكيانها، مضيفةً أنه لا يزال هناك من المحبطين ممن يتوقع أن لديهم صلاحية الوصايا على المرأة، مبينةً أن بعد هذه المكانة التي وصلت لها المرأة يجب ألاّ تسمح بمن يبتزها أو يتعرض لها، وألاّ تتوانى في الحصول على حقوقها وواجباتها، ذاكرةً أنه يجب على الجهات الحكومية والرسمية والجمعيات الخيرية والقانونية توعية المجتمع، خاصةً الطفل، لنضمن الحصول على مجتمع واع بحقوقه وواجباته، متأسفةً على أن المرأة هنا تُحارب ولا تعلم من خصمها، بل ولا يوجد من ينصفها من العدو المجهول -حسب قولها-، وفي حال حاولت أن تنتصر لنفسها ستجد والدها وزوجها وأشقاءها أول من يعاديها!. حرج وضعف وأوضحت "لاما العدالة" -قانونية- أن بعض أفراد المجتمع يبتز المرأة المطالبة بحقوقها خوفاً من وعيها حتى تتنازل، مضيفةً أن المرأة المطالبة بحقها غالباً مظلومة، متأسفةً على أن المحيط بها لن يقف معها، بل سيحاول بكل ما أوتي من قوة أن يثنيها كي لا "يشوشرون" على أنفسهم، غير آبهين بالظلم الذي تتعرض له، لافتةً إلى أن من يبتز المرأة لا ينجح في تنفيذ تهديداته غالباً إلاّ في الفترة الفاصلة ما بين النظر في القضية وحتى النطق بالحكم، مما يجعل المرأة تقع في حرج وتضعف قوتها فتستسلم. الجوهرة الفراج وأشارت "الجوهرة الفراج" -وكيلة إدارة متابعة ورقابة وأكاديمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- إلى أن المرأة يجب أن تكافح لأخذ حقوقها، ولا تلتفت إلى المحبطين، مضيفةً أنه قد يكون أحد الأسباب تقاعسها، حتى وإن نفذوا تهديداتهم يجب أن تثق بالقانون وتستمر، مُشددةً على ضرورة إيجاد هيئة متابعة ورقابة للقضايا في كل محكمة لمتابعة القضايا والنظر في أسباب الانسحاب من قبل المرأة، وكذلك النظر في حيثيات القضية، وأن يكون هناك هيئة رقابة لتنظر أسباب تأخير مواعيد القضايا؛ لأن المرأة أخشى ما تخشاه هي الفترة ما بين تقديم الادعاء والنطق بالحكم. د.محمد المقرن حق محفوظ وتحدث "د.محمد المقرن" -أستاذ الأنظمة القضائية-، قائلاً: إن الدافع الأساسي خلف استسلام المرأة وعدم مطالبتها بحقها هو الخوف غير المبرر ممن ظلمها ومن المجتمع بصفة عامة، فالشرع والنظام جعل لها الحق في المطالبة ولا أحد يستطيع أن يحرمها من هذا الحق، وحقها محفوظ، وتنازلها عن حقها أو سحبها القضية من أروقة القضاء أو استجابتها لأي ابتزاز هو نتيجة جهلها القانوني والثقافي، مُشدداً على أهمية عدم تراجع المرأة ومهما خسرت خلال فترة الانتظار ستعاود الحصول عليه بعد الحكم، مبيناً أن المرأة يجب أن تعرف وتطلع على حقوقها، وأن تعرف ماذا تطالب وفيما تطالب وكيف تحصل على حقوقها ولا تستجيب لأي تهديد؛ لأننا في دولة تطبق الشريعة وتعطي الحقوق ولا تسلبها، وطالما عندها مطالبة مشروعة يجب أن تمضي بها دون أن تخاف. تسريع المواعيد وأكد "د.المقرن" على أن جميع أنظمتنا تكفل للجميع الحرية والحصول على الحقوق، ولا يوجد خلل بالتنفيذ أو التشريع، فجميع الأنظمة صيغت بما يحفظ حق الفرد بشكل عام سواء امرأة أو رجلا، بل لم تفرق الأنظمة بينهما، كما أن نظام التنفيذ الصادر أخيراً يساعد في تفعيل وتطبيق الأحكام المنصفة للمرأة والرجل على حد سواء، مضيفاً أن تفعيل محاكم الأحوال الشخصية وتسريع المواعيد يُسهم في تسريع القضايا التي غالبيتها للنساء، ذاكراً أن وزارة العدل تمضي في هذا الموضوع وتعمل على تقليص مدة الجلسات لتسريع الحكم وحصول كل ذي حق على حقه، موضحاً أن تفعيل مكاتب المحاماة النسائية والاستشارات القانونية والشرعية سيسهم في توعية المرأة وتعريفها بما لها وما عليها، لافتاً إلى أنه يجب على المرأة ألاّ ترضخ لأي ضغوطات خارجية وأن تستمر بدعواها إذا انتهك حقها، إلى جانب توعيتها قانونياً، وإذا تعرضت لابتزاز يجب أن تصمد وتواجه وتؤمن بأنها على حق وستأخذ حقها.